رئيس التحرير
عصام كامل

أشجار شوارع مصر.. فواكه!

ماذا يحدث لو تم تشجير كل شوارع مصر والطرق السريعة بالأشجار المثمرة التي لا تحتاج لمياه كثيرة أو من النوع المقاوم للعطش؟! ما هى صورة شوارعنا وقد اكتست بأشجار النخيل والمانجو والليمون والجوافة والبرتقال والخوخ والتفاح والكمثرى والزيتون والتوت؟!
 

الفكرة ليست لى بالطبع وقد أطلقها الرئيس السيسي  في مبادرة منذ شهور بإحلال أشجار الفاكهة المثمرة بشوارع مصر بدلًا من أشجار الزينة بالإضافة إلى تحقيق ما يسعى إليه الرئيس السيسي في زيادة الرقعة الزراعية.. أبهرنى فيديو صوره أحد العرب لبعض شوارع سراييفو عاصمة البوسنة وشوارع أوكرانيا وتمنيت رؤيته في شوارع مصر وقد امتلئت بأنواع مختلفة من الفواكه التي تروى بماء الأمطار طبعا..

 

لكن الفكرة إن الناس والمسؤلين هناك زرعوا الشوارع بها فأصبحت غذاء لمن أراد ومن جهة ثانية ازدانت بها الشوارع بدلا من الأشجار غير المثمرة، لذلك أعيد طرح الفكرة على اللواء إيهاب  الشرشابى رئيس هيئة نظافة وتجميل القاهرة وهو يقوم الآن بجهد كبير لإعادة النظافة للعديد من الأحياء وبشكل متوازى مع زرع الجمال، أقصد الخضرة والوجه الحسن لقاهرة المعز في كل الأحياء ومعه كتيبة من المقاتلين، وأنا أقصد معنى الكلمة حرفيا لأن مواجهة القبح يحتاج لقتال، وزرع الجمال وبث الحياة في الشوارع الجرداء، يحتاج مجهودا وقتالا أكبر حتى يتعود الناس على الجمال.

زراعة الشوارع

 

وفى سبيل ذلك أقترح أن يكون لدينا مشروع قومى لزراعة الشوارع بالأشجار المثمرة لأننا بذلك نكون ضربنا العديد من العصافير بحجر واحد، في البداية سنزرع  ضل ومفيش في الدنيا أجمل من زرع الضل، ونربى أجيالا على الجمال ونعالج أمراضا نفسية كثيرة بالخضرة بما تخلقه من راحة وهدوء روحى..

 

ولأن ما أقوله قد لا يعجب البعض ممن يتحدثون بلغة الأرقام أقول: الدكتور أحمد حنفي   الباحث في التنمية الزراعية وصاحب إحدى المبادرات يرى أن المشروع  يحقق زيادة في الأرض الزراعية بنحو 300 ألف فدان -وهو رقم كبير خاصة في مواجهة ما حدث من تدمير ونهب لأراضى مصر الخصبة في القرى والريف بالإضافة لتحقيق عائد مالى أكثر من 20 مليار جنيه لو زرعنا 50 مليون شجرة.

 
ويضيف على سبيل المثال لو زرعنا شجر الليمون تكون الاستفادة منه سريعا حيث تبدأ الشجرة في الإنتاج بعد عامين ونصف ويصل إنتاجها بعد فترة لأكثر من 25 كيلو ويمكن استخدامه في التصدير أو التصنيع والمهم أنه من  الأشجار الموفرة للمياه والتي تتحمل العطش وملوحة التربة وتتحمل الظروف المناخية الصعبة والتلوث الذي ينتج عن عوادم السيارات..

 

 بالإضافة إلي إنها شجرة مقاومة للأمراض ولا تحتاج عناية خاصة، ولها مظهر جمالي لافت لأنها من الأشجار المزهرة ذات الرائحة الجميلة وقابلة للتشكيل ما يجعلها تعوض وظيفة أشجار الزينة، وتتمتع بنظام الحماية الذاتي من خلال الشوك الذي يحافظ علي استدامة الإنتاج بما يحقق  العوائد الاقتصادية من ورائه علي المدى الطويل مثل إنتاج حمض السيتريك الذي يستخلص منه فيتامين سي  الذى يدخل في صناعة الأدوية والمستحضرات الطبية والتجميلية التي نستوردها من الخارج بالعملة الصعبة.

 
ويقول لذا أجرينا دراسة جدوي ضمن فكرة المشروع لإنشاء مصنع ينتج هذا الحمض محليا بما يعظم عوائده ويمكن أن تصل بعد السنوات العشر الأولي إلي1.7 مليار جنيه سنويا. وما يقال عن شجر الليمون يقال عن النخيل والجوافة والبرتقال واليوسفى.. الخ من فواكه يمكن ترشيحها من خبراء الزراعة لدينا.

 
سيقول البعض إننا نعانى ونواجه أزمة مياه محتملة فكيف نستنفذ ما لدينا في زراعة وتجميل الشوارع والإجابة بسيطة أن محطات صغيرة لمعالجة مياه الصرف الصحى في بعض المناطق وإستخدام هذه المياه في رى هذه الأشجار سيحقق الهدف بالإضافة لإختيار أنواع من الأشجار تتحمل العطش او تحتاج لمياه قليلة مع إستخدام نظم الرى الحديثة بتكلفة رخيصة.

 
إن تنقية الهواء في المدن المزدحمة من عوادم السيارات واستبدال ثانى أكسيد الكربون القاتل منها بواسطة الأشجار وتحويله إلى أوكسجين  يتنفسه البشر بدلا من هذه العوادم سيقلل من الأمراض الناشئة عنها وبالتالي سيقل الإنفاق على العلاج منها.


ماذا يحدث لو كل محل أو منزل أو شركة او مصنع تكفل بزراعة أشجار مثمرة أمامه ورعايتها ويجعلها صدقة جارية أو خدمة مجتمعية أو تجميل المنطقة أمامه أو حتى الإستفادة من ثمارها ألا يكون العائد مجزيا في الدنيا والآخرة.


تكليف طلاب كليات الزراعة والمعاهد والمدارس الثانوية الزراعية بل وطلاب المدارس والجامعات أن يكون من بين مشروعات تخرجهم أو درجات النشاط أو ما شابه ذلك  من خلال اشتراكهم في زراعة ورعاية هذا المشروع على مدار العام وسنكون استفدنا من طاقه الشباب من جهة وزرعنا فيهم حب الجمال والخضرة من جهة أخرى، ومن يشب على ذلك لا يمكن أن يكون إرهابيا أو متطرفا أو عنيفا!

 


يمكن الحصول على منح دولية في هذا المشروع ويمكن عرضه ضمن الورقة المصرية في مؤتمر المناخ الذى تستضيفه مصر في شرم الشيخ قريبا.. ويمكن مساهمة منظمات المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية بكوادرها في هذا المشروع، باختصار لابد من مشاركة المجتمع كله حتى يحافظ على المشروع القومى من جهة مع تنسيق وتعاون ومشاركة فعالة بين كل الوزارات والهيئات مثل الزراعة والبيئة والتعاون الدولي والصناعة وجمعيات رجال الصناعة ورجال الأعمال.. ألخ، ألا يستحق ذلك أن يكون مشروعا قوميا نلتف جميعا حوله؟!
yousrielsaid@yahoo.com

الجريدة الرسمية