رئيس التحرير
عصام كامل

يوم مع المنظومة الإلكترونية.. بلاغ لرئيس الحكومة!

أسعدته- كمواطن وكمخاطب بقرارات وزير المالية الأخيرة- أنباء تأجيل منظومة الفاتورة الإلكترونية.. لكن بعد فحص وتمحيص وتدقيق في الأخبار والنشرات فهم أن التأجيل للأفراد وليس للشركات.. ورغم أن شركته برأس مال أقل من عشرين ألف جنيه لكنه أراد الالتزام بالموعد المحدد للاشتراك اقتناعا منه بحق المجتمع في تحصيل الضرائب من الجميع!


توجه -بعد حصوله على إجازة من عمله وبعد أن قام بتوصيل ابنه الي مدرسته وطفله إلى حضانته-  إلى مبني الضرائب العامة ليستخرج الأوراق ويعود قبل الواحدة والنصف ليصطحب ابنه من المدرسة.. هناك في شارع حسين حجازي المتفرع من القصر العيني حيث مقر المصلحة.. رجل أمن يقف ينظم عملية الدخول.. ما شاء الله. النظام عمل جيد ورائع.. 

 

سأله عن نوع الخدمة التي يريدها.. ما شاء الله.. هذا هو العمل المحترم.. توزيع الخدمات على مكاتب وموظفين يمكن أن يساهم في إنجازها أسرع من العمل غير المنظم غير المتخصص.. أبلغه أنه يريد الاشتراك في منظومة الفاتورة الإلكترونية.. انتظر رقمه أن يخرج من أي ماكينة أرقام  كتلك التي بالبنوك.. لكن كيف والمكان لا يوجد به جهاز واحد حتى ولو لمهام أخرى غير تنظيم الدور.. 

 

المهم. وجد رجل الأمن يمسك بالقلم ويعطيه رقمه في الدور.. إنه رقم ٧٠! كام؟ ٧٠؟ أيوة.. فرح جدآ لأن هذا معناه زحف جماهيري هايل للالتزام بالموعد المحدد وهو يوم ١٥.. ما شاء الله.. الله الله علي أولادك يا مصر وحبهم للبلد.. ابتسم وسأل رجل الأمن: انا رقمي سبعين.. الساعة الان ٩.. أكيد في خلال ساعة العمل الماضية وصلنا لـ ٦٥ صح هههه؟!  

 

رد رجل الأمن بابتسامة ذات مغزى: اطمئن.. إن شاء الله كل خير.. قال: ايوة يعني قدامي كام واحد.. علشان بس أعرف.. لأن لسه عندي زيارة للتأمين الصحي وعندي زيارة لنقابتي وعندي ابن في الحضانة. رد رجل الأمن: اطمن.. كله هتعمله النهاردة.. وممكن تخلي الرقم معاك وتعمل الحاجات دي وترجع.. قال: هلحق؟ رد رجل الامن: ايوة.. شغالين لحد الساعة ٣ يا استاذ. ولا حد يقدر يمشي قبلها بثانية.. 

روتين وبيروقراطية

 

قال: ممتاز.. لكن برضه أحب اعرف.. وصلنا لرقم كام؟ قاله الحمد لله النهاردة الشغل ماشي.. اعتقد الرقم فوق عدى الـ ١١ !!! قال: كاااام ؟! ١١ إيه؟!  ساعة وربع في ١١ واحد بس؟! رد الأمن: بقولك خلص كل اللي وراك وتعالى!


كان عليه أن يذهب للتأمين الصحي.. عيادة شبرد قريبة والحمد لله.. والنقابة ليست بعيدة.. المشكلة في أنه كيف سيعود إليهما وهما بالقرب من البيت؟! لا مفر.. ليس مهما التأمين.. تكفي النقابة.. لا الصحة أهم من الكارنية الجديد.. وبالفعل ذهب إلى التأمين الصحي.. زحام يتفوق على الضرائب.. ومع ذلك ليست هذه هي المشكلة.. المشكلة في عدم حضور الاستشاري حتى الآن.. 

 

ما قلنا النقابة أهم.. وقد كان.. وبلغت الساعة الثانية عشر وبالتالي عليه أن يعود لابنيه.. الوقت ما زال طويلا حتى الثالثة.. ولكنه خشى أن ينطلق الدور فجأة وتنتهي الطلبات ويغادر الموظفون المختصون المكان. اتصل بزوجته تذهب إلى الحضانة وهو إلى المدرسة وكل منهما يتسلم إبن.. وبالفعل.. تسلم ابنه من المدرسة الإبتدائية ولكن ليس هناك وقت ليعيده إلى البيت والحل ان يصطحبه معه إلى الضرائب.. 

 

وهناك.. الله الله على النظام.. وصلنا للدور رقم ٦٥.. هانت.. لم يزل الوقت متاحا.. أبلغه رجل الأمن أن أمامه شخص واحد ويمكنه الصعود إلى المبني ليجلس أمام الشباك بدلا من الشارع.. وبالفعل صعد ومعه ابنه فمن الصعب تركه في السيارة.. خصوصا أنه وجد مكانا بعيدًا لركنها.. 


أربعة كراسي فقط أمام شباك الموظف المختص.. فهم الآن لماذا يقفون ينتظرون دورهم في الشارع.. هانت.. لحظات ويكون معه ما يثبت اشتراكه في المنظومة.. إنه الآن التزم بالقانون وبنصائح وزير المالية.. صوت الموظف يقول: رقم سبعيييين...ترك ابنه مكانه على المقعد وتقدم.. 

 

أدرك سر التأخير والزحام.. موظف واحد للمنظومة! واحد فقط والباقي في باقي المهام من سجل تجاري وكافة الأوراق الأخرى.. وبعد مطالعة الوراق. أبلغه الموظف بكل ثقة أن عليه استخراج الخاتم الإلكتروني أولا! نعم؟ ولماذا لم تبلغونا بذلك؟ ألم يكن ذلك ممكنا بلوحة تكتب أمام المصلحة؟! هل مازلنا في تلك العهود؟! بعد كل التعب ده! بتشجعوا المواطن وتساعدوه ولا بتعذبوه؟! 


الموظف: مش مشكلتي.. والمكان مش بعيد.. شركة المقاصة بشارع الجمهورية.. حيث الخاتم الإلكتروني! هو: الكتروني تاني.. طيب؟!! 

 


تعليق: معركتنا مع الروتين والبيروقراطية طويلة.. لكن المأساة في العقول التي تدير وتوزع المهام ولا تعرف الفرق بين أوراق عادية وأوراق بموعد محدد يحتاج تذليل كل العقبات واحتساب وقت المواطن بالثانية.. هذا بلاغ إلى رئيس الحكومة.. لنراجع أولا قصة المواعيد الضيقة.. ونحسب معها قدرات الجهاز الحكومي. إلى حين ميكنة كل الوزارات. 

الجريدة الرسمية