رئيس التحرير
عصام كامل

حرامية "أون لاين".. خبراء اقتصاديون يحذرون من كيانات وهمية تستنزف أموال الضحايا

 كيانات وهمية تستنزف
كيانات وهمية تستنزف أموال الضحايا

في كل عصر..تنشط فئة من الناس في الاستيلاء على أموال الغير. لا يخشى هؤلاء في سبيل ذلك دينًا أو عُرفًا أو قانونًا.. وتتجدد أدواتهم وتتبدل أساليبهم بتعاقب السنين والأيام.

ومؤخرًا..واكب هؤلاء المحتالون المتغيرات التقنية واستخدموها أسوأ استغلال ووظفوها لخدمة أغراضهم الشيطانية، الفضاء الإلكتروني سمح للبشر أن يتواصلوا دون أن يروا بعضهم رأي العين، هذه التقنيات اختصرت الطريق على المحتالين ووفرت عليهم الجهد والوقت، وتمكنوا من خلالها في نصب الفخاخ المحكومة لاصطياد ضحاياهم، سواء بغرض توظيف أموالهم، أو لأهداف أخرى، فضلًا عن فريق آخر من النصابين الذين ينشطون في الاستيلاء على الحسابات المصرفية الخاصة. 

ولا شك أن الضحايا يتحملون قدرًا كبيرًا من المسؤولية؛ لأنهم انساقوا وراء طرق غير مشروعية، وتنازلوا عن أموالهم بأساليب سفيهة. وبين النصابين والضحايا..يقف القانون مرتبكًا غير قادر على المواجهة الجادة.

وتظل التشريعات غائبة. كما تتحمل الحكومة مسؤوليتها كاملة؛ لأنها لم تتمكن من نشر الوعي الكامل بين المواطنين وإقناعهم بتوجيهها في المسارات الاقتصادية السليمة التي تأتي بثمارها على الاقتصاد الرسمي، وتحفظ أموال الناس، وتقطع الطريق على النصابين والمحتالين وآكلي السحت..الملف التالي يناقش ظاهرة النصب الألكتروني بكل تنويعاتها وتفاصيلها

النصب الإلكتروني

وكشف عدد من خبراء الاقتصاد عن المخاطر التى تنتج عن النصب الإلكترونى، لأنها عبارة عن كيانات وهمية خارج إطار الاقتصاد الإلكترونى الرسمى، وليس لها مقر معلوم، لأن هناك الكثير من المواطنين لا يفرقون بين الكيانات الحقيقية المسجلة لدى الدولة التى لها مواقع رسمية على الإنترنت، وبين كيانات أخرى مجهولة، مما يجعل التعامل معها يعرض الشخص للنصب والخسارة، سواء المنتجات السيئة أو مجالات الاستثمارات الوهمية التى يتم من خلالها استغلال المواطنين لدفع «تحويشة عمرهم» فيها، حيث أشارت عدة تقارير إلى أن حجم التجارة الإلكترونية فى مصر يشكل ما بين 18% إلى 19% من إجمالى الناتج المحلى.


الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادى ورئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية والإستراتيجية اكد أنه كان فى الماضى هناك مشكلة عالمية تتعلق بالتسويق الإلكترونى وعمليات النصب المتعلقة به، وتم إساءة استخدامها بشكل كبير فى مختلف دول العالم، إلا أنه تم ضبطها خلال الفترة الأخيرة، مضيفا: من ضمن صور الغش والنصب الإلكترونى: عمليات التسوق عبر المتاجر العالمية، والتى يتم من خلالها إظهار العديد من المنتجات عبر منصاتها على شبكة الإنترنت، وعند شرائها ودفع الأموال فيها يتفاجأ المواطن بأنها مختلفة تماما عن الحقيقة.


وأوضح عبده، أن انتشار فيروس كورونا خلال الفترة الأخيرة، وبالتحديد مع بداية عام 2020، اضطر الكثير من المواطنين لعدم النزول من المنازل، وشراء المستلزمات الخاصة بهم من المتاجر والأماكن المخصصة لها، وهذا ما جعلهم يلجأون بشكل كبير إلى الشراء من المتاجر الإلكترونية عبر شبكة الإنترنت، وبالرغم من وجود العديد من المنصات العالمية المتخصصة فى بيع المنتجات إلكترونيا، والتى تتمثل فى شركات أمازون وعلى بابا، وغيرها من المتاجر الإلكترونية، إلا أن هناك العديد من المنتجات التى يتم تقديمها للمواطنين لا تتوافق مع المواصفات التى تم الشراء من خلالها.

حلم الثراء
وعن بزنس النصب الإلكترونى، أكد الدكتور عبده رشاد، أن حلم الثراء والطمع من بعض المواطنين، جعلهم فريسة سهلة أمام مستريحى النصب الإلكترونى، الذين يقومون بجمع الكثير من الأموال من المواطنين بغرض استثمارها فى العملات الرقمية أو شراء العديد من المنتجات بشكل إلكترونى.

ومع الوقت يكتشف الشخص أنه لم يحصل على أي مكاسب، أو الحصول على الأموال التى لجأ إلى استثمارها للحصول على الربح الكبير من خلالها، مشددًا على ضرورة حرص المواطنين على الاستثمار فى الأماكن التى لديهم خبرة بها حتى لا يتعرضوا لأى عمليات نصب من خلالها، وفى حالة عدم وجود الخبرة، فإن أكثر المنافذ الآمنة التى يتم الاستثمار من خلالها هى البنوك، سواء فى شهادات الاستثمار أو طرق تشغيل الأموال الأخرى، حتى يتمكن المواطن من الحصول على عائد مناسب وبشكل آمن.

الاقتصاد الرسمي
من جانبه قال أحمد معطى، الخبير الاقتصادى: النصب الإلكترونى، يؤثر بشكل كبير في الاقتصاد المصرى، وهذا لأنه يدخل فى البداية ضمن العمليات الخفية التى لا تدخل فى الاقتصاد الرسمى للدولة، بالإضافة إلى عدم دخولها فى الشمول المالى، لعملها خارج القطاع المصرى مما تؤثر على الموازنة العامة للدولة فى حالة إذا كانت عمليات النصب بمبالغ كبيرة، مؤكدًا أن عمليات النصب تنتشر بشكل كبير فى حالة الأزمات التى تعانى منها البلاد.

وهذا ما ظهر بشكل كبير مع بداية أزمة كورونا واستغلال المواطنين نتيجة توقف العملية الاقتصادية والاستثمارات، مما يوفر مناخ مناسب للأشخاص للعمل على استغلال المواطنين والنصب عليهم، مضيفا أن تم تكرار عمليات النصب بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة وبالتحديد مع بداية عام 2020، وحتى أواخر 2021.


وأوضح أن السوشيال ميديا من أبرز الأسباب التى أدت إلى عمليات النصب بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، لعدم وجود رقابة كافية عليها، مشيرا إلى أن هناك عددا من الأشخاص استغلوا أزمة كورونا وروجوا لاستيراد أدوية ضد كورونا وبيعها بأضعاف أسعارها فى مصر، وهذا ما ساعدهم فى تحصيل حوالى 300 مليون جنيه من المواطنين نتيجة النصب عليهم، مشيرا إلى أن الدولة بدأت تتحرك مع تزايد الشكاوى خلال الفترة الأخيرة.

وهذا ما ساعد الشرطة فى ضبط العديد من حالات النصب، والتى تم تقديرها بمئات الملايين، مطالبا بضرورة حرص المواطنين على الاستثمار فى المصادر الموثوقة لعدم تعرضهم للنصب، سواء فى البنوك أو المجالات العقارية المختلفة التى تخضع للدولة، للحصول على مكاسب كبيرة وآمنة.


وأوضح أن القائمين على عمليات النصب يلجأون إلى استخدام "سلسلة بونزي"، وهى واحدة من أشكال الاحتيال التى يتم استخدامها فى العملات الافتراضية، فى عمليات النصب الجماعية وتحصيل أكبر قدر من الأموال نتيجة الطمع واستغلال المواطنين الراغبين فى الثراء الفاحش، لافتا إلى أنه بالرغم من تكرار عمليات النصب بشكل كبير، إلا أن المواطنين لا يتعلمون من عمليات النصب التى يسمعون عنها بشكل مستمر.

العملات الرقمية
وعن نصب العملات الرقمية، أكد أنها حازت على شهرة كبيرة، مما جعلها ترتفع بشكل كبير خلال أزمة كورونا فى مختلف دول العالم، وبعد انهيارها خلال الفترة الأخيرة تسببت فى خسائر كبيرة على المواطنين المستثمرين فيها.


وعن دور الدولة فى الحد من عمليات النصب الإلكترونى، أكد أن الحكومة تقوم بدور كبير خلال الفترة الحالية لرصد القائمين بعمليات النصب على شبكة الإنترنت، وهذا لأنها لا تنتظر شكاوى المواطنين الذين تعرضوا للنصب، بالإضافة إلى الدور الكبير فى توعية المواطنين من عدم التعرض لعمليات النصب والطرق التى يتم اتخاذها فى هذا الاتجاه.


وأشار إلى أنه تم إصدار قانون خلال الفترة الأخيرة يسمى "قانون التجارة الإلكترونية"، والذى يعمل على إلزام جميع الأشخاص الذين يمتلكون صفحات على مواقع التواصل الاجتماعى، باستخراج بطاقة ضريبية وسجل تجارى، وهذا ما تم تطبيق المرحلة الأولى منه بالفعل، للتأكيد على أن الشركات أو المؤسسات التى تمتلك هذه الصفحات تعمل بشكل قانونى، ومسجلة فى الدولة، مؤكدا على أن هذا القانون يعتبر خطوة مهمة جدا لحماية المواطنين من التعرض للنصب عن طريق الإعلانات الوهمية، والمنتجات السيئة.

 

نقلًا عن العدد الورقي…،

الجريدة الرسمية