رئيس التحرير
عصام كامل

زي النهاردة.. المسلمون ينتصرون على الملك ألفونسو السادس بمعركة الزلاقة

يوسف بن تاشفين
يوسف بن تاشفين

في مثل هذا اليوم من عام 1086، انتصر المرابطون بقيادة يوسف بن تاشفين، على مملكة قشتالة بقيادة الملك ألفونسو السادس في معركة الزلاقة، أول معركة كبيرة شهدتها شبه الجزيرة الإيبيرية بالعصور الوسطى، وإحدى أبرز المعارك الكبرى في التاريخ الإسلامي.

كان يوسف بن تاشفين على رأس الجيوش الإسلامية المتجمعة في الجزيرة الخضراء، ووزَّع المسلمون جيشهم كالتالي: المقدمة ويقودها المعتمد بن عباد ويؤازره أبو سليمان داود بن عائشة في عشرة آلاف فارس من المرابطين، والميمنة يقودها المتوكل على الله عمر بن الأفطس أمير بطليوس، والميسرة فيها أهل شرق الأندلس، الساقة فيها سائر أهل الأندلس.

 

القوة الاحتياطية 

القوة الاحتياطية كانت مؤلفة من نخبة من أنجاد المرابطين وأهل المغرب وحرسه الخاص، ثم انطلق جيش المسلمين باتجاه العدو، واستمر في سيره حتى وصل مدينة بطليوس، واستقبلهم المتوكل بن الأفطس على مقربة منها، وقدَّم لهم المؤن والضيافات اللازمة، وانتهى إلى سهل يقع شمال بطليوس على مقربة من حدود البرتغال الحالية.

وقع اختيار سهل الزلاقة مكانًا للمعركة المرتقبة بعد تدبر وتخطيط من كلا الفريقين، فكان اختيار مدينة بطليوس من قبل المسلمين والتوقف عندها بأمر من أمير المسلمين يوسف بن تاشفين، الذي كان يريد استدراج الجيش القشتالي وإخراجه من مواقعه الحصينة، ومن ثم قتاله على أرض يجهلها هو بينما هي معروفة لدى المسلمين.

 

نهر وادي بيرا

عسكر الجيشان الإسلامي والقشتالي كلٌ تجاه الآخر، لا يفصلهما سوى نهر وادي بيرا، وهو فرع صغير من وادي يانة الممتد ما بين مدينة بطليوس ومدينة ماردة، وكان الجيشان في حالة استنفار كبير.

انتهى المسلمون من ترتيب قواتهم، وجعلوا وحدات من الفرسان الثقيلة في المقدمة، التي كان لها دور فاعل وأساسي في سير المعركة وامتصاص زخم هجوم ألفونسو العنيف.

أما جيش قشتالة، فبعد أن جاء المتطوعون من فرسان جنوبي فرنسا وإيطاليا، فضلًا عن فرسان أراجون وجليقية، وفرسان أستورياش وبسكونية، تم تجميع قوات ألفونسو السادس، فوضع خطته العسكرية، وكلف قسم بمهاجمة قوات مقدمة المسلمين، وقسم ثانٍ يتألف من جناحين يقودهما سانشو راميريث ملك أراغون والكونت ريموند، والقلب يقوده ألفونسو بنفسه، أما المقدمة فيقودها قائده ألبارهانس ومعظمها من جنود مملكة أراغون.

 

المعركة

دفع ألفونسو بجنوده في غمرة المعركة إلى الأمام، حتى استطاع أن يوقع الهزيمة بالمعتمد وجيش الأندلس، وأرغمه على التراجع على الرغم من قدوم قوة كبيرة من المرابطين لمؤازرته وغوثه، في هذا الوقت اطمأن القشتاليون إلى نهاية مرضية لهم بهزيمة جيش الأندلس والمرابطين، وانشغلوا بمواصلة تقدمهم أمام تراجع المعتمد والأندلسيين.

عندها قرر يوسف بن تاشفين مفاجأة العدو من جهة لا يتوقعونها، فتقدم بقواته الاحتياطية وهاجم معسكر القشتاليين، مستفيدًا من هلع خيل القشتاليين من إبل ابن تاشفين التي جلبها معه من المغرب، فقتل الفرسان والرجال، وفر الباقون منهزمين.

 

القائد سير بن أبي بكر

أدرك المسلمون أن بوادر الهزيمة قد بدت على القشتاليين، فهاجموهم، وحمل القائد سير بن أبي بكر بمن معه على قوات ألفونسو فزاد الضغط واستمرت الهزيمة، وفي ذلك الحين تراجع الجند الذين فرّوا إلى بطليوس في بداية الهجوم، وشاركوا في القتال فاشتد الهجوم على ألفونسو وقواته حتى أيقنوا بالفناء.

لما اشتد القتال على جيش ألفونسو ودام القتال لساعات، أصبح ألفونسو وجيشه بين مطرقة ابن عباد وسندان ابن تاشفين، وكانت الضربة القاضية التي أنهت المعركة، حين أمر ابن تاشفين حرسه الخاص المكون من أربعة آلاف فارس بالنزول إلى قلب المعركة، فاستطاع أحدهم الوصول لألفونسو، وطعنه في فخذه، طعنة نافذة بقي يعرج منها طوال حياته، وبهذا النصر انتهت معركة الزلاقة التي لم تستمر إلا يومًا واحدًا.

الجريدة الرسمية