رئيس التحرير
عصام كامل

وزير التعليم العالي يشرف على الجامعات أم يديرها؟ (1)

نصوص قانون تنظيم الجامعات جاءت قاطعة الدلالة على تولي رئيس الجامعة إدارة شئون الجامعة العلمية والإدارية والمالية، وعلى اختصاصه بكل ما يتعلق بشئون العاملين من غير أعضاء هيئة التدريس، وأنه الوزير المختص بالنسبة لهؤلاء العاملين ويمتلك جميع الاختصاصات والسلطات المقررة للوزير المختص في القوانين واللوائح المنظمة لشئونهم، بما في ذلك كل ما يتعلق بمساءلتهم تأديبيًا.

 

ويمتلك رئيس الجامعة جميع سلطات واختصاصات الوزير المختص المتعلقة بمساءلة العاملين المدنيين من غير أعضاء هيئة التدريس تأديبيا وفقا لما تقضي به المادة (162) من قانون تنظيم الجامعات، وكان مديرو وأعضاء الإدارات القانونية بالجامعات هم من العاملين من غير أعضاء هيئة التدريس، ومن ثم يكون هو الوزير المختص فى شأن تطبيق حكم الفقرة الأخيرة من المادة (21) من القانون (47) لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها، فلا تقام الدعوى التأديبية على مديرى وأعضاء الإدارة القانونية بالجامعة إلا بناء على طلب رئيس الجامعة.

 

وإذ كان رئيس الجامعة هو السلطة المختصة بإحالة العاملين من غير أعضاء هيئة التدريس إلى مجلس التأديب بالجامعة وفقا لصريح نص المادة (164) من قانون تنظيم الجامعات، فإنه يغدو السلطة المختصة بإحالة مديرى وأعضاء الإدارة القانونية بالجامعة إلى المحاكمة التأديبية، ذلك أن نص المادة (164) من قانون الجامعات قد ظل بصياغته الحالية، وأستقرت أحكامه على النحو القائم حاليًا.

 

وزير التعليم العالي

 

ولم يلجأ المشرع إلى تعديله مع بدء العمل بقانون الإدارات القانونية الذي جاء صدوره لاحقا على صدور قانون تنظيم الجامعات، بموجب القوانين المعدلة لأحكام هذا القانون وذلك باستثناء مديرى وأعضاء الإدارات القانونية بالجامعات من الاختصاص العام المقرر لرئيس الجامعة بإحالة جميع العاملين من غير أعضاء هيئة التدريس إلى المحاكمة التأديبية، وأن يعهد بهذا الاختصاص صراحة إلى وزير التعليم العالي، الأمر الذى يكشف بوضوح على إصرار المشرع وتأكيده على اعتبار رئيس الجامعة هو الوزير المختص فى شأن تطبيق حكم الفقرة الأخيرة من المادة (21) من قانون الإدارات القانونية.

 

وفيما يتعلق بسلطات واختصاصات وزير التعليم العالي بالنسبة للجامعات الخاضعة لأحكام قانون تنظيم الجامعات، فقد نصت الفقرة الأولى من المادة (13) من هذا القانون على أن (الوزير المختص بالتعليم العالى هو رئيس المجلس الأعلى للجامعات ويشرف عليها بحكم منصبه).

 

ويتضح من ذلك أن وزير التعليم العالي يشرف على الجامعات ولا يديرها، ولا يملك أى سلطات تنفيذية تتيح له التدخل فى شئونها، وهو يستمد اختصاصاته من رئاسته للمجلس الأعلى للجامعات، وهى فى مجملها اختصاصات غير تنفيذية وإنّما تتعلق بتخطيط السياسة العامة للتعليم الجامعى والبحث العلمى، والتنسيق بين الجامعات فى أوجه نشاطها المختلفة، وذلك على النحو الذى نصت عليه المادتين (12) و(19) من قانون تنظيم الجامعات.

 

اختصاصات رئيس الجامعة

 

فى حين عهد القانون إلى رئيس الجامعة بالاختصاصات التنفيذية، فنصت الفقرة الثانية من المادة (26) منه على أن رئيس الجامعة مسئول عن تنفيذ القوانين واللوائح الجامعية وقرارات مجلس الجامعة والمجلس الأعلى للجامعات فى حدود هذه القوانين واللوائح، الأمر الذى يُعدّ تأكيدا على اعتبار رئيس الجامعة هو الوزير المختص بكل ما يتعلق بشئون العاملين من غير أعضاء هيئة التدريس ومسائلتهم تأديبيا، وبتطبيق أحكام القوانين واللوائح داخل الجامعة.

 

ولا يُغير من ذلك أو ينال منه ما نصت عليه الفقرة الثالثة من المادة (13) من قانون تنظيم الجامعات من أن للوزير المختص بالتعليم العالى أن يطلب من رئيس الجامعة التحقيق في الوقائع التى يحيلها إليه، وذلك طبقا للقواعد والإجراءات المنصوص عليها فى هذا القانون وموافاته بتقرير عن نتيجة التحقيق.

 

إذ أن هذا النص لا يعدو أن يكون مجرد تطبيق لما لوزير التعليم العالي من سلطة إشرافية على الجامعات تسمح له باستيضاح حقيقة بعض الوقائع التى تحدث بالجامعة، ولا يتعدى ذلك إلى المساس بالاختصاصات المقررة قانونًا لرئيس الجامعة بإدارة الشئون العلمية والإدارية والمالية للجامعة.

 

السلطات التأديبية

 

وفي مقام تحديد سلطات التأديب أوكل القانون إلى رئيس الجامعة مباشرة جميع السلطات التأديبية المقررة للوزير، مع تخييره بأن يكلف أيًا من المسئولين بالجامعة بالتحقيق مع العاملين من غير أعضاء هيئة التدريس، أو إحالة الأمر إلى النيابة الإدارية لمباشرة التحقيق، مما يعنى أن الأصل العام أن التحقيق فى المخالفات التأديبية المنسوبة إلى العاملين بالجامعة من غير أعضاء هيئة التدريس منوط بالجهات المختصة بالتحقيق فى الجامعة.

 

إلا أن المشرع قدر أن ثمة حالات قد تقتضي المصلحة العامة لإعتبارات يقدرها رئيس الجامعة باعتبار أنه القوام على تلك المصلحة أن يعهد بالتحقيق فيها إلى النيابة الإدارية، وأن سلطة رئيس الجامعة فى الإكتفاء بتحقيق داخلى بالجامعة أو الإحالة إلى النيابة الإدارية هي سلطة أصيلة منحته إياها المادة (163) من قانون تنظيم الجامعات، وما تضمنه من سلطة تقديرية لرئيس الجامعة دون مقيد من سند أو نص تشريعى مماثل.

 

 

فإذا أجازت المادة (163) من قانون تنظيم الجامعات للوزير المختص بالتعليم العالى إحالة العاملين من غير أعضاء هيئة التدريس إلى النيابة الإدارية للتحقيق معهم، فإن ذلك يعد استثناء من أصل عام، ومن ثم لا يجب القياس عليه أو التوسع فى تفسيره وتأويله، لتظل اختصاصات وزير التعليم العالى بشأن الجامعات اختصاصات اشرافية لا تنال من الاختصاصات التنفيذية لرئيس الجامعة ومن اختصاصه الأصيل بإحالة العاملين من غير أعضاء هيئة التدريس إلى التحقيق والمحاكمة التأديبية بما فى ذلك مديرى وأعضاء الإدارة القانونية بالجامعة.. وللحديث بقية

الجريدة الرسمية