رئيس التحرير
عصام كامل

علي جمعة: الإفتاء عملية معقدة.. وصدورها من غير المتخصصين خطأ شائع

الدكتور علي جمعة
الدكتور علي جمعة

قال الدكتور علي جمعة، المفتي السابق للجمهورية، إن الإفتاء عملية مركبة ومتشابكة وليست مسألة بسيطة، ولم يزد عدد المفتين من الصحابة عن مائتين من عدد الصحابة البالغ 114 ألفا، أي لا يزيد على 2%. 

الإفتاء عملية معقدة

وأكد علي جمعة أنه من الأخطاء الشائعة تسمية كل ما يصدر عن غير المتخصصين فتوى، وتسمية الآراء الشخصية للمتخصصين أنفسهم فتوى، موضحًا أنه عندما تُعرض المسألة على من يقوم بالإفتاء فينبغي عليه أن يقوم بأربع مراحل؛ مرحلة التصوير، وبعد ذلك مرحلة التكييف، ومرحلة معرفة الحكم. 
وأما عملية الإفتاء في مرحلتها الرابعة مستقلة، حيث يراعي فيها المفتي الزمان والمكان والأشخاص والأحوال والمقاصد والمآلات، ويجري حينئذ مجموعة من القواعد المدروسة مثل ارتكاب أخف الضررين وسد الذريعة والاحتياط ودفع المفاسد وجلب المصالح؛ وبذلك يبقى الحكم الذي توصل إليه في المرحلة الثالثة مطلقا وتبقى الفتوى نسبية.
وكتب علي جمعة تدوينة على الفيس بوك "لقد رأي المسلمون في نظامهم أن الإفتاء مما ورثه العلماء عن مقام النبوة المحمدية حيث قال تعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ} فطلب الفتوى من رسول الله ﷺ، أسند إليه مهمة الإفتاء كما أسند إليه مهمة القضاء ومهمة التعليم ومهمة القيادة ومهمة الولاية مع مهمة التبليغ عن ربه"

الفرق بين الحكم والفتوى

وقال "ولذلك نرى القرافي في كتابه الفروق يفرق بين الحكم وبين الفتوى في الفرق الرابع والعشرين بعد المائتين، ويفرق بين تصرف رسول الله ﷺ إذا ما وقع هل هو من باب الفتوى أو من باب القضاء وذلك لأنه كان يتولى الأمرين معا". 
وأضاف: "وعندما تُعرض المسألة على من يقوم بالإفتاء فينبغي عليه أن يقوم بأربع مراحل؛ المرحلة الأولى هي مرحلة التصوير. فيجب أن يتصور المسألة المسئول عنها تصورا صحيحا لأن التصور إذا كان غير صحيح فأنه سيكون مسألة أخرى، وهناك كثير من الاختلافات التي تحدث بين العلماء يكون سببها أن السائل سأل كل واحد منهم عن الواقعة بطريقة مختلفة جعلت الصورة الذهنية القائمة في ذهن كل عالم مختلفة، في حين أنه لو اطّلع كل فريق على ما في ذهن الآخر لقال بنفس الحكم".
وتابع: "ويحدث أيضا في هذا المقام اختلاف ينتج من تصور السامع للفتوى إنها بإزاء مسألة أخرى غير التي صدرت بشأنها الفتوى، فيتعجب منها أو يرفضها وهو في الحقيقة قد رفض الحكم المعين لمسألة مختلفة تماما وأن الفتوى في ذاتها صحيحة؛ حتى قال الإمام أبو حامد الغزالي: "لو سكت من لا يعلم لارتفع الخلاف" [الحاوي للفتاوى]. 

مراحل الفتوى

وقال "وبعد ذلك تأتي مرحلة التكييف، فيكيف المفتي المسألة ويرى من أي نوع هي: العبادات أو المعاملات، ما بني على الأعراف أو ما ليس كذلك ثم تأتي مرحلة معرفة الحكم في مثل هذه الواقعة"
وأضاف "وأخيرا تتم عملية الإفتاء في مرحلة رابعة مستقلة حيث سيراعي فيها المفتي الزمان والمكان والأشخاص والأحوال والمقاصد والمآلات، ويجري حينئذ مجموعة من القواعد المدروسة مثل ارتكاب أخف الضررين وسد الذريعة والاحتياط ودفع المفاسد وجلب المصالح؛ وبذلك يبقى الحكم الذي توصل إليه في المرحلة الثالثة مطلقا وتبقى الفتوى نسبية سوف تختلف باختلاف تلك الجهات الأربعة". 


واختتم حديثه قائلًا: "إن عملية الإفتاء بذلك عملية مركبة ومتشابكة وليست مسألة بسيطة ولذلك عندما عدّ ابن القيم المفتين من الصحابة في كتابه إعلام الموقعين، فأنهم لم يزيدوا عن مائتين من عدد الصحابة البالغ 114 ألف، يعني بما لا يزيد 2%. وكان هؤلاء منهم المكثرون ولا يزيدون عن عشرين ومنهم المتوسطون ومنهم من صدرت منه الفتوى والفتويان. فمن الأخطاء الشائعة تسمية كل من يصدر عن غير المتخصصين فتوى وتسمية الآراء الشخصية للمتخصصين أنفسهم فتوى. بل إن الأمر وصل إلى عدّ المواقف والتصرفات من قبيل الإفتاء".

الجريدة الرسمية