رئيس التحرير
عصام كامل

الضمير والتعليم وأزمة جيل!

السؤال المهم: هل يرتبط الضمير بالتعليم ؟! والإجابة بالقطع لا فكم متعلم تجده ظالمًا منافقًا متملقًا وجبانًا.. الضمير غريزة تتحكم بصاحبه المتعلم وغير المتعلم.. الضمير تصرف الإنسان مع البشر في محيطه الخارجي ومع كل من حوله حتى الكتابة هي جزء من عقلية الإنسان تتحكم فيما يمليه من أفكار بناءة لا هدامة تدعو للقتل وسفك الدم أو الفتنة.

الضمير هو الرقابة العليا التي تحيط بالإنسان وتلازمه في سكناته وحركاته وكل أفعاله؛ هو دليله إلى الحق ومانعة من الشر ومؤنبة على الخطأ.. وهذا الضمير يُبنى مع الإنسان رويدًا رويدًا، وهنا يأتي دور الأسرة في تنميته ومنحه القدرة على الثبات إذا ما تعارضت بعض مصالحنا مع ما تربينا عليه من مُثل وقيم صالحة.. فقد يخسر المرء على المدى القصير لكنه الرابح الأكبر على المدى البعيد حيث لا نجاة ولا فوز من غير ثبات على الحق واستمساك به.

حالة انضباط

انعدام الضمير أزمة هذا العصر؛ أزمة جيل بأكمله يعيش أغلبه بلا ضمير في ظروف قاسية لكنها ليست شماعة يعلق عليها البعض أخطاءهم فلكل عصر ظروفه ومآسيه.. فماذا جرى لنا.. لماذا كل هذا الإسفاف والتردي في لغة الحوار اليومية التي حمل بذاءة وقبحًا لا يرى شبابنا وصغارنا غضاضة في المجاهرة بها على أعين الناس دون رادع ولا معقب.. أين ذهبت ضمائرنا.. وكيف اختلت منظومة الضمير التي ترسم للإنسان طريق الفضيلة وتميز  له الخير من الشر.. لماذا هذا الجموح وطغيان المادة على كل شيء حولنا حتى صار إنسان هذا العصر كالآلة.. لماذا تراجع دور المؤسسات المعنية بصناعة الأخلاق والضمير والوعي؟!

هناك حالات يكون الضمير فيها نائمًا ولكن ليس في سباتٍ عميق، بمعنى أنه يمكن إيقاظه كي يقوم بدوره كرقيبٍ ضابطٍ لإيقاع الحياة.. وهو ما يجب أن تنهض به الأسرة والمدرسة والأزهر والكنيسة ومؤسسات الثقافة والشباب.. فهل فعلت؟!

إيقاظ الضمير مهمة مجتمعية جديرة بالاهتمام والعمل، فهي وسيلتنا الوحيدة نحو مجتمعٍ منتظمٍ وراقٍ وسليم ومنتج. من الأجدى أن نعمل جميعًا على تفعيل وإحياء دور الضمير في كل منّا؛ ذلك أنه الحارس الوحيد الذي يغني عن كل الحراس الآخرين في تنظيم حياة الجميع وردع المجرمين فهو يعرف النوايا قبل وقوع الخطأ فيقوم بدوره العظيم رادعًا صاحبه عن ذلك بقناعة والتزام، مولدًا حالة انضباط فردية سرعان ما تتحول إلى حالة انضباط عامة في المجتمع ككل!

المهمة صعبة لكنها ليست مستحيلة، وهي بلا شك مهمة شريفة تستحق أن تبذل من أجلها كل الجهود وقد تستلزم وقتًا طويلًا، لكن نتائجها رائعة على المدى البعيد في بناء المجتمع الصالح والمتقدم والحضاري الذي هو غايتنا وأملنا.. فهل نتحرك؟!

الجريدة الرسمية