رئيس التحرير
عصام كامل

سر ضياع الحلم!

سهل جدا أن تحلم ولكن عليك لكى تحول هذا الحلم إلى واقع أن تعمل ما هو ضروري وواجب لذلك.. ونحن كلنا في مصر حلمنا بالعودة إلى المونديال مجددا ولكننا لم نفعل ما هو ضروري وواجب لتحقيق ذلك الحلم وتحويله إلى واقع!.. أنا لا أنكر أننا خضنا مباراة السنغال في داكار في ظروف غير طبيعية أو بالأصح عصيبة بدءا من الاستقبال العدائى لبعثة منتخبنا الذى غلبت عليه مشاعر الكراهية.

 

وحتى استخدام الليزر من قبل الجمهور السنغالي لتشتيت انتباه وتركيز لاعبينا مع الرمى بزجاجات المياه والحجارة أحيانا.. وقد أسفر ذلك عن إخفاق لاعبينا في ضربات الترجيح.. لكن الأمانة تقتضى أن نعترف بأننا خسرنا فرصة الصعود لكأس العالم في القاهرة وقبل السفر إلى دكار، وذلك حينما أدينا مباراة متواضعة جدا والتزمنا الدفاع طوال المباراة واكتفينا بالفوز بهدف واحد، وتصورنا أن الدفاع في مباراة العودة سوف يضمن لنا التعادل فيها!

 

مشكلتنا الكروية

 

أما إذا رجعنا بذاكرتنا قليلا إلى الوراء سوف نكتشف أن مشكلتنا الكروية لا تكمن فقط في خسارة مباراة بعد إهدار ضربات الترجيح أو حتى لأداء لا يتناسب مع رغبتنا للوصول إلى المونديال في مباراة القاهرة.. وإنما مشكلتنا الكروية تكمن في الطريقة والأسلوب والنهج الذى ندير به لعبة كرة القدم، بل ومعظم أنشطتنا الرياضية.. فهذا النهج لا يعرف التخطيط والإعداد الصبور والمتأنى طويل الأجل.. ولا يعطى العيش لخبازه.. ولا يمنح الفرصة للأكفاء والموهوبين.. ويبالغ فى تلميع عديمى الموهبة وأنصاف الموهوبين ويغدق عليهم بالمكاسب والألقاب الفخمة وحولهم إلى أساطير!

 ومن يريد أن يتأكد من ذلك يمكنه أن يسترجع ما فعلناه بعد مشاركتنا الضعيفة في مونديال موسكو.. لقد غضبنا وانفعلنا ودفعنا اتحاد الكرة للاستقالة وأقلنا المدير الفنى الذى أوصلنا إلى المونديال بعد غياب نحو عقدين من الزمان ودخلنا في دوامة إدارية لشئون الكرة عطلت اختيار مدرب للمنتخب عدة شهور، وعندما اخترناه  أقلناه لسوء أداء المنتخب في تصفيات كأس العالم.

 

وبعدها اخترنا مدربا أجنبيا جديدا للمنتخب في خضم التصفيات والمنافسات المتعددة، عربيةَ وأفريقية.. ولم نحسن التعامل معه.. فالبعض منا تربص به لغرض في نفس يعقوب، والبعض الآخر ارتفع به إلى مصاف الأنبياء الذين لا يخطئون!

 

وهكذا كانت السمة الأساسية لعملنا من أجل الوصول إلى المونديال هى العشوائية والفوضى والارتجال والانفعال وردود الفعل المتسرعة، وفي ظل ذلك تتبدد إمكانية وجود خطة طويلة المدى للنهوض بالنشاط الكروى، وتضيع فرصة القيام بعمل جاد وجماعى من أجل الارتقاء بالكرة المصرية.. وإذا كنا نقول الآن قدر الله وما شاء  فعل فإن الله قدر لنا على مستوى ما قمنا به من عمل.
 

 

والآن لعل صدمة  ضياع حلم  المونديال تمنحنا فرصة حقيقية لتغيير كل هذا الأوضاع وإصلاح كل أحوال لعبة كرة القدم. فقد حان الوقت لآن تحظى تلك اللعبة بمواهب مصرية حقيقية تلقى الرعاية من الصغر وطوال الوقت، ومدربين دارسين ولديهم خبرات حقيقية، وإعلام رياضى خال من التعصب والسطحية، وإدارة تناقش وتدرس وتبحث قبل إتخاذ أى قرار، وحساب لكل متجاوز ومخطئ مهما كان شأنه أو اسمه.. فإذا كنا في عالم السياسة نقول إن لا أحد مهما كانت مكانته يمتلك الحقيقة ويحتكر الصواب وحده، فهذا القول ينطبق أيضا على كل مجال.. اقتصادى، اجتماعى، ثقافى، فنى، ورياضى.

الجريدة الرسمية