رئيس التحرير
عصام كامل

الناس لا تأكل تاريخا!

أكثر من موضوع يستحق التوقف أمامه في الأحداث التى شهدتها سريلانكا والتى أفضت إلى لستقالة رئيس جمهوريتها ورئيس حكومتها.. فتاريخ حكامها الذى اتسم بالنجاح في إنهاء تمرد حركة التاميل لم يشفع لهم لدى جماهير سريلانكا التى دفعها الغضب من تدهور الأوضاع الاقتصادية إلى الانتفاض والخروج إلى الشوارع واقتحام قصر الرئاسة والعديد من المبانى الرسمية.. فالناس لا تأكل تاريخا! 

 

كما أن السياحة وحدها لا تكفى لنهوض أى اقتصاد، وذلك عندما ضرب الاٍرهاب سريلانكا قبل بضعة أعوام عانت كثيرا اقتصاديا، لأن السياحة التى كانت تعتمد عليها تراجعت بشدة، وبالتالى السياحة رغم أهميتها لا تصلح أن تكون قاطرة للاقتصاد مثلما كان من أداروا اقتصادنا يحاولون إقناعنا بذلك! كذلك فإن الفساد يخرب أى جهود لإصلاح الأوضاع الاقتصادية، ولن يغطي أو يخفى هذا الفساد أية محاولات لترضية عموم المواطنين كما فعل رئيس سريلانكا حينما خفض الضرائب تنفيذا لوعود انتخابية!

 
كل ذلك يستحق التوقف أمامه في تناول أزمة سريلانكا التي زرتها قبل سنوات كانت خلالها منهمكةَ في تنفيذ مشروعات بنية أساسية بتمويل من قروض صينية.. غير أننى سوف أتوقف هنا أمام تلك القروض خاصة  الصينية التى ضاعفت من ديون سريلانكا في غضون سنوات قليلة، حتىْ جاوزت الخمسين مليار دولار، ولم تعد قادرة على سداد أقساطها وفوائدها، ولذلك أعلنت إفلاسها..

 

ولم تمتد إليها يد المقرض الأول لها وهى الصين لتنتشلها من بئر الإفلاس الذي سقطت فيه بعد أن تآكلت على نحو سريع احتياطياتها من النقد الأجنبى، ولم تعد قادرة لا على توفير الغذاء أو الوقود للمواطنين ناهيك عن الاحتياجات الأساسية الأخرى وعلى رأسها خدمات التعليم والصحة.

 

 
هذا هو الأمر الذى يتعين التوقف أمامه في أزمة سريلانكا لاستخلاص الدروس والعبر، والتى يأتى على رأسها أن الديون هم حقيقى للدول والشعوب، وأنه لا يوجد دائن يهمه مصلحة المدين أو يكترث بظروفه وأزماته، وأن كل المساعدات والمعونات التى تقدمها بعض الدول لغيرها من الدول ليست مجانية ولها دوما ثمن!   

الجريدة الرسمية