رئيس التحرير
عصام كامل

المحجوب.. رحيل بطل مصري

هذا الأسبوع ارتبط برحيل العظماء، ففي نهاية الشهر الماضي رحل اللواء محمد عبدالسلام المحجوب، وفي نهاية الأسبوع مرت الذكرى السابعة والأربعين على وفاة السيدة أم كلثوم..

 أما عن ذكرى وفاة السيدة أم كلثوم فإنني أتذكر كلماتها التي سجلتها الراحلة رتيبة الحفني في كتاب أم كلثوم معجزة الغناء العربي، حيث قالت سيدة الغناء العربي (أعتقد أن أهم ما يمكن أن يُكتب عني بعد موتي إنني نقلت الجمهور من الإسفاف الغنائي الذي كان يعيشه.. من أغاني أرخي الستارة اللي في ريحنا أحس جيرانك تجرحنا إلى مستوى الصب تفضحه عيونه ورباعيات الخيام).

 

هذا التصريح يدمر المبررات التي يسوقها البعض في تفسير رداءة إنتاجهم الفني بأن الجمهور عايز كدة لأن الفنان الحقيقي دوره الارتقاء بذوق الجمهور وليس مجاراته فيما يرغب. 

وما أشبه الليلة بقرن مضى، فقبل مائة عام انتشرت موجة للأغاني الهابطة وكأنها مهرجانات ذلك الزمن، في فترة عانت مصر والوطن العربي من مشكلات الاحتلال، وجذبت هذه الموجة من الأغاني بعض كبار المطربين في بداياتهم الفنية ومنهم الموسيقار محمد عبدالوهاب الذي قدم سنة 1927 أغنية بعنوان عشرة كوتشينة..

 

المحجوب وأم كلثوم

 

وقبله بعام وقعت السيدة أم كلثوم في الفخ ذاته عندما قدمت طقطوقة بعنوان الخلاعة والدلاعة مذهبي وكانت تصنف باعتبارها من الأغاني الخارجة ولكن الحس الفني لأم كلثوم وعبدالوهاب جعلهما يدركان إنهم لا يمكن أن يتجاوبوا أكثر مع ذوق الجمهور السائد في ذلك الوقت من خلال ما يرغبه الجمهور بل العمل طوال مسيرتهم الفنية على الارتقاء بالذوق العام وهو ما نجحت فيه أم كلثوم وعبدالوهاب وغيرهم من عمالقة الطرب المصري.

 

 وفاة اللواء محمد عبدالسلام المحجوب كان لها وقعها الخاص في قلبي، ذكرتني بمدينتي الإسكندرية، فالرجل الذي شغل منصب محافظ الإسكندرية لقرابة عقد له إسهاماته الطيبة وذكراه الباقية في النفوس لنجاحه في تجديد بعض منشآت وميادين المدينة وتطوير كورنيش الإسكندرية، ولم يكن مجرد محافظ كفء بل رجل دولة بإمتياز نجح في جميع المناصب التي تقلدها..

 

كما ستظل ذكراه كضابط متميز نرددها كلما شاهدنا مسلسل دموع في عيون وقحة، ونحن نتابع دهاء وعبقرية عبدالسلام المحجوب ذلك الضابط المصري، الملقب في أحداث المسلسل بالريس زكريا، والذي قام بتدريب العميل المصري أحمد الهوان أو كما عرفناه في أحداث المسلسل بـ جمعة الشوان، وهو البطل الذي استطاع أن يخدع الإسرائيليين ويحصل منهم على أصغر وأحدث جهاز إرسال في العالم، في هذا الوقت..

 

 

وكان شيمون بيريز هو ضابط الموساد المسؤول عن أحمد الهوان في إسرائيل ليفاجئ، ومعه ضباط الموساد، برسالة آتية لهم من الجانب المصري توضح لهم أن أحمد الهوان عميل مصري زرع بداخل إسرائيل بعد أن صدمتهم رسالة  عبدالسلام المحجوب ورفاقه (نشكركم على حسن تعاونكم معنا)، والتي كانت بمثابة صفعة قوية من المخابرات المصرية على وجه الموساد الإسرائيلي.. ولم تكن هذه القصة سوى واحدة من بطولات اللواء محمد عبدالسلام المحجوب الذي مات بعد أن ترك آثرًا طيبًا في نفوس من شاهدوا إنجازاته ويتذكرون أعماله الطيبة.

الجريدة الرسمية