رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

خطاب مفتوح إلى المستشار عزت أبو زيد (2)

سبق وأن تحدثنا عبر الخطاب المفتوح عن الخلاف القانوني الصاخب حول ما عُرِف باسم لجان التأديب بهيئة النيابة الإدارية، وعرضنا رأي المؤيدين والمعارضين، وحُجج الفريقين، إلا أننا رأينا أن هناك من سلكَ مسلكًا وسطًا بين الفريقين، ليُحقق الصالح العام، حتى تعود العدالة المنشودة إلى ميدان الوظيفة العامة بعد أن أفلت الموظفون المنحرفون من العقاب. وإليكم ذلك الرأي الرشيد من داخل النيابة الإدارية، وهو أحد السادة المستشارين الأجلاء قضاة التحقيق، الذي خرج من رحم هذه الأزمة، ومن شأنه نزع فتيل المعركة القضائية المستمرة للآن، وحل الأزمة نهائيًا والذي قال:

 

تواترت أحكام المحاكم التأديبية والإدارية العليا وفتاوى مجلس الدولة على إلغاء قرارات الجزاء الصادرة عن لجان التأديب بالنيابة الإدارية، ونرى أن تضمين مذكرة التصرف في القضية مقدار الجزاء من واقع لائحة الجزاءات بكل جهة إدارية يجعله بمنأى من الإلغاء، ويحصن قرار النيابة الإدارية للأسباب التالية:

 

أولًا: مذكرة التصرف عمل قضائيً
المادة 11 من قانون النيابة الإدارية رقم 117 لسنة 1958 نصت على إعداد عضو النيابة مذكرة بنتيجة التحقيق مشفوعة برأيه، ومفاد ذلك أن مذكرة التصرف جزء لايتجزأ من التحقيق تتضمن ما أسفر عنه التحقيق من وقائع وتكييفها ورأي النيابة فيها، وتصدر من النيابة بصفتها الأمينة على الدعوى التأديبية طبقًا لنص المادة الرابعة من القانون عاليه.

 

ثانيًا: الظهير التشريعي
المادتان 12، 14 من قانون النيابة الإدارية نصتا على أنه: وللنيابة إذا رأت أن الواقعة تستأهل عقوبة أشد مما تملكه الجهة الإدارية، إحالة الأوراق إلى المحكمة التاديبية المختصة، ومفاد ذلك أن المشرع منح النيابة الإدارية سلطة تقدير العقوبة المستحقة للجُرم المرتكب، لتقرر الإحالة للمحاكمة، أو الاكتفاء بالجزاء الإداري.



تحديد العقوبة

 

ثالثًا: تحديد مقدار الجزاء بمذكرة التصرف
تحديد العقوبة بمذكرة التصرف فضلًا عن الظهير التشريعي له بالمواد 11 ــ 12 ــ 14، من قانون النيابة الإدارية رقم  117 لسنة 1958، عملا قضائيًا، ولا يعد قرارًا إداريًا، لصدوره من هيئة قضائية وليس من جهة إدارية، وأنه غير نافذ بذاته لإحداث آثر قانوني، فلابد من إجراء لاحق يصدر من الجهة الإدارية

 

رابعًا: السوابق القضائية والعملية
اعتبارًا من عام 2009 تم تطبيق وتنفيذ عقيدة، تحديد مقدار العقوبة ببعض مذكرات التصرف الصادرة عن النيابة الإدارية.. ونفذت الجهات الادارية قرارات النيابة الإدارية حرفيًا، وتم الطعن على البعض منها أمام المحكمة التاديبية وقضي فيها بالرفض، ولم تعقب المحكمة على تصرف النيابة، ومثال ذلك القضايا أرقام 4 و9 و26 لسنة 2009 ــ 3 ــ 4 ــ 19 لسنة 2010 ــ و12 ــ  22 ــ 63 ــ 85 ــ 185 ــ 328 ــ 488 ــ 556 ــ 782 ــ لسنة 2015
 

خامسًا: النيابة الإدارية الأمينة على الدعوى التأديبية
طبقًا لنص المادة الرابعة من قانون النيابة الادارية، فإن مذكرة التصرف في التحقيق، أحد عناصر الدعوى التأديبية، ومن ثم تكون إجراء من إجراءات التحقيق تتخذه النيابة بصفتها الأمينة على الدعوى التاديبية

سادسًا: المتبع بالجهة الإدارية
المادة 197 من الدستور، والمادة 60 من قانون الخدمة المدنية نصتا على أن للنيابة الإداريه سلطة توقيع الجزاءات التي تملك الجهة الإدارية توقيعها، فإذا كانت السلطة المختصة بالجهة الإدارية وفقًا لما جرى عليه العمل لا تصدر القرار التنفيذي بالجزاء المستحق، بل تؤشر أو تعتمد مذكرة التصرف المعدة بمعرفة الشئون القانونية والمتضمنة مقدار العقوبة، وتتولى إدارة شئون الأفراد إصدار القرار التنفيذي، فيكون من باب أولى على النيابة الإدارية تحديد العقوبة بمذكرة التصرف، واتباعًا لمنهجها في العمل
 

سلطة تحقيق وتأديب


سابعًا: النيابة الإدارية سلطة تحقيق وتأديب
المشرع منح النيابة الادارية سلطة التحقيق والتأديب معًا وفقًا لنص المادة 197 من الدستور والمادتين 59 ــ 60 من قانون الخدمة المدنية، وبذلك نسخ الراي البائد القائل بعدم جواز الجمع بين سلطة التحقيق والتاديب معًا، إذ أن الرئيس المباشر يملك توقيع جزاء الخصم ثلاثة أيام من المرتب بناء على تحقيق شفوي يجريه بنفسه، كما الباحث القانوني يحدد بمذكرة التصرف في التحقيق الذي يجريه بنفسه مقدار العقوبة، ولم يقض بعدم جواز ذلك.

 

ولذلك نرى الآتي:
1ـ تضمين مذكرة التصرف مقدار العقوبة المستحق بمعرفة مديرالنيابة. 
2ـ مراجعة القضايا المنتهى فيها الى ثبوت المسئولية ــ سواء بالجزاء أو الحفظ لعدم الاهمية، بمعرفة المكتب الفني المختص. 
3ـ إرسال مذكرة التصرف فقط الى الجهة الادارية لإصدار القرار التنفيذي وموافاة النيابة به موقعًا عليه من المخالف بالعلم.
4ـ إرسال ملف القضية للجهة الادارية بعد صيرورة التصرف نهائيا، وعدم الطعن عليه.

 



هذا ما قاله الصوت الهادئ الوقور، الباحث عن الحق بعيدًا عن النزاعات غير المبررة، وقد عرض رأيه ليؤكد أن العدالة في نفس القاضي لا في نص القانون، وكأنه يناديهم بصوت رخيم، يا ليت قومي يسمعون، وله كثيرٌ من المؤيدين في صفوف أعضاء النيابة الادارية، وسيكون ولا شك محل قبول لدى الجهات الادارية، كما سيحظى العاملون بنظام تاديب قضائي يكفل العدالة الناجزة، فهل نسمع قريبًا أن المستشار عزت أبو زيد، رئيس هيئة النيابة الادارية قد صححَّ الوضع، ووضع الأمور في نصابها، وألغى لجان التأديب.. وللحديث بقية

Advertisements
الجريدة الرسمية