رئيس التحرير
عصام كامل

وزير التعليم.. والتابلت

بطبيعتي لا أفضل تقييم أي تجربة في بدايتها، فمن قناعاتي أنه يجب على كل تجربة أن تأخذ حقها من الوقت المناسب وبعدها يتم التقييم بمعايير واضحة.. بمعنى أن التجربة لها أهداف، إذا فالتقييم يكون على أساس ما تم تحقيقه من هذه الأهداف. تجربة الثانوية العامة بنظام التابليت تخرج منها الدفعة الثانية هذا العام، وأنا شخصيًا تعايشت مع التجربة من بدايتها بصفتي ولي أمر ومتابع للمنظومة بحكم عملي فى المجال الإعلامي.


لم ألتفت إلى كل ما كان يثار عن فشل التجربة أو عدم ملائمتها لمنظومة التعليم في مصر أو عدم قدرة المعلمين قبل الطلاب على إستيعابها.. الخ، وكان لي رأي مختلف، وهو أن تأخذ التجربة حقها من الوقت قبل الحكم عليها كنت أقول "نطبق النظام الجديد ونقيمه بعد تخرج دفعة أو إثنين، حتى ولو تضررت شخصيًا في مستقبل أولادي".

 

والآن تخرجت بالفعل دفعتان، وحان وقت التقييم بمعيار ما تم تحقيقه من أهداف:
ـ وزير التربية والتعليم السابق، صّرح بإن النظام الجديد سيوفر على أولياء الأمور المصروفات الدراسية، لأننا مش هنطبع كتب.. ولكن ما حدث هو العكس تمام.. زادت المصروفات الدراسية 5 أضعاف، ولكن ما صدق فيه الوزير هو عدم طباعة الكتب الوزارية.

 

ـ وزير التربية والتعليم السابق، صّرح بإن النظام الجديد سيوفر طريقة عادلة لتقييم مستوى الطلاب، وأن كل طالب سيأخذ الدرجة التي يستحقها.. ما حدث أن التقييم غير عادل، فنظام "البابل شيت" يعتمد على أسئلة الإختيار من متعدد، وهذا النوع من الأسئلة لا يقيم الطالب بشكل صحيح.

التابلت وجروبات الغش

 

ـ وزير التربية والتعليم صّرح بإن النظام الجديد سيعتمد على التكنولوجيا الجديدة، بالتعليم الإلكتروني والإمتحانات إلكترونيًا عن طريق التابلت.. ولكن ما نراه هو فشل منظومة التابليت سواء الدراسة أو الامتحانات، رغم ما تكبدته الدولة من مليارات لتوفير أجهزة التابليت للطلاب، وإتاحة البنية التحتية بالمدارس، مع ذلك لم تتمكن الوزارة من عقد إمتحان ناحج لطلاب المرحلة الثانوية على أول دفعتين.

 

ـ وزير التربية والتعليم السابق، صّرح بأن النظام الجديد سيقضي على منظومة الدروس الخصوصية.. ولكن ما حدث أن منظومة الدروس الخصوصية استشرت أضعاف السابق، وإنتشرت السناتر بجميع الأحياء والمدن، وانتشرت إعلانات علنية على السوشيال ميديا للسناتر ومعلمي الدروس، وارتفعت أسعارها لـ3 أضعاف قبل النظام الجديد، والطالب مضطر إلى اللجوء للدروس الخصوصية لأن لا يوجد مُدرس يشرح بالمدرسة، وغالبية المدرسين ليسوا مؤهلين لهذا النظام الجديد.

 

ـ وزير التربية والتعليم السابق، صّرح بأن النظام الجديد سيقضي على كافة وسائل الغـش وتسريب الإمتحانات.. ولكن ما حدث هو تنامي ظاهرة الغش، وتطورت بتطور المجتمع تكنولوجيًا، فتحول "البرشام" إلى "سماعات" وتحول صفحات شاومينج إلى جروبات الغش على التيليجرام.

 

ـ وزير التربية والتعليم السابق، صّرح بأن النظام الجديد سيقضي على لجان ولاد الأكابر التي كان كل شيء فيها مباح  لوصول الطلاب ولاد الأكابر لكليات القمة.. ولكن ما حدث إستمرار ظاهرة لجان ولاد الأكابر ولكن مع إختلاف بسيط، فتحولت ورقة الاجابة المحلولة التي كانت تُمرر عليهم باللجان، إلى السماح لهم بالدخول بـ سماعات حديثة تمكنهم من التواصل مع معلمي المواد للحصول على الإجابات وهم داخل اللجنة، ولنا في بعض اللجان التى حصل غالبية طلابها على أكثر من 90% نهاية العام الدراسي دليلا.

 

ـ وزير التربية والتعليم السابق، صّرح بإن النظام الجديد سينتج لنا خريجًا من المرحلة الثانوية مؤهل تأهيلًا تامًا للمرحلة الجامعية، وسيلتحق كل طالب بالكلية التي تناسب إمكانياته.. ولكن هذا أيضًا لم يتحقق، فبفضل الغش التحق آلاف الطلاب بكليات لا تناسب إمكانياتهم، وكشفت واقعة كلية الطب بجامعة سوهاج جانبًا من هذه المهزلة، حيث أعلنت النتيجة العام برسوب 229 طالبًا وطالبة من أصل 680 مقيدون بالفرقة الاولى.

 

 

وأخيرًا.. هذا تقييمي كولي أمر وكمتابع للعملية التعليمية بحكم طبيعة عملي، لكن لا أدعي قدرتي على التحليل والتقييم العلمي لمنظومة الثانوية العامة، ولكن تقييمي هذا -كما أوضحت- تم على أساس ما صّرح به الوزير السابق من أهداف سيحققها هذا النظام، وبمراجعة هذه الأهداف تبين فشل ذلك النظام في تحقيق الأهداف، ولكن ما تحقق هو ظلم واضح للآلاف من الطلاب المميزين، ومساعدة ـمباشرة وغير مباشرةـ لطلاب التحقوا بكليات لم تناسب إمكانياتهم وقدراتهم.

الجريدة الرسمية