رئيس التحرير
عصام كامل

40 مليون جنيه فاتورة "فيتوريا" مع المنتخب قبل البداية الرسمية.. ومافيا السماسرة تفرض شروطها

فيتوريا المدير الفني
فيتوريا المدير الفني لمنتخب مصر

من السهل أن تقول كلاما معسولا ولكن على أرض الواقع تفاجأ بشيء آخر.. النادى أو الاتحاد يعلن ويسلم التيشيرت وكأنه فتح عكا، ثم النتيجة كما هى، ويلحق بأصحابه رغم أن المال الذي ينفقه اتحاد الكرة أو النادي هو مال عام.

مدرب المنتخب و8 شهور فسحة
«أعطنى حظ فيتوريا وارميني في البحر».. لك أن تتخيل أن إيهاب جلال المدير الفنى السابق للمنتخب الوطني لم ينعم بالراحة والرفاهية وراتب المليون و100 ألف جنيه شهريا سوى أيام معدودة، حيث كانت الخسارة أمام إثيوبيا رسميا في تصفيات الأمم الأفريقية وبعدها الخسارة برباعية من منتخب كوريا الجنوبية، مما كان له عظيم الأثر فى منحه استمارة 6 ليلحق بسابقيه، ولكن مع فيتوريا الوضع اختلف.. أمامه أكثر من 7 شهور حتى يلعب أول مباراة رسمية بعد أن قرر الاتحاد الأفريقى لكرة القدم تأجيل المباريات الرسمية فى أجندة سبتمبر ونوفمبر إلى مارس القادم بسبب كأس العالم فى قطر نوفمبر المقبل، وهو أمر كان متوقعا بعد أن اتخذ الكاف قرارا سابقا بتأجيل الأمم الأفريقية التى تقام فى كوت ديفوار من يونيو 2023 إلى يناير 2024.


قرابة الشهور السبعة سيقضيها روى فيتوريا متمتعا بجو القاهرة الساحر صيفا والدافئ شتاء حتى تحين أول مواجهة رسمية فى مارس المقبل، حيث مواجهتا مالاوى ذهابا وإيابا، ووفقا لهذا التصور فإن أمامه فرصة ذهبية للاستعداد الجيد، وهى التى ستكلفنا قرابة الـ40 مليون جنيه حسب الراتب الذى تم تسريبه من داخل اتحاد الكرة من أن فيتوريا سيحصل على ما يعادل الـ5 ملايين جنيه شهريا بخلاف الإقامة وتذاكر الطيران وخلافه، وبحسبة بسيطة سنجد أن الرجل سيكون قد حصل على ما يزيد على الـ40 مليون جنيه خلالها.

فيتوريا يتابع كل كبيرة وصغيرة
ومن أجل تحليل الأرقام المذهلة التى سيحصل عليها الخواجة خلال فترته بدون عمل علينا تقبل الأخبار الواردة إلينا من الاتحاد المصرى للكرة أن فيتوريا يتابع الدورى المصرى.. فيتوريا يتابع منتخب 2003 ويرشح أربعه من نجومه.. فيتوريا يتابع منتخب 2006 رغم أن عدد اللاعبين الذين يشاركون فى الدورى من تلك الأعمار لا يتجاوز اليد الواحدة، ولم يتبقَّ سوى أن فيتوريا أكل فيتوريا شرب فيتوريا نام فيتوريا...!


لا شك أن الشخص الذى تعاقد مع فيتوريا يريد أن يرسم صورة ملائكية للرجل فى وسائل الإعلام، وأن الرجل ضحى بالكثير حتى يكون موجودا فى مصر، وهو ما ظهر على لسان الكابتن حازم إمام عندما أكد فى تصريحاته لصديقه سيف زاهر فى برنامج تليفزيونى أن الرجل ضحى بـ50% من راتبه من أجل تدريب منتخب مصر.. طبعا رواية تهز المشاعر والوجدان، وكأن فيتوريا ناقص يقول (مشربتش من نيلها) (وبلادى بلادى)، والأكيد أن تدريب المنتخب الوطنى هو شرف لأى مدرب فى العالم مهما كان اسمه لأنك تتحدث عن أكبر وأقدم اتحاد كرة فى القارة الأفريقية والشرق الأوسط، ومنتخب مصر هو من يتربع على عرش القارة الأفريقية من حيث عدد البطولات التى حصل عليها والنجمات السبعة التى تزين عرشه فى بطولات الأمم الأفريقية.

الكبار يطلبون
وخلال الساعات الماضية تردد أن منتخب الأرجنتين يطلب اللعب مع مصر، والحقيقة أن هناك خمس منتخبات من العيار الثقيل تطلب اللعب مع مصر من نوعية فرنسا وبلجيكا وهولندا والأرجنتين والبرتغال، وعلى اتحاد الكرة أن يحسن التفاوض، لأن مثل تلك المباريات تصب فى صالح تلك المنتخبات وليس مصلحة منتخبنا، لأنهم يبحثون عن شبيه للمنتخبات التى سيواجهونها فى المونديال، وعلى اتحاد الكرة أن يفرض شروطه بعيدا عن أعداد المسافرين، ويجب أن تنتعش خزينة الاتحاد بما لا يقل عن مليون يورو مقابل الأربع مباريات.. أشك.

حكاية المدرب المشروع
ماسورة «المدرب المشروع» طفحت في بر كرة القدم المصرية، وأصبح كل واحد يريد التعاقد مع مدرب يتحدث عن مشروع وطفرة رياضية رغم أن واقع الأمر لا مدرب مشروع ولا يحزنون، وكله ضحك على الدقون.


الأهلي مثلا تحدث كثيرا عن ريكاردو سواريش المدير الفنى الحلم ومشروع العمر، وكلام من مثل هذه النوعية لتفاجأ الجماهير العريضة للأهلى أنه لا مشروع ولا شيء، بدليل أن الأهلى يتعرض لانتقادات واسعة، فالمدرب المشروع كان عليه دراسة طريقة وبرنامج التدريب للمدرب الذى يسبقه حتى يضع الأحمال التدريبية المناسبة، ولكن الرجل جاء دون النظر لطريقة تدريب موسيمانى، وكانت النتيجة امتلاء مستشفى النادى الأهلى بالعديد من اللاعبين المصابين بإصابات عضلية دون التحام مع المنافسين.. وفى مباراة المقاولون العرب الأخيرة تعرض الثنائى أحمد عبد القادر وصلاح محسن لإصابات عضلية فى أول 10 دقائق وخرجا من المباراة، وهو الأمر الذى يحتم على إدارة النادى الأهلى أن تفتح تحقيقا واسعا عن أسباب تلك الإصابات خاصة بعد الانتقادات الواسعة التى يتعرض لها مجلس الإدارة، وبالتالى فإنه من البادرة الأولى نؤكد أن سواريش لا مدرب مشروع ولا يحزنون.

الشركات والدولارات
حتى وقت قريب كانت أندية الشركات تمثل العصب الحقيقى لكرة القدم المصرية من خلال إمدادها المنتخب الوطنى بالعناصر الموهوبة والمتميزة، ولكن الآن تحولت القبلة وبدأ الآخرون يتحدثون عن المدرب الأجنبى المشروع، وهنا نبدأ مع نادى إنبي الذى كان يقوده الوطنى حلمى طولان ونجح معه بأقل التكاليف فى التواجد فى المنطقة الدافئة، ولكن هذا لم يعجب مجلس الإدارة الذى سعى لتطفيش طولان دون انتظار نهاية الموسم والبحث عن الفلتة فييرا فى صفقة تحوم حولها الشبهات، خاصة إذا ما علمنا أن الرجل له تجارب من قبل فى مصر مع الزمالك والإسماعيلى وسموحة، وكللت جميعها بالفشل، وليس الفشل فقط وإنما الفشل الذريع، بما يؤكد أن مجلس إدارة إنبي أهدر العملة فى التعاقد مع مدرب يعرف مقدما أنه فاشل بالثلث، وبالتالى جاءت نتائج إنبي مخيبة للآمال.


وفى نادى فاركو، إحدى شركات الأدوية، والصاعد حديثا لدورى الأضواء، قرر هو الآخر الاستعانة بالمدرب المشروع نونو جوميز لتأتي النتائج مخيبة هى الأخرى للآمال.


المصيبة أو الكارثة أن هناك من يروج لاستمرار هؤلاء المدربين الفشلة على اعتبار أنهم لم يحصلوا على فرصتهم.

مافيا السماسرة والمدرب المشروع
إياك أن تتخيل أن حكاية المدرب المشروع وليدة الصدفة ولكنها نتاج جهد مجموعة من السماسرة يريدون استمرار الأجنبى فى الملاعب المصرية لأن العمولات فى مثل تلك الحالة تكون بالعملة الصعبة يعنى دولار ويورو، وبالتالى فهم يروجون بذمة وضمير حتى لو كان على حساب المصلحة الوطنية.


وتاريخ الكرة المصرية مليء بالحكايات والكواليس عن مدربين أجانب كانوا يقتسمون مرتباتهم مع الأجانب، ولم ينكشف الأمر إلا بعد رحيلهم، والأكثر من ذلك أن السماسرة نفسهم أصبحوا يتحكمون فى سوق المدربين من خلال طرق ملتوية.. بمعنى أن المدرب الذى «يفتح دماغه» سيشتغل، واللى «هيقفل» يقعد فى البيت.. كيف؟!


المدرب المتعاون هو من يمرر صفقات للسمسار حتى لو كانت غير مناسبة أو ليس النادى فى حاجة إليهم، والدليل موجود فى أندية كثيرة فى الدورى المصرى ومع العناصر المحلية هناك العناصر الأفريقية التى تحضر إلى مصر وتحصل على رواتب خرافية بالعملة الصعبة وعلى أرض الواقع ليس لها وجود.


والدليل على ذلك أن هناك مدربين فى الدورى الممتاز قاموا بتدريب ناديين وثلاثة فى الموسم الواحد، وهناك من ينتظر فرصة لإثبات ذاته، ولم تعد الكفاءة هى المعيار الذى تبنى عليه الأندية اختياراتها، لأن شبكة اختيار المدربين ليست قاصرة على السمسار وحده، وإنما تصل للمدرب وعضو مجلس إدارة مؤثر أو رئيس مجلس إدارة، والخير يعم على الجميع.


هذا هو واقع كرة القدم المصرية بدون تزويق، ويحتاج إلى مشرط جراح لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

الجريدة الرسمية