رئيس التحرير
عصام كامل

النائب أحمد الشرقاوي: نحتاج إلى حوار "حقيقي".. ونظام الانتخابات فاسد.. والبرلمان لا يشعر به أحد | حوار

النائب أحمد الشرقاوي
النائب أحمد الشرقاوي

ننتظر أن يكون الحوار الوطنى الحالى بدون سقف ومذاعًا

 

التعديل الوزارى الأخير عديم الجدوى.. ومصر تحتاج لوزراء سياسيين وليس سكرتارية

 

نطمح أن ينتج عن الحوار تغيير فى الحريات العامة وتمثيل نيابى حقيقى

 

عدد النواب المحسوبين على المعارضة بالبرلمان الحالى لا يتعدى الثلاثة

 

الدروس الخصوصية عرض لمرض كبير.. والتعليم فى مصر مريض

طارق شوقى اتظلم.. وكان يحتاج لدعم الدولة لتنفيذ مشروعه كاملا


 

الحوار مع نائب بنكهة سياسية يفتح الباب لطرح كل المشكلات التى تعانيها البلاد، فأداء الدور الرقابى من منظور سياسى لا يقل فى الأهمية عن أداء الدور التنفيذى عبر خلفية سياسية واعية.


لهذا كانت حديثنا مع النائب أحمد الشرقاوى، عضو مجلس النواب وعضو مجلس أمناء الحوار الوطنى، الذى يطالب دائمًا بتمكين الساسة من البرلمان والحكومة.
يرى الشرقاوى أن غياب السياسة جعلت البرلمان «أهدأ من اللازم» فافتقده الشارع.


وأضاف الشرقاوى، المحسوب على نواب المعارضة بالمجلس، أنهم رفضوا التعديل الوزارى الأخير لأنه عديم الجدوى، موضحا أن مصر تحتاج إلى وزراء سياسيين وليسوا سكرتارية، إذ لا بد أن يكون الوزراء لديهم خلفية سياسية.


وضمن ما أكد عليه الشرقاوى أننا كنا فى حاجة حقيقية للحوار الوطنى، بسبب وجود أزمة سياسية، تتمثل فى عدم وجود حياة حزبية وسياسية سليمة وفعالة.. ومن هنا سألناه:

 

* شهدت جلسات مجلس النواب الفترة الأخيرة مواجهات ساخنة مع وزيرى التعليم والتنمية المحلية، ما تقييمكم للدور الرقابى الحالى للبرلمان؟

 

أرى أن الدور الرقابى للمجلس مقبول، ولكن لجان المجلس ليست كلها على مستوى واحد، فهناك لجان فعالة فى مناقشة طلبات الإحاطة بجدية وسرعة ومواكبة للأحداث.. وفى نفس الوقت هناك لجان أخرى لا تقوم بهذا الدور، مثل لجنة التعليم والبحث العلمى، التى لا تناقش كل طلبات الإحاطة المقدمة إليها.

 

*ومن المسئول عن ذلك؟


أعضاء هيئة مكتب اللجنة هم المسئولون وليس إدارة المجلس، فالبرلمان يقوده حاليا شخصية هادئة رصينة تديره بشكل جيد، ولو أن مجلس النواب الحالى كان مختلفا فى تركيبته سيديره أيضًا الرئيس الحالى بشكل جيد.


*ماذا تقصد باختلاف تركيبة المجلس؟


أقصد أن المجلس الحالى هادئ على خلاف المجلس السابق، ويرجع السبب فى ذلك إلى النظام الانتخابى الذى أتى بهذه التركيبة.


*باعتبارك كنت نائبا فى المجلس الماضى أيضًا، أي المجلسين تفضل؟


أفضل المجلس الحيوى الذى يشعر به الشارع.

*وما الأثر الذى تراه ناتجا عن هدوء المجلس الحالى؟

 

الهدوء الزائد عن اللازم بالمجلس الحالى أدى إلى عدم شعور الشارع به.

*وما موقفكم من تصريحات وزير التعليم داخل المجلس بخصوص الدروس الخصوصية؟


تصريحات ليست فى محلها، فالدروس الخصوصية عرض لمرض كبير، والتعليم فى مصر مريض، وأحد أهم أسباب استمرار المرض وعدم معالجته الدروس الخصوصية، ومع ذلك أرى أهمية فى حديث الوزير فيما يتعلق برخصة مزاولة المهنة، حيث يمكن البناء على ذلك فى منح المؤهلين للتدريس رخصة ممارسة أعمال التدريس، سواء للعمل داخل المدارس الخاصة أو الحكومية أو غيرها فى إطار منظومة تعليمية قانونية.

 

*هل ترى فارقا فى سياسة التعليم بعد التغيير الوزارى؟


حقيقة أرى أن الدكتور طارق شوقى ظُلِم، وكان يحتاج إلى دعم من الدولة لتنفيذ مشروعه بشكل متكامل وليس بشكل جزئى، حيث لم تتوافر له الإمكانات المالية لتطبيق نظام التعليم الجديد.


*الرئيس السيسى أعلن مؤخرا أن أقل مرتب مناسب للأسرة هو عشرة آلاف جنيه، من وجهة نظركم من المسئول عن تنفيذ ذلك؟


أولا لا يشغلنى الرقم بقدر تحقيق الرعاية والكفاية، فالحكومة عليها العمل فى الملف الاقتصادى بشكل جاد لتحقيق ذلك من خلال فرص العمل، حتى يتم تقليل الضغط على موازنة الدولة فيما يتعلق ببرامج الحماية الاجتماعية، نظرًا إلى أنه كلما زادت فرص العمل، قلت أعداد المستحقين للرعاية الاجتماعية، كما سيتم توفير أموال لضخها فى تحسين رواتب الموظفين.

*وما تعليقكم على الحكومة الحالية؟


رفضنا التعديل الوزارى الأخير، لأنه عديم الجدوى، ونرى أن مصر تحتاج لوزراء سياسيين وليس سكرتارية، فعندما يكون الوزير سياسيا بالإضافة إلى تفوقه فنيا سيتخذ قرارات صحيحة فى توقيتها السليم.


والعكس عندنا يكون ناجحا فنيا فقط فيتخذ قرارات فى غير توقيتها المناسب، ويطلق تصريحات تحدث أزمات، أو يتخذ قرارات عديمة الجدوى لعدم تناسبها سياسيا مع أحوال المجتمع.

 

*باعتباركم عضو مجلس الأمناء بالحوار الوطنى، أين وصلت محطاته الآن، ولماذا لا يشعر الشارع به؟


لأننا استغرقنا وقتا طويلا فى الإعداد والترتيب لجلسات الحوار لتحقيق الضمانات اللازمة لإنجاحه بالإفراج عن عدد جيد من المحبوسين فى قضايا الرأى، وأيضا لضمان إجراء حوار متوازن، ما أدى إلى استغراق جهد ووقت، حتى يكون التنظيم على أساس وقواعد سليمة، حيث قمنا بكل شيء حاليا ويتبقى أن يمارس اللاعبون مبارزة فكرية، ويطرحون وجهات النظر بالشكل الذى يتمناه المصريون.

*من وجهة نظركم، هل الوقت الحالى مناسب لإجراء مثل هذا الحوار؟


بالتأكيد كنا فى حاجة ولكن للحوار الوطنى «الحقيقى».

*ماذا تقصد بالحقيقى؟


أى الذى يتضمن وجهات النظر المختلفة والمطروحة بوضوح، ويعلن حلول ومقترحات لما يجرى فى الملفين الاقتصادى والسياسى.

*وما الأزمة السياسية التى نحياها من وجهة نظركم؟


الملمح الرئيسى للأزمة السياسية هو عدم وجود حياة حزبية وسياسية سليمة، فلا يوجد نشاط حزبى حقيقى ولا حياة حزبية فعالة.

*ولكن هناك من يرى أن مجلس النواب بتركيبته الحالية التى تضم تمثيلا حزبيا واسعا يعبر عن الحياة الحزبية الحقيقية؟


لدىَّ سؤال وهو: كيف مثلت هذه الأحزاب المحسوبة على المعارضة فى البرلمان الحالى؟ فالأغلبية الكاسحة من الأعضاء المنتسبين للمعارضة، قد أتو إلى المجلس عبر قائمة انتخابية مغلقة مطلقة مع حزب الأغلبية، فعن أي تمثيل حقيقى نتحدث، وأنت ترى أن هناك ثلاثة نواب محسوبين على المعارضة فقط نجحوا على المقاعد الفردية وهم مستقلون وليسوا منتمين لأحزاب سياسية، لا بالطبع.. التمثيل غير حقيقى وولادته غير طبيعية لنواب داخل البرلمان محسوبين على أحزاب المعارضة وقد أتوا عبر تحالف انتخابى مع الأغلبية البرلمانية من خلال قائمة انتخابية مغلقة مطلقة، وهذا يوضح فساد النظام الانتخابى، لذلك ندعوا لتغييره.

*ماذا تقصد بفساد النظام الانتخابى؟


أقصد فساد القواعد التى بُنِي عليها النظام الانتخابى، لأن القواعد السليمة الصالحة التى تنتج تكوينات سليمة فى المجتمع السياسى يجب أن تكون قد أتت بطرق طبيعية وبإرادة شعبية حقيقة مباشرة، ولكن تشكيل أحزاب المعارضة تحالفا انتخابيا مع الأغلبية البرلمانية بقائمة انتخابية مغلقة مطلقة تنجح فيها المعارضة مع الأغلبية، فهذا يشكك فى حقيقة التمثيل النيابى لتلك الأحزاب.

*ولكن ذلك النظام هو إحدى الوسائل القانونية والسياسية المعترف بها فى الانتخابات؟


لم أقل إنه ليس قانونيا، بل هو قانونى بالفعل، ولكنه خطأ سياسى كبير، ففكرة التمثيل النيابى تبنى على تمثيل الشعب من خلال نواب، وكون هذا التمثيل معبرا عن إرادة الشعب، لا بد أن تكون إرادة الناخب مباشرة لاختيار ممثل له حزبي ومستقل، وهو ما يجب مراعاته فى النظام الانتخابى، لأنه عندما تكون القائمة المغلقة مطلقة وبها أحزاب محسوبة على المعارضة مع حزب الأغلبية ولا تظهر أسماء المرشحين داخل هذه القائمة فهذا أمر يحتاج إلى تعديل وتغيير.

 

*معنى حديثك أن الأزمة السياسية التى تتحدث عنها تبدأ من النظام الانتخابى الذى جاء من خلاله المجلس الحالى؟


سأرد بسؤال وهو: كم عدد النواب المحسوبين على المعارضة الذين نجحوا على المقاعد الفرية داخل مجلس النواب والذين اختارهم الشارع؟ عددهم لا يتعدى الثلاثة، أنا واحد منهم.

*وما دور الأحزاب فى الأزمة؟


بالطبع لها دور، ولكن خلق المناخ المناسب لعمل الأحزاب بشكل آمن وشرعى وقانونى وإتاحة الفرصة لها للعمل فى الشارع كما يُسمح لحزب الأغلبية كفيل بحل المشكلة.

 

*وماذا عن الأزمة الاقتصادية؟

نرى أنها تعلق بفقه الأولويات بشكل مباشر ورئيسى للدولة المصرية والحكومات المتعاقبة، كيفية إنفاق مواردنا وتنمية موارد الدولة باستخدام أدوات وتوجهات اقتصادية سليمة، مثل الاهتمام الحقيقى بالصناعة والزراعة والتصدير، بما يخرجنا من أزماتنا الاقتصادية


فالأزمة الحالية هى انعكاسات لقرارات اقتصادية سابقة اتخذتها الحكومات المتعاقبة من قروض وسوء إدارة لتلك الأموال المقترضة، والتى عندما تعرضت الدولة المصرية لأزمتين خارجتين عن الإرادة وهما أزمة كورونا والحرب الروسية، ظهرت بوضوح الآثار السلبية لتلك القرارات الاقتصادية.

 

*نعود للحوار الوطنى، حدثنا عن روشتة إنجاحه ؟


كانت هناك ضمانتان لإنجاح الحوار، وهما الإفراج عن المحبوسين فى قضايا رأى، وهذه تحققت بشكل كبير، والضمانة الأخرى، المشاركة فى إدارة الحوار من المعارضة والموالين، وهو ما حدث بالفعل.


وننتظر بعد بدء الحوار أن يكون التمثيل بجلسات الحوار ذاتها بدون سقف ومذاعًا، ونرتب الآن لاختيار المتحدثين حتى تأتى قائمة متوازنة بين المعارضين والموالين، لكى يظهر حوار حقيقي مختلف عن أي منتديات أو مؤتمرات تمت قبل ذلك.

*وهل تتوقع أن يصل الحوار إلى النجاح المأمول للمعارضة؟


نطمح أن ينتج عنه تغيير فى باب الحريات العامة والمحور السياسى المتعلق بالانتخابات ليكون هناك تمثيل نيابى حقيقى، وكذلك المتعلق بالأحزاب والمحليات، وأتمنى أن نكون أمام نظام انتخابى جديد.


وفى الملف الاقتصادى أتمنى أن يعاد صياغة التوجه الاقتصادى للدولة واقتحام الملفات الشائكة والمسكوت عنها لإعادة بث الحياة فيها، واستخدام أدواتنا فى الإنتاج بشكل جيد، ونراهن على إرادة القيادة السياسية فى إحداث تغيير حقيقى من خلال تنفيذ التوصيات الصادرة عن الحوار.

 

*يرى البعض أن اختصاصات الحوار الوطنى تتعارض مع دور مجلس النواب، هل ترى أنه بديل للمجلس وأنت نائب بالبرلمان؟

 

ليس بديلا، فمجلس النواب مؤسسة دستورية تشريعية مختصة بالدور الرقابى والتشريعى، والحوار ليس بديلا لها، بل هو حالة وكيان جديد بدعوة من الرئيس، لحاجة المجتمع للحوار، وما نتمناه أن يكون حقيقيا.

 

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"… 

الجريدة الرسمية