رئيس التحرير
عصام كامل

أرضٌ لا تعرفُ المعاصي (2)

قال فيه شهابُ الدين البوصيري، صاحب "البردة": 

"أما الإمامُ الشاذليُّ طريقُه...  في الفضلِ واضحةٌ لعينِ المهتدي

قطبُ الزمانِ وغوثُه وإمامُه... عينُ الوجودِ لسانُ سرّ الموجدِ

سادَ الرجالَ فقصّرت عن شأوِه... هممُ المآربِ للعلى والسؤددِ"..

أبو الحسن الشاذلي، هو الشيخ الإمام، حجة الصوفية، وعلم المهتدين، زين العارفين، أستاذ الأكابر، والمنفرد في زمنه بالمعارف السَّنِيَة والمفاخر، والعالم بالله والدال على الله، زمزم الأسرار، ومعدن الأنوار، القطب الغوث الجامع، تقي الدين أبو الحسن علي بن عبد الله بن عبد الجبار بن تميم بن هرمز بن عيسى بن محمد بن الحسن بن علي بن أبي طالب، المولود سنة 571 هـ، وعُرف بالشاذلي، منشأه بالمغرب الأدني، ومبدأ ظهوره بالقرب من تونس. وقد عُرِف المغرب العربي بأنه منبع الأولياء، مثلما عُرِفت مصرُ بأنها أرضُ الأنبياء.

 

 إلى الديار المصرية

قال رضي الله عنه: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام، فقال لي: يا علي، قلت: لبيك يا رسول الله، قال لي: انتقل إلى الديار المصرية تربي فيها أربعين صديقًا، وكان ذلك في زمن الصيف وشدة الحر، فقلت: يا سيدي يا رسول الله، الحر شديد، فقال لي: الغمام يظلكم، فقلت: يا حبيبي، أخافُ العطش، فقال لي: إنَّ السماءَ تمطركم كل يوم أمامكم، قال: ووعدني في طريقي بسبعين كرامة، قال: فأمر أصحابه بالحركة وصار متوجهًا إلى المشرق، وكان ممن صحبه في سفره الشيخ الصالح الولي أبو عبد الله يونس بن السماط، وقد عاد إلى الديار المصرية مهاجرًا، في سنة 642 هـ -1244 م في عهد الملك الصالح الأيوبي".

 

كرامات الشاذلي

للشاذلي كراماتٌ، يستغربها الناس، لكن كرامتَه الكبرى تبقى في طريقته المتفردة في التصوف، فهي قائمة على العلم، والمعرفة، والعمل، والنظافة، لا مكانَ فيها للخرافات، ولا مجال للمبالغات.. للشريعة الغراء الكلمة العليا لديه، ولدى خلفائه، ومريديه.

 

كان يدعو ربه قائلًا: "اللهم اجعل سيئاتِنا سيئات من أحببت، ولا تجعل حسناتنا حسنات من أبغضت، فالإحسان لا ينفع مع البغض منك، والإساءة لا تضر مع الحب منك". ويقول: "اللهم إن حسناتي من رضائك، وسيئاتي من قضائك، فجد اللهم بما رضيت على ما قضيت حتى تمحو ذلك بذلك".

 

 

ويتضرع إلى خالقه: "اللهم إني لم آتِ الذنوب جرأة مني عليك، ولكن جرى بذلك قلمك، وأحاط به علمك، وأحصاه كتابك، ونفذ به حكمك، والعذر إليك، وأنت أرحم الراحمين". كان، رضي الله عنه، مدرسة في الدعاء إلى الله، والدعاء مخ العبادة.. يتعلم منه العلماء كيف يتوجهون ويتضرعون إلى الله بالدعاء، ليضمنوا الإجابة.

الجريدة الرسمية