رئيس التحرير
عصام كامل

هل صدق الوزير طارق شوقي فيما وعد به؟!

لست أبالغ أنني تفاءلت خيرًا بالوزيرالدكتور طارق شوقي؛ ذلك أنه بشرنا منذ تولى مقاليد وزارة التربية والتعليم بزوال بعبع الثانوية العامة سلة الفشل وعقدة المصريين، وذلك بكلمات قاطعة متفائلة لا لبس فيها، ورؤية طموح.. قال الوزير بوضوح: إن هناك ثانوية عامة معدلة تنهي بلا رجعة الدروس الخصوصية التي سوف تصبح، مع نظامه الجديد، بلا جدوى ولا نفع للطلاب، فلن تساعدهم على حل الامتحان في صورته الجديدة، ولا على فهم المنهج، وأن الوزارة سوف تعمل على توفير جميع مصادر التعلم الرقمي وتدريب المعلمين، كي تقدم لأبنائنا خدمة تعليمية راقية ومعتمدة.


الدكتور طارق شوقي قال يومها: "نصيحتي للجميع ألا تستجيبوا لضغوط الدروس الخصوصية؛ لأنكم لن تحتاجون إليها، ولن يكون لها أي تأثير على الأداء في السنوات المقبلة". 

كلمات الوزير أثلجت صدورنا، فقلنا وقال كل ولى أمر: الحمد لله أن خلصنا الوزير طارق شوقي من الثانوية العامة القديمة بكل متاعبها ومشاكلها وتخلفنا، وداعب الأمل نفوسنا بأننا نستقبل تطويرًا هائلًا في نظامنا التعليمي وأن عقدة الثانوية العامة سوف تنفك على يديه.. 

نظام تعليمي جديد

 

وأظنه كان صادقًا في رغبته لإزاحة هذا الكابوس الجاثم فوق صدورنا منذ عقود لم تتحقق خلالها أي عدالة أو تكافؤ فرص مع الثانوية العامة، ولم تبشرنا بمستقبل أفضل، ولم تعبر بأي حال عن القدرات الحقيقية لطلابنا حتى وإن حصل بعضهم على الدرجات النهائية أو فوق النهائية وتلك من عجائب الدنيا التي لا نرى لها مثيلًا في أكثر الدول تقدمًا.


وكم كان الدكتور طارق شوقي صادقًا مع نفسه ومعنا حين بادرنا معترفًا بانتهاء صلاحية منظومة التعليم في مصر، وأنه مهما نحاول إصلاحها أو تطويرها أو ترقيعها بمعنى أدق بتطبيق نظم جديد للامتحان أو بتعديل بعض المناهج  فلن تجدي محاولات إصلاحها فتيلًا.. وفي أحسن الأحوال يمكن إصلاحها بنسبة لا تتجاوز 20%؛ ومن ثم فلا مفر من نسف حمامنا القديم- هكذا قالها الوزير بشجاعة تُحسب له- وتأسيس نظام تعليمي جديد أو بديل يبدأ بالحضانة، مرورًا بكل مراحل التعليم، وصولًا للدراسات العليا؛ ليفرز في النهاية ما تحتاجه مصر من كوادر وأفكار ومنتجات علمية على أعلى مستويات الجودة والإبداع.


ليس هناك خيار آخر- كما يقول الدكتور طارق شوقي- إذا ما أردنا تقدما ونهضة حقيقيين تسعى الحكومة لتحقيقهما بكل ما وسعها الجهد، وتدعو مكونات المجتمع كافة للإسهام بدورها كلًا بقدر ما يستطيع لإنجاز حلم طال انتظاره.

 


فهل كان الوزير متفائلًا أكثر من اللزوم حين بشرنا بتغيير جذري للتعليم؛ ثم جاء الواقع ليقول شيئًا آخر تمامًا؛ فلا الدروس الخصوصية تراجعت ولا الغش توقف، ولا العقول تحررت من الحفظ والاستظهار، ولا تحقق الإبداع الذي يريده الوزير ونريده نحن أيضًا معه، ولا تخلى الطلاب عن المنهج التقليدي تحصيلًا وامتحانًا؛ ولا توقف السيستم عن السقوط أثناء الامتحانات.. وكان آخرها امتحان التيرم الثاني اللغة العربية للصف الثاني الثانوي الذي اضطرت الوزارة لمنح الدرجة النهائية لنحو 92 ألف طالب لم يتمكنوا من أداء الامتحان الإلكتروني بسبب سقوط السيستم من أصل 582 ألفًا هم جملة الطلاب الذين تقدموا لهذا الامتحان.

الجريدة الرسمية