رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

الوزير السياسي

مازلت على قناعتي بأن الوزير سياسي أولًا مهما تكن طبيعة وزارته أو مجالها.. وليس شرطًا أن يكون وزير الصحة مثلًا طبيبًا بل يكفي الوزير أي وزير فريق عمل تكنوقراطي متخصص لينفذ سياسات الوزير والحكومة بأمانة ودقة وحرفية.


الوزير سياسي لأنه يضع السياسات العامة ويوائم بحسه السياسي بين مقتضيات نظام عام واحتياجات مجتمع يقوم عليه هذا النظام.. ويتفاعل إيجابيًا مع جميع فئاته.. ويقدر المسئولية السياسية قدرها، فبغيابها لدى بعض الوزراء والمحافظين تتورط الحكومة في مشكلات وأزمات هي في غنى عنها..
لقد طرحت تلك الرؤية في لقائي ذات مرة بالوزيرة النابهة الدكتورة فايزة أبو النجا وزيرة التعاون الدولي في عهد الرئيس الراحل مبارك ووافقتني الرأي في ذلك.. فهذا ليس بدعه ويحدث في بلاد كثيرة جدًا.


وحين سألت الوزيرة هل الوزير سياسي أم تكنوقراطي.. جاءني ردها مدهشا: الوزير سياسي في المقام الأول مهما تكن محفظة أعماله.. لكن وهنا يصبح التعليم الحاضر الغائب في مشكلاتنا كلها. لا يوجد وزير في العالم كما تؤكد الوزير أبو النجا يقوم بالجهد الذي يقوم به الوزير في مصر.. 

مسئولية الوزير 

فضعف دولاب العمل أو فريقه المعاون ورؤيتهم في التعامل مع القضايا والمشاكل والتحديات يرجع لضعف المنتج التعليمي نفسه، وهو ما يؤثر على آداء الوزير الذي يضطر لمباشرة التفاصيل بنفسه حتى إنه يراجع أي جواب يقوم بإمضائه من حيث المضمون أو اللغة. وهو ما لا يدع له فرصة ممارسة مهامه واختصاصاته الأصيلة، كوضع السياسات وتقييم الآداء والنزول إلى الناس ومحاورتهم وغيرهما..


أرأيتم كيف جنى التعليم على آداء الوزير ذاته.. أرأيتم كيف أن منتج التعليم لم يعد مناسبًا لسوق العمل.. ولم يعد تنافسيًا على أي مستوى.. والسؤال الذي مازال على كل لسان منذ عهود سابقة وحتى الآن لماذا تأخرنا في إصلاح هذا التعليم الذي هو أساس التقدم والنهضة؟!


وجاءتني إجابة الوزيرة مستقاه من الجذور. وتحديدًا مما قاله المفكر المبدع طه حسين منذ عشرات السنين في كتابه مستقبل الثقافة في مصر، الذي شخص الداء والعلة لكن ثمة مشكلة إلى الآن في ثقافة مجتمعنا ونظرته للتعليم والعمل فكل شاب أو فتاة. وكل أب أو أم يريد لأبنه أن يدخل الجامعة وتحديدًا كليات القمة كالطب والهندسة وليس معهدًا فنيًا.. 

 

ولا توجد دولة في العالم تفعل ذلك وهو ما فرغ التعليم المجاني من مضمونه.. فلم يعد كذلك في واقع الأمر. فالأسر تشكو من الدروس الخصوصية وتنفق عليها ما لا طاقة لها به.. والتلميذ لم يعد يذهب لمدرسته.. في النهاية لا يجد الخريج عملًا ولا الخريج نفسه مؤهل لسوق العمل الحديث.

 


نتمنى أن يكون الوزير كل وزير سياسي في المقام الأول وأن تتغير طريقة اختيار المحافظ حتى نجد مردود جيد في العمل والإنتاج واقتحام المشاكل.. وأتمنى أيضًا أن تأتي منظومة تطوير التعليم التي بدأت بالفعل في تحقيق ما نرجوه من إصلاح حقيقي في التعليم فبدون ذلك سوف تبقى مشاكل كثيرة بدون حل.

Advertisements
الجريدة الرسمية