رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

وزير التعليم العالي يشرف على الجامعات أم يديرها؟ (2)

لا يزال الحديث موصولًا وعودا على ما بدأناه وأشرنا فيما سبق إليه حول اختصاص رئيس الجامعة إدارة شئون الجامعة العلمية والإدارية والمالية، وبكل ما يتعلق بشئون العاملين من غير أعضاء هيئة التدريس، وأنه الوزير المختص بالنسبة لهؤلاء العاملين ويمتلك جميع الاختصاصات والسلطات المقررة للوزير المختص في القوانين واللوائح المنظمة لشئونهم.

 

ولا يؤثر على اعتبار رئيس الجامعة الوزير المختص فى شأن تطبيق حكم الفقرة الأخيرة من المادة (21) من القانون (47) لسنة 1973، ما نصت عليه المادة (6) من هذا القانون من أن "تمارس الإدارات القانونية اختصاصاتها الفنية في إستقلال"، ذلك أن هذا الاستقلال ليس مقصودًا لذاته وإنما استلزمته الطبيعة الفنية للأعمال المنوطة بمديري وأعضاء الإدارات القانونية، وبالتالي فهو مقصور على مجرد ممارسة الاختصاصات الفنية فقط، ولا يمتد إلى غيرها من الاختصاصات التي يباشرها أعضاء الإدارات القانونية.

 

ولا يعني ذلك أن استقلال مديري وأعضاء الإدارات القانونية بممارسة اختصاصاتهم الفنية مطلق من كل قيد، بل على العكس من ذلك، فإن لرئيس مجلس إدارة الجهة المنشأة فيها الإدارة القانونية سلطة الإشراف والمتابعة لتحقيق سرعة إنجاز الأعمال المحالة للإدارة القانونية، وله أيضا سلطة تقرير الإستمرار في الدعاوى والصلح فيها أو التنازل عنها، وذلك على النحو الذى نصت عليه الفقرة الثانية من المادة (6) من القانون عاليه.

 

هيئة قضايا الدولة

 

وفضلا عن ذلك فقد أجازت المادة (3) من ذات القانون لرئيس مجلس الإدارة، بناء على اقتراح الإدارة القانونية، إحالة بعض الدعاوى والمنازعات التي تكون الجهة طرفا فيها إلى هيئة قضايا الدولة أو التعاقد بشأنها مع مكاتب محاماة خاص، وحقيقة الأمر أن الإدارات القانونية في المؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات الاقتصادية هي أجهزة معاونة للجهات المنشأة فيها، وفقا لما تقضى به المادة (1) من القانون (47) لسنة 1973.

 

ومؤدى ذلك أن الإدارات القانونية ليست مستقلة عن الجهات المنشأة فيها، فهى جهاز معاون لها، وإدارة من إدارتها، وأعضاؤها من العاملين فيها الذين يخضعون لسلطاتها الرئاسية، وتطبق فى شأنهم القوانين واللوائح والأنظمة المطبقة على غيرهم من العاملين فيما لا يتعارض وأحكام القانون (47) لسنة 1973، وبذلك فإن إعتبار رئيس الجامعة هو الوزير المختص فى تطبيق حكم المادة (21) من القانون المذكور لا يتضمن ثمة إهدار للاستقلال الفني للإدارة القانونية بالجامعة بمعناه سالف البيان، ولا يعدو أن يكون ممارسة من رئيس الجامعة لسلطاته المقررة له قانونًا بموجب نصوص قانون تنظيم الجامعات وفقا لما تقدم.

 

ولا يخل ذلك بالضمانة الأساسية التي قررها المشرع لإحالة مديري وأعضاء الإدارات القانونية للمحاكمة التأديبية والتي تظل قائمة دون أدنى مساس بها، فلا يجوز لرئيس الجامعة إحالتهم إلى المحاكمة التأديبية إلا بناء على تحقيق يتم بمعرفة التفتيش الفني بوزارة العدل وفقا لما تقضي به الفقرة الأخيرة من المادة (21) من القانون (47) لسنة 1973، فالضمانة التى قررها المشرع لمديري وأعضاء الإدارات القانونية في شأن احالتهم للمحاكمة التأديبية لا تتمثل في أن تتم هذه الإحالة بقرار من الوزير المختص بقدر ما تتمثل في أن تتم الإحالة بناء على تحقيق تجريه إدارة التفتيش الفني بوزارة العدل.

 

قانون الخدمة المدنية

 

وأما عن حياد مديري وأعضاء الإدارات القانونية في ممارستهم لأعمال وظائفهم، فقد نصت الفقرة الثانية من المادة (57) من قانون الخدمة المدنية رقم (81) لسنة 2016 على أن "يحظر على الموظف بصفة خاصة مباشرة الأعمال التى تتنافى مع الحيدة، والتجرد، والالتزام الوظيفي"، وأن مدونة سلوك وأخلاقيات الخدمة المدنية التي يتعين على كل موظف الإلتزام بها وفقًا لما تقضي به الفقرة الأولى من ذات المادة جعلت الحيادية من ضمن القيم الأساسية التي يتعين على الموظف الالتزام بها، وعرفتها بأنها "التصرف على أساس ما تمليه الجوانب الموضوعية فقط على الموظف، وتقديم الخدمات للمواطنين على حد سواء، وإسداء النصيحة لهم دون تمييز وفقا لمعتقدات سياسية أو دينية أو عرقية".

 

وبهذه المثابة فإن التزام الموظف بأداء أعمال وظيفته بحيدة وتجرد يعد التزامًا ملقي على عاتق كل موظف وليس على عاتق مديري وأعضاء الإدارات القانونية فقط، ومع ذلك فلم يكن هذا الحياد مانعًا دون مباشرة السلطات المختصة لاختصاصها بإحالة المخالفين من موظفيها إلى المحاكمة التأديبية، وبالتالي فإن حياد أعضاء الإدارة القانونية بالجامعة في أداء أعمال وظائفهم الفنية لا يصلح سببا لغل يد رئيس الجامعة عن إحالتهم للمحاكمة التأديبية.

 


والمسئولية في دعاوى التأديب لا تنعقد ولا تتصل بها المحكمة إلا إذا تمت الإحالة وفق الإجراءات التي نص عليها القانون ومن السلطة التي حددها، وهي بالنسبة لأعضاء الإدارات القانونية الخاضعين لأحكام القانون 47 لسنة 1973 تكون بناء على طلب من الوزير المختص، وبعد تحقيق يتولاه أحد أعضاء إدارة التفتيش الفني بوزارة العدل نزولًا على صريح نص المادة 21 من القانون سالف الذكر، فإذا تمت الإحالة إستنادًا لهذه الضوابط كانت صحيحة، ويتعين على المحكمة التأديبية الفصل في موضوع الدعوى، أما إذا لم تتم الإحالة طبقًا لهذه الضوابط فإنها تكون غير صحيحة وتكون الدعوى غير مقبولة لإقامتها بغير الطريق القانوني.

وللحديث بقية..

Advertisements
الجريدة الرسمية