رئيس التحرير
عصام كامل

إعادة اكتشاف القارة السمراء.. خطة مصرية للتوسع في زراعة المحاصيل الزراعية بأفريقيا

خطة مصرية للتوسع
خطة مصرية للتوسع فى زراعة المحاصيل الزراعية

تكثف مصر تحركاتها للنهوض بالقارة الأفريقية، وتعتبر الحكومة المصرية انتشال القارة من أزماتها المستعصية على شاكلة الفقر والفساد والعوز مشروعا مصريا خالصا عمره أكثر من نصف قرن، ولن يحدث ذلك إلا باستغلال موارد وثروات القارة أفضل استغلال، وعلى رأسها الثروة الزراعية.

خطة جديدة
وتجهز مصر خطة جديدة وواعدة لمواجهة أزمة الغذاء العالمية والتى تهدد الدول الأفريقية بشكل أكبر بسبب أزمات عالمية خطرة نتجت عن الحرب الروسية الأوكرانية والاحتباس الحرارى، ذلك من خلال التوسع فى زراعة المحاصيل الغذائية فى عدد من دول القارة السمراء بما يسمح بتوفير السلع الغذائية الإستراتيجية ويحافظ على معدل صادرات الدولة من المحاصيل.

وكانت الإدارة المصرية قد نقلت للعالم أهمية وضع أفريقيا فى مكانها الطبيعى، إذ يمكنها تحمل مسئولية ضخمة فى الأسواق العالمية لتوفير المواد الغذائية حال استخدمها مواردها وامتيازاتها بشكل أفضل وخاصة بعد أن تسببت الحرب بين موسكو وكييف فى إيقاف صادرات الحبوب الأوكرانية فى وقت تستخدم فيه روسيا سلاح الغذاء للضغط على الغرب بما يهدد العالم بشبح مجاعة عالمية.

ما يحسب للحكومة أنها لم تعتمد على الطنطنة بأحاديث إعلامية فقط، بل تسعى لتطبيق رؤيتها عبر وضع خطة محكمة للتوسع فى زراعة المحاصيل بالدول الأفريقية، خاصة تلك التى تتمتع بوفرة فى المياه وخصوبة فى الأراضى الزراعية من أجل توفير الأعلاف والزيوت.

وأعلنت الحكومة عن آلية تنفيذ خطة الزراعة فى الدول الأفريقية، والتى ستتحقق من خلال إنشاء شركات مصرية مشتركة مع تلك الدول لحل مشكلة نقص استخدام التكنولوجيا وتطوير البنية الأساسية، ذلك عملا بتجارب ناجحة لعدد من الدول مثل الصين بزراعة أراض فى جنوب السودان.

حل الأزمات
الدكتورة أماني الطويل، الخبيرة فى الشئون السودانية ومديرة البرنامج الأفريقى فى مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، تعتبر الخطوة التى أعلنت عنها الحكومة المصرية بزراعة المحاصيل فى عدد من الدول الأفريقية خطوة جيدة لحل الأزمات التى يواجهها العالم جراء نقص الإمدادات الغذائية بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، موضحة أن هناك عددا من الدول الأفريقية التى تتوافر لديها المقومات التى تجعلها صالحة للزراعة مثل التربة الخصبة ووفرة موارد المياه.


وأشارت الطويل إلى أن هناك عددا من التحديات أمام الحكومة المصرية يجب أن تتغلب عليها لتنفيذ ذلك المشروع، وأهمها التحديات السياسية، بمعنى ضرورة أن يكون هناك قبول سياسى داخل هذه الدول الأفريقية المرشحة للاستزراع المصرى على المستويات القومية والنطاق المحلى.


وذكرت مديرة البرنامج الأفريقى فى مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية أن التحدى الآخر الذى قد يواجه مشروع التوسع فى الزراعات المصرية داخل بعض الدول الأفريقية مرتبط بتوافر الاستثمارات المصرية الضخمة لدعم تلك المشروعات وتنفيذها.


وفيما يتعلق بأكثر الدول المناسبة لتنفيذ مشروع الزراعة المصرى، قالت إن معظم دول حوض النيل مناسبة للمشروع المصرى، وخصت "الطويل" بالذكر دول أوغندا ورواندا وتنزانيا، نظرا للتقارب بين هذه الدول ومصر.


أما السفير جمال بيومى، سفير مصر السابق فى نيجيريا، ومساعد وزير الخارجية السابق، فيرى أن الدول الأفريقية تتوافر لديها مساحات شاسعة من الأراضى الزراعية غير المستغلة بالإضافة إلى الموارد المائية، التى تسمح بتنفيذ المشروع المصرى، موضحا أنه خلال فترة عمله كسفير فى نيجيريا سنة 1994، وافقت الإدارة السياسية فى نيجيريا على مقترح مصرى بزراعة مساحة من الأراضي الزراعية هناك، ولكن نتيجة الفساد وسوء الإدارة لم يكلل هذا المشروع بالنجاح.


وقال بيومى إن هناك عوائق كبيرة أمام مشروع مصر للزراعة فى أفريقيا، نظرا لانتشار الفساد والبيروقراطية، وعدم الاستقرار الأمني فى هذه البلدان، ناهيك عن عدم وجود بنية تحتية من طرق وموانئ لنقل المنتجات الزراعية داخل هذه البلدان، مشيرا إلى أن المستثمرين يخشون من تنفيذ تلك المشروعات الزراعية فى الدول الأفريقية، لعدم وجود استقرار أمنى فى هذه الدول، بالإضافة إلى عدم وجود بنوك موثوقة فى هذه البلدان تضمن للمستثمر حقوقه.


وأكد جمال بيومى أن تنفيذ مشروع زراعة المحاصيل المصرية فى السودان سيكون أسهل نظرا لقرب المسافة مع مصر، بالإضافة إلى إمكانية استخدام النقل النهرى لنقل المنتجات، ولكن يبقى عدم الاستقرار الأمني عقبة أمام تنفيذ المشروع.


وأوضح بيومى أن هناك عددا من الدول الكبرى، منها: (اليابان-فرنسا-الاتحاد الأوروبىالصين) وافقوا على تمويل مشروعات يتم تنفيذها بأياد مصرية داخل الدول الأفريقية، من بينها مشروعات الزراعة.

علاقات مصر الأفريقية

الجدير بالذكر أن المساعى المصرية لاستغلال الثروات السودانية تأتي تنفيذا لرؤية الرئيس عبد الفتاح السيسى فى توطيد وتعزيز العلاقات المصرية مع الدول الأفريقية إذ تعتبر المبادرة حجر الأساس الذى سيعيد الدور المحورى المصرى على الساحة الأفريقية.

وتتمتع مصر وتنزانيا بعلاقات قوية للغاية، أحد شواهدها تمثل فى استقبال الرئيس السيسى وزيرة خارجية جمهورية تنزانيا، ليبراتا مولا والتى نقلت رسالة من الرئيسة التنزانية، وتضمنت إعرابها عن تقدير بلادها لعلاقاتها التاريخية العميقة مع مصر، والحرص على الاستمرار فى الارتقاء بأطر التعاون بين الجانبين، والتطلع للاستفادة من الخبرة المصرية العريضة فى مجال المشروعات التنموية العملاقة، كما تضمنت الرسالة الإشارة إلى الموقف التنفيذى ومستجدات التعاون المشترك مع مصر لإنشاء سد "جوليوس نيريري" لتوليد الطاقة الكهرومائية فى تنزانيا.

نفس الأمر مع رواندا، هناك علاقات ثقة وود بين أعلى مستويات القرار فى البلدين، واستقبل الرئيس السيسى فى مارس الماضى الرئيس الرواندى، كاجامى الذى أكد حرص بلاده على تطوير العلاقات مع مصر فى مختلف المجالات، لاسيما التعاون التجارى والاقتصادى، فضلًا عن اهتمام بلاده بتعظيم الدعم الفنى الذى تقدمه مصر للكوادر الروأندية فى مجالات بناء القدرات، وكذلك دعم الشركات المصرية العاملة فى مجال البنية التحتية، فى ضوء الأجندة التنموية الطموحة التى تسعى رواندا لتنفيذها.


الرئيس الرواندى أشاد بشدة بالدور المحورى الذى تضطلع به مصر إقليميًا لصون السلم والأمن، مشيدًا فى هذا الصدد بالمواقف المصرية الهادفة إلى تحقيق الاستقرار فى منطقة البحيرات العظمى وشرق أفريقيا وحوض النيل.

وبحسب تقرير صادر عن مركز القاهرة للدراسات الإستراتيجية، فإن أوغندا تمتلك أكثر من 18 مليون هكتار (43 مليون فدان) صالحة للزراعة منها تقريبا 40% غير مستغلة، بالإضافة إلى الوفرة الكبيرة فى موارد المياه ولديها الرغبة السياسية والإمكانية اللازمة لجذب الاستثمارات الزراعية المصرية.
ويوجد بأوغندا العديد من الأنهار الرئيسية، منها: (النيل، النيل الأبيض، كاجيرا، كاتونجا، كافو، سيمليكي)، الأمر الذى يجعلها تتمتع بوفرة كبيرة فى الموارد المائية الصالحة للزراعة.


أما فى السودان فتشكل الزراعة أهم المصادر الرئيسية لكسب العيش، كما أنها من أكبر ثلاث بلدان فى أفريقيا من حيث المساحة وتوافر المياه والأراضى القابلة للزراعة، إذ تبلغ حوالى 30% من مساحة السودان البالغة 1.8مليون كيلو متر مربع.

نقلًا عن العدد الورقي…،

الجريدة الرسمية