رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

لماذا أخطأ الوزير محمد معيط ؟!

نتوجه بالرجاء الشديد، مخلصين النية إخلاصا كاملا، إلى كل مسئول في هذا الوطن ألا يتكلف الحديث في قضايا باتت حساسة وضاغطة هذه الأيام، مثل الأسعار والغلاء، ما لم يكن لديه الحس السياسي الكافي. ومن النزاهة القول إن هذه الحكومة التي يرأسها بكفاءة وصبر المهندس مصطفى مدبولي تفتقر إلى الوزير السياسي قدر توافر الوزراء التكنوقراط. بعبارة أخرى فإن الأسطوات المهنيين المتخصصين موجودون بوفرة، ويعملون وينفذون ويهرولون، وإذا تكلموا سبقوا عقولهم بأن ما سيقولون هو بتوجيهات السيد الرئيس.

 

حسنا السيد الرئيس يتابع ويوجه، وأساسا كل وزير جاء إلى منصبه قد تم تكليفه ببرنامج عمل في إطار حكومة متكاملة، وليس من اللائق لا لك ولا مفيد لمؤسسة الرئاسة أن تبدو كأنك تنفذ ما طلب منك.. هذا تراث ليس الرئيس السيسي مسئولا عنه، بل موروث من جمهوريات ناصر والسادات ومبارك، وامتد حتى الآن وهو مستهجن من الناس ويضع الوزير موضع عدم التقدير الكافي..

استقرار وغلاء


ولأننا كلنا الآن في مأزق مالي واقتصادي شديد الوطأة علي حياة الناس، ولأن هذا الوضع، للأمانة ليس من صنع الحكومة ولا النظام، بل نتاج حرب عالمية تتم بالوكالة على أرض أوكرانيا، سبقتها محنة كورونا بتداعياتها، ولأن قطاعا من تجار مصر تخلوا عن وطنيتهم لحساب جشعهم، ولأن الفلوس لم تعد تستجيب للطلبات الحياتية، فإن أي كلام يتحدث عن أن المصريين موضع حسد دول أخرى على ما ينعمون به من تنمية واستقرار، هو كلام  أشبه بإطلاق خبر سار أو نكتة في سرادق عزاء، كلام لا يليق بمأتم عام! 


للتوضيح أكثر فإن وزير المالية الدكتور محمد معيط وهو صديق قديم استضفته كثيرا في برامجي التليفزيونية، وكان نائبا مبشرا وواعدا ليوسف بطرس غالي، وزير المالية في عهد الرئيس الراحل  مبارك، يجيد بالقطع الحسابات والأرقام، ويعرف كيف يحدثها وتحدثه، يوائم بين ما تحت يديه من أموال.. وما ستحققه الضرائب العام المقبل، هو يعرف إذن كيف يحاور المال، لكنه لا يعرف كيف يخاطب الرأي العام وقت أزمة الكلمة فيها بمليون حساب، فقد استفز الناس بقوله إن الآخرين يحسدوننا على أننا ننمو وإننا في استقرار، رغم الغلاء.


نعم ننعم بالأمن وننعم بالاستقرار، هذا تحقق وتجاوزه المصريون مع تثبيت الدولة، المشكلة الآن أن الناس مفرهدة ماليا، منهكة، مستنفدة، وتعرف الدولة أن المواطن روحه في أنفه، فمن غير اللائق أن تتحدث عن جانب تحقق تعزي به الناس عن جانب لم يتحقق. صحيح أن الدولة تطلق برامج حماية اجتماعية، لكن الحماية الحقيقية هي الضرب بقسوة علي يد التاجر الذي يزايد ويزيد الأسعار، كأن المواطن بلا دولة ولا حكومة..

 

التأخير في اتخاذ القرار المناسب من جانب البنك المركزى لفتح التحصيل المستندى وإطلاق سراح السلع بالموانئ، أشعل الشائعات، وأتاح للصوص التجارة المبررات الكافية لامتصاص دم الشعب.. هذه الأجواء المحتقنة تحتاج وزيرا يرطب ويطبطب.

 


لفترات طويلة قام الرئيس السيسي، وبجهد نجح فيه مع الأيام والسنين، في الشرح والتوضيح والإقناع، ونلاحظ أنه يتأنى في اختيار اللفظة الواحدة، حتى لا يثير شكوكا أو ضغائن أو التباسا أو يعكر صفو الأجواء.
لقد  أخطأ الوزير معيط إذ جمع في حواره مع قناة تليفزيونية خاصة بين حسد  الدنيا لما نحن فيه من استقرار وتنمية وبين الاعتراف بالغلاء والأزمة الاقتصادية. إما هذا أو ذاك أو فلتسكت. يحتاج هؤلاء الوزراء أن يكونوا سياسيين، يوائمون بين معلوماتهم وبين احتقان الناس، وهو للعلم شديد ومنذر..

Advertisements
الجريدة الرسمية