رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

أبشروا.. صندوق النقد مبسوط

الفلاحون فى مزارعهم ينتظرون، والعمال على ماكينات مصانعهم يبتهلون، والطلاب فى جامعاتهم يرفعون أكف الضراعة، والبسطاء على المقاهى الشعبية يدعون المولى عز وجل أن يحن علينا الصندوق.


ما من إنسان على أرض مصر إلا وكان ينتظر موافقة الصندوق، الغلابة فى مصر المحروسة باتوا يعرفون صندوق النقد الدولى ويتابعون اجتماع لجانه الفنية، وينتظرون بفارغ الصبر قراره المصيرى.


تنفسنا الصعداء فها هى الأنباء تزف إلينا نبأ ضخ أول مبلغ من ديون جديدة تضاف على فاتورة الدين الخارجى المرعبة، نعم تنفسنا الصعداء، لأن صندوق النقد وافق على حزمة جديدة من القروض.


ولم يسأل أي منا صغيرا كان أو كبيرا، مواطنا عاديا أو مسئولا، وزيرا أو غفيرا وماذا بعد أن يضخ البنك الدولى بعض الدولارات فى شرايين اقتصاد أنهكته فوضى القرارات؟ وماذا بعد موافقة الصندوق؟ وماذا سنفعل بما هو آت من قروض؟ هل سنبنى عددا لا بأس به من الكبارى؟ هل سنعبد طرقا أخرى أو محاور؟ 


كنا نغنى ونزف للصحراء بأن المهندس قادم ليرويها بعيون المياه العذبة، ويزرع وردا وقمحا وغلة، وكنا نزف إلى الناس افتتاحات مصانع تكفى حاجتنا من سؤال اللئام، وكنا نغنى للأشجار الباسقة فى صحارينا فإلى ماذا نغنى اليوم؟

الاستثمار والصناعة


هل لدى السيد الأستاذ الدكتور مصطفى مدبولى إجابة على سؤال يتردد صداه: ماذا بعد هذا القرض؟ هل فكرنا فى أولويات المرحلة القادمة؟ وهل نستمر فى إسراف بات إيقافه ضرورة وطنية ومهمة إجبارية؟


هل نغير بوصلة الأولويات لإنتاج الدولارات بدلا من اقتراضها؟ هل فكرنا كيف فشلنا فى إقناع المصريين بالخارج بملف سيارة لكل واحد منهم، وهل فكرنا كيف باتت قوانيننا عثرة فى طريق الاستثمار؟


هل فكرت المجموعة الاقتصادية فى الحال المستحيل الذى طارد الاستثمار، وجعل مجرد القدوم إلينا مغامرة محفوفة بالمخاطر، وباتت دول أقل منا وجهة استثمارية جاذبة؟. هل يعترف السيد رئيس الوزراء ورفاقه فى الوزارة بخيبة الأمل التى تنتظرنا؟ هل فكر سيادته وزملاؤه فى مجلس الوزراء فى حالة الإحباط التى تحيط بالناس.. كل الناس أغنيائهم وفقرائهم.


هل فكر سيادته وتدبر فى أسباب عزوف الاستثمار الأجنبى عن القدوم إلينا، وهل فكر فيما فعلناه فى القطاع الخاص، وهل فكر سيادته فيما آلت إليه الظروف وأسباب ذلك؟ وهل فكر رئيس الوزراء طوال فترة وجوده كم مشروع صناعى قام سيادته بافتتاحه؟ وهل تدارس مع رفاقه فى المجلس الموقر أحوال مصر بعد ثلاثة أشهر؟


هل تدارس فيما يمكن أن نصل إليه بعد شهور قليلة، ونحن نذبح صناعة الدواجن فى مصر ذبحا بسكين حامية؟ وهل تدبر فيما سنصل إليه بعد ضياع القرض الجديد فى مشروعات لا تدر لبنا؟!


«البلد رايحة على فين» هذا هو السؤال الذى نواجهه جماعات وأفرادا، مواطنين ومسئولين دون أن يكون لدى كبيرنا أو صغيرنا إجابة شافية.. الكل يترقب لحظة لا نتمنى أن تأتى. سرنا فى طريق واحد طول سنوات مضت، وحققنا إنجازات جرفها الإصرار على أولوية واحدة..  القصة ليست بحاجة إلى خبير أو عالم أو «ضليع» فى علم الاقتصاد.


أوقفوا سيل الإنفاق على مشروعات لا تدر منتجا حقيقيا، فالدول تختلف عن المقاولين، والدول التى تريد استقلال حقيقيا، لابد وأن تتوقف عن الإسراف وتفتح المجال لكل صاحب رأى وفكر وخبرة ليبنى بلده.


دعوا الناس تشارككم فى تجربة لن يجنى ثمارها تمرا كان أو نارا إلا الناس.. اتركوا من لديه إرادة فى العمل يعمل ولا تقفوا له بالمرصاد.. افتحوا المجال أمام شعب قاد بلاده فى كل النكبات إلى الأمام.
ثقوا فى الناس وتراجعوا أنتم بعض الشيء.. نحوا شارات الوصاية واعلموا أن لدينا شعبا عظيما وقادرا على تحمل المسئولية، وهزيمة ٦٧ أكبر دليل وأعظم درس.

Advertisements
الجريدة الرسمية