رئيس التحرير
عصام كامل

حقوق الإنسان المهدرة

تصريحات وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك حول ملف حقوق الإنسان في مصر أثارت جدلًا واسعًا، وزادت حدة الجدل عندما ربطت الوزيرة الألمانية صفقات السلاح مع مصر بإعادة النظر في الملف الحقوقي.

بعض الإعلاميين ردوا على الوزيرة، وتحدثوا عن قدرة مصر على تنويع مصادر تسليحها، وأنه لا توجد دولة تستطيع لي ذراع مصر في عمليات التسليح،وأن قوة تسليح الجيش المصري تنعكس على استقرار المنطقة، واستقرار أوروبا نفسها، حيث يمتلك الجيش المصري المقومات التي تحول دون تدفق الهجرة غير الشرعية لأوروبا.

 

لست هنا معنيًا بالتوقف أمام رد الإعلاميين المصريين، ولا بالرد على إتهامات الوزيرة الألمانية لأنني لا أمتلك المعلومات، وإن كنت على يقين أن الملف الحقوقي في مصر يحتاج إلى وقفة ودراسة شاملة، خاصة ما يتعلق بحرية الرأي، ولا أعلم إذا كانت اللجنة التي وجه الرئيس بتشكيلها منذ سنوات لدراسة الحالات التي تستحق الإفراج عنها ما زالت تعمل أم توقفت.

 

هنا.. أتوقف أمام جرأة الوزيرة الألمانية على توجيه النقد لمصر بسبب ملف حقوق الإنسان، وتغاضيها عن قيام حكومتها بانتهاك حقوق الإنسان في واقعة لم يمض عليها بضعة أيام.

الأسبوع الماضي أعلنت شبكة دويتشه فيله الألمانية عن فصل  خمسة من الصحفيين عرب كانوا يعملون بها لسنوات، في واقعة تدلل على العنصرية التي تنتهجها الشبكة الممولة من الحكومة الألمانية.

 

عنصرية دويتشه فيله

 

دويتشه فيله فصلت الصحفيين العرب وفقًا لتقرير نشره صحفي ألماني، يتضمن اتهامات للصحفيين بانتقاد إسرائيل ومعاداة السامية، وشكلت الشبكة لجنة للتحقيق مع الصحفيين، كان على رأسها أحد الإسرائيليين الذي كال الإتهامات غير المنطقية للصحفيين وإتهمهم بمعاداة السامية والخروج عن التقاليد والأعراف المعمول بها في دويتشه فيله.

 

الصحفيون العرب دافعوا عن أنفسهم، مؤكدين أنهم إنتقدوا حرية الرأي في أوروبا، وكان ذلك عبر حساباتهم على مواقع التواصل الإجتماعي، لكن لجنة التحقيق لم تستمع إليهم. مرام سالم.. وهي صحفية فلسطينية تعمل منذ سنوات في الشبكة الألمانية.. أكدت أن المنشور الذي كتبته واستند له التقرير لم يتضمن ذكر لإسرائيل، لكنه تناول إنتقادًا لحرية التعبير في أوروبا.

 

تعاطف العديد من الصحفيين حول العالم مع قضية مرام وزملائها، ودشن البعض حملات على مواقع التواصل الإجتماعي للمطالبة بإعادة الصحفيين إلى العمل، لكن أحدًا لم يستمع. الغريب أن هذه الواقعة تزامنت مع زيارة الوزيرة الألمانية لمصر، وانتقادها لملف حقوق الإنسان، وكنت أتمنى أن يسألها أحد الصحفيين المصريين عن تعسف الشبكة التي تمولها حكومتها مع الصحفيين العرب، لكن هذا لم يحدث.. 

 

ولم يحدث أن توقفت البرامج المسائية أمام الواقعة للتدليل على كيل أوروبا بمكيالين في ملف حقوق الإنسان، فقد إكتفينا بالعشوائية في الرد، ولو تزامن إستضافة الإعلام المصري للصحفيين الخمسة المفصولين من الشبكة الألمانية مع زيارة الوزيرة وحديثها عن ملف حقوق الإنسان لأحرجناها، ووضعناها في مأزق، وأكدنا على إهدار ألمانيا لحقوق الإنسان، وأن حكومتها لم تتحمل (بوست) كتبه صحفي، لكننا وكالعادة.. استسهلنا الطريقة التي نرد بها، صوت عال، تشنجات، عشوائية، دون أدنى مجهود يبذل في دعم ردودنا بالأدلة التي تؤكد على إهدار ألمانيا لحقوق الإنسان.

 

 

واقعة الصحفيين العرب المفصولين من الشبكة الألمانية تستحق وقفة من الإعلام المصري، فقط.. إتصلوا بالصحفيين ليرووا حكايتهم، ومع إستضافتهم.. سنضمن مادة إعلامية شيقة وجاذبة، وأيضًا نرد على الوزيرة الألمانية، ثم نستخدم مواقع التواصل الإجتماعي في التأكيد على كيل ألمانيا بمكيالين في ملف حقوق الإنسان، وهكذا تدار الحملات، وتناقش الملفات، بالمنطق والعقل، لا بالتشنج والصوت العالي.

besheerhassan7@gmail.com

الجريدة الرسمية