رئيس التحرير
عصام كامل

د. محمود فوزي يكتب: الأندية الرياضية والرأسمالية الفكرية

د. محمود فوزي
د. محمود فوزي

أدت الزيادة المتنامية لأهمية الرياضة، وتنامي شعبيتها حول العالم إلى بناء صناعة دولية ضخمة؛ تُقدر استثماراتها ورءوس أموالها بمليارات الدولارات؛ حيث تسعى الدول إلى التوسع في تأسيس الأندية، ومراكز الشباب، والمدارس الرياضية في الألعاب المختلفة؛ فضلًا عن تطوير بنيتها التحتية من ملاعب ومرافق ومطاعم ومراكز تسوق؛ لإشباع الأنشطة الترفيهية والتجارية والاجتماعية المصاحبة للرياضة، وهو ما يتطلب الحاجة إلى رءوس أموال هيكلية محترفة للأندية الرياضية قادرة على إدارة الموارد البشرية؛ كقوى تنفيذية مسئولة عن تحقيق أهداف وسياسات الإدارة.

 

أحد أجهزة التنشئة الاجتماعية

كما تمثل الأندية والمؤسسات الرياضية شريكًا رئيسًا في التنمية المجتمعية المستدامة؛ كأحد أجهزة التنشئة الاجتماعية؛ إلي جانب كل من: البيت، والمدرسة، ودور العبادة؛ بما تمتلكه من مقومات وبنى تحتية وموارد مادية قادرة علي تأهيل وإعداد الجمهور؛ شريطة الاتساق مع المثل والقيم الأخلاقية؛ كالتضامن والتكافل الاجتماعي، وتعزيز معاني التطوع والتضحية وإنكار الذات، وغرس مفاهيم الوطنية والولاء، وقبول الاختلافات الثقافية والدينية والعرقية؛ إلى جانب تعزيز مشاعة الفخر والتقدير الاجتماعي.

وتحاول هياكل الجهاز الإداري بالأندية أن ترسم ملامح خططها الإستراتيجية على المدى الزمني الطويل، فضلًا عن كونهم يشكلون-أنفسهم- جزءًا من سمعة النادي وصورته الذهنية وعلامته التجارية المميزة لدى أعضائه ومتابعيه أيضًا؛ تلك العلامة التي تنطوي على العديد من الجهود الإدارية والاتصالية والشخصية أيضًا؛ مثل مدى كفاءة رؤساء وأعضاء مجالس إدارة النادي، وسيراتهم الذاتية، ومدى انعكاس ذلك على ثقافة النادي، ورسالته، ورؤيته المستقبلية، وخطط تطويره، وأسلوب قيادته، وكيفية إدارة علاقاته مع الأعضاء وجماعات المصالح.

 

إرساء إستراتيجيات إدارية

وتعتبر الغاية النهائية والتحدي الأكبر في ذات الوقت لأي جهاز إداري بالأندية هو إرساء إستراتيجيات إدارية لكل من جماهيره الداخلية من موظفين وعاملين؛ على نحو مواز من إدارة العلاقات مع جماعات المصالح مثل: (أعضاء النادي، المشجعين، وسائل الإعلام، الجهات الحكومية، الرعاة، الموظفين، البنوك، وكلاء اللاعبين والمدربين، حملة الأسهم، الأندية الرياضية الأخري، الاتحادات الرياضية الوطنية، مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني).

وهو ما يتطلب امتلاك فنون إدارية رشيدة ومهارات اتصالية متخصصة قادرة على إدارة العلاقات مع الجماهير متباينة السمات الديموجرافية، ومتنوعة الفئات والاهتمامات كل منهم؛ من أجل نيل ثقة العضو؛ الذي يدفع مبالغ مادية نظير الخدمات المقدمة له، وكذلك نظير إدراك العديد من القيم المعنوية غير الملموسة؛ كشهرة النادي، وتصنيفه الدولي، ومستوى فرقة الرياضية، وانتمائه لاتحادات وطنية أو دولية، ومدى تمثيل لاعبيه بفرق المنتخبات القومية بالألعاب المختلفة، فضلًا عن الارتباط الذهني للنادي بمعاني أخلاقية سامية؛ تعمل الدعاية على ترويجها وترسيخها؛ كالتضحية، والوطنية، والروح الرياضية.

 

التفاعل الإلكتروني النشط 

وتنعكس هذه الثقة علي انغماس العضو في الأنشطة الاتصالية والاجتماعية والرياضية للنادي؛ على المستوي الواقعي، وكذلك الافتراضي؛ من خلال التفاعل الإلكتروني النشط عبر شبكات التواصل الاجتماعي، واستخدام الكلام الشفهي Word Of Mouth في الدعاية الشخصية المباشرة للنادي، والارتباط الذاتي بالعلامة التجارية لهذه المؤسسة؛ التي يحرص دومًا علي تأييدها ودعمها، والاشتراك في عضويتها؛ كي يشعر بالفخر، والاعتزاز، والتقدير الاجتماعي.

الجريدة الرسمية