رئيس التحرير
عصام كامل

فبراير ١٩٦٨

هذا هو الشهر الذى شهد أول مظاهرات طلابية وعمالية احتجاجية في عهد جمال عبدالناصر بعد هزيمة يونيو ببضعة أشهر  قليلة.. حيث كانت آخر مظاهرات تشهدها مصر بعد قيام ثورة يوليو عى مظاهرات ١٩٥٤ والتى حسم بعدها أمر إستمرار مجلس قيادة الثورة ممسكا بزمام الأمور في البلاد.. وقد انفجرت هذه المظاهرات التى اشتركت فيها وأنا طالب بكلية الاقتصاد جامعة القاهرة إحتجاجا على أحكام القضاء في محاكمة قادة سلاح الطيران خلال الهزيمة والتى اعتبرها الشباب الغاضب وقتها عقوبات ضعيفة لا تتناسب مع كارثة الهزيمة التى كانت بمثابة الصدمة خاصة لجيلى الذى كان يبدأ مرحلة شبابه وقتها.

 

 معنى مظاهرات فبراير

 

وقد اتهمت منظمة الشباب وقتها بأنها وراء اندلاع هذه المظاهرات لآن عددا من كوادرها شاركوا فيها، ولذلك سعى قادة التنظيم السياسى القائم وقتها وهو الاتحاد الاشتراكى إلى تجميد نشاط منظمة الشباب وقتها وتغيير قيادتها والمتمثلة في أحمد كامل الذى خصص في مذكراته فصلا للدفاع عن منظمة الشباب وشبابها الذين شاركوا في هذه المظاهرات، وهو نفس ما فعله ثروت عكاشة في مذكراته أيضا حينما هاجم إستخدام الشرطة العنف في مواجهة المتظاهرين وهو ما أسفر عن إصابات، وكان من بين المصابين سعد الدين وهبة وهو يتابع المظاهرات من شرفةَ مكتبه وهو رئيس للشركة القومية للتوزيع التى كانت وقتها تابعة لوزارة الثقافة. وبالطبع أثار ذلك غضب شعراوى جمعة الذى كان يتولى مسئولية وزارة الداخلية وقتها الذى أنكر اتهامات ثروت عكاشة. 

 

غير أن عبدالناصر استوعب معنى ما حدث فى مظاهرات فبراير الطلابية والتى شارك فيها عمال حلوان وسارع بإعلان ورقة مارس التى تبنت إجراء تغييرات سياسية في البلاد، لآن المظاهرات التى اندلعت احتجاجا على أحكام الطيران  سرعان ما تحولت إلى مظاهرات تطالب بالتغيير السياسى حتى يمكن محو آثار الهزيمة العسكرية، وإن كان القدر لم يمهله لتحقيق هذا التغيير ولخوض حرب تحرير سيناء ولأنه انشغل حتى وفاته بإعداد بناء الجيش وبحرب الاستنزاف  المجيدة التى لم تأخذ حقها في التقدير بعد. 

 

 

ويقول ثروت عكاشة في مذكراته إن أكثر ما أغضب عبدالناصر في هتافات المتظاهرين كانت تلك الهتافات الخاصة بالشكوى من مستوى المعيشة، لأن  المصاعب الاقتصادية كانت قد بدأت تعانى منها البلاد، ولأن كل الإمكانيات وقتها كانت موجهة لإعادةَ بناء القوات المسلحة، ومع ذلك عندما توفى عبدالناصر كان أبرز الحزانى عليه من الفقراء الذين شعروا إنهم فقدوا نصيرا كبيرا لهم.           

الجريدة الرسمية