رئيس التحرير
عصام كامل

السلطة وصراعاتهـا!

منذ ٢٥ يناير والصراع على السلطة لم يتوقف في البلاد.. تنحى مبارك لم ينه هذا الصراع.. وتولى الإخوان الحكم لم يوقفه بل لعله زاده اشتعالا.. وبعد الإطاحة بالإخوان استمر هذا الصراع في ظل رغبة الإخوان في استعادة الحكم كانت مشفوعة بأعمال وهجوم إعلامى أنفقوا عليه الأموال بسخاء، مراهنين على تراكم معارضة من قوى مدنية ومعاناة جماهيرية من الأزمة الاقتصادية.. ولعل ذلك أنعش أحلام عناصر وشخصيات من غير الإخوان في الإمساك بالسلطة، منهم من ينتمى لنظام مبارك، ومنهم من ينتمى لخصومه!

 
وقد يرى البعض أن ذلك وضع غير طبيعى أو أن الوقت قد طال لنظفر بالاستقرار السياسى.. ولكن من يدرس تاريخنا المعاصر سوف يجد أن الصراع على السلطة هو ظاهرة كانت دوما حاضرة وموجودة قبل قيام ثورة يوليو وبعدها.. ولعلنا نتذكر التغيير السريع للحكومات قبل يوليو، ونتذكر أزمة مارس ١٩٥٤ والصراع نشب بين الضباط الأحرار ذاتهم الذين تولوا الحكم وإنتهى بإبعاد بعضهم وسجن آخرين منهم.. وعندما إستقر الحكم لناصر جرت أكثر من محاولة للإخوان للإطاحة به، وفى ذات الوقت نشبت خلافات بين ناصر ورفاقه من أعضاء مجلس قيادة الثورة.. بل حتى رفيق العمر عبدالحكيم عامر نشب صراع مكتوم معه لعدة سنوات قبل أن ينفجر علنا بعد هزيمة يونيو.. 

نزاع على السلطة

 

وعندما تسلم السادات السلطة بعد وفاة عبدالناصر نشب بينه وبين رجال ناصر صراعا إنتهى بسيطرته على السلطة وإيداعهم السجون.. غير أن هذا لم ينه الصراع على السلطة لآن جماعات الإسلام السياسي كانت تعمل على التخلص منه والسيطرة على السلطة وتمكنت من اغتياله فى نهاية  المطاف..

 
وقد تبدو فترة العشرين عاما الأولى من حكم مبارك هى الفترة التى إتسمت بقدر من الإستقرارالسياسى، ومع ذلك فإنها شهدت في بدايتها التخلص من بعض الشخصيات التى كان يخشى أن تنازعه السلطة، وشهدت طوالها صراعا مسلحا مع الجماعات الارهابية التى كانت تستهدف السلطة وصل ذروته بمذبحة الأقصر.. أما العشر سنوات الأخيرة فإنها شهدت ظهور معارضة مدنية لمبارك عبرت عن نفسها اعلاميا وفي إضرابات واعتصامات عمالية، تصاعدت مع إرتفاع أصوات تطالب بتوريث الحكم لجمال مبارك الذى كان دوره السياسي والتنفيذي يتزايد سنة بعد أخرى.

 


وهكذا الصراع على السلطة كان موجودا وحاضرا دوما سواء قبل ثورة يوليو أو بعدها.. لذلك فإن إستمرار هذا الصراع بعد يناير ٢٠١١ هو أمر لا يدعو للاندهاش.. ومصر ليست تستأثر وحدها بذلك.. ولو نظرنا حولنا سوف نتأكد من هذا الأمر.. والمثال الصارخ هنا يمكننا أن نجده في الولايات المتحدة الأمريكية التى دوما كانت تعد النموذج  المثالي للتداول السلمى  للسلطة.. ولعل ما يحدث مع ترامب لإبعاده عن الترشح لانتخابات الرئاسة المقبلة خير دليل على ذلك. 
إن الصراع على السلطة هى ظاهرة تاريخية عالمية قديمة، وليست ظاهرة مصرية خاصة انبثقت فقط منذ يناير ٢٠١١.. وهذا الصراع عل السلطة لم يمنع الدول المختلفة فى ان تمضى فى مسيرة التنمية الاقتصادية. 

الجريدة الرسمية