رئيس التحرير
عصام كامل

لواء دكتور علاء عبد المجيد يكتب: رد الاعتبار لصعيد المجد

لواء دكتور علاء عبد
لواء دكتور علاء عبد المجيد

خطت الدولة المصرية خطوات هائلة صوب تدشين الجمهورية الجديدة بمفهومها الشامل والرشيد؛ فلا يخفى على مبصر تلك الثورة العمرانية التي أندلعت في شتى ربوع القطر المصري والتي شملت كل المحافظات بلا استثناء، ولكن حظي صعيد مصر بالنصيب الأوفر من اهتمام الدولة ورئيسها؛ حيث لم يقتصر الاهتمام على ضخ الاستثمارات الحكومية لتشييد المدن ومد الطرق فحسب؛ بل تشعب ذلك الاهتمام بصعيد مصر ليصل إلى معظم قرى ونجوع الوجه القبلي ليبدل نمط الحياة للمواطن الصعيدي ويرفع من معدلات جودة حياته ذاتها؛ لذا سرعان ما لمس - ولأول مرة منذ عقود - اهتمام الدولة برفع المعاناة اليومية عن كاهله، فبات منزله متصلًا بشبكة الصرف الصحي.. وباتت الطرق في قريته ممهدة، وشيدت المدن الجديدة في الظهير الصحراوي لكل محافظة، وأقيمت المصانع لتوفير فرص عمل كريمة دونما اضطرار للهجرة نحو العاصمة. 

 

الأبعاد التنموية للمشروعات العملاقة 

إن الأبعاد التنموية لتلك المشروعات العملاقة هائلة في عائدها الاقتصادي حقًا؛ ولكنها تحمل أبعادًا أكثر أهمية في الجانب الاجتماعي والنفسي للمواطن المصري في الوجه القبلي؛ لأنها تُعد بمثابة رد الاعتبار له بعد عقود من التجاهل التام، وذلك من شأنه أن يمحو أي امتعاض كان قد ترسب في النفوس جراء سنوات من عدم الاكتراث بحق الصعيد في حياة كريمة، وها هي "حياة كريمة" وقد صارت المشروع الأعظم للدولة؛ فيمكننا الآن القول بأن ذلك المشروع سيغير وجه الوطن حقًا، لأنه سيحصن أبناءه من الشعور بالاحباط تجاه دولتهم مما سوف يؤهلهم للانخراط في بوتقة الوعي الوطني الرشيد. 

 

معركة الوعي

إن معركة الوعي لم تتوقف رحاها يومًا، ولكن شتان بين من يعملون لتضليل وعي المواطن والعبث بهويته العتيقة بهدف هدم الأوطان وتفتيت الأمم بواسطة إثارة الاكاذيب.. وبين من يتصدى لتلك النوازع الخبيثة ببث الفكر الرشيد عسى أن تتحصن الأمة ضد هذا الفيروس الفكري الهدام، وقد كانت عقيدة الجيوش الوطنية هي الدرع الحامي للأوطان من تلك الهجمات الشرسة التي تحاول العبث بوعي المواطن وهويته بغية إسقاط الدول وتفتيت قواها؛ وهذا ما حذر منه السيد الرئيس طويلًا حينما ذكر أن الحروب الحديثة تسعى لتبديل هوية الفرد وتضليل وعيه، لذا ظلت مصر عصية أمام الفتن بفضل النزعة الوطنية الفطرية لأبناءها وبفضل عقيدة جيشها الصلبة التي ترسخ الفداء لأجل إعلاء قيمة صون الوطن والمساواة بين أفراده.

ولما كانت الفئات الأكثر تهميشًا هي الأشد عرضه للشعور بالإحباط، لذا جاء توجه الدولةبأن توليها بالعناية الخاصة فقامت بتدشين المشروعات الكبرى داخل القرى النائية وأستهدفت الفئات الأكثر فقرا التي ظلت تعاني النسيان لعقود في صعيد مصر، ثم قامت بتوجيه معظم تمويل مشروع حياة كريمة لأهل الصعيد الكرام.. بل وذهب رئيس الدولة ليزيل آثار الاقصاء، واجتمع مع أبناء الجنوب عدة مرات لا سيما زيارته إلى اسوان ليمحو آثار المعاناة ومواجهة خسارات السيول. 

 

إحباط مساعي التضليل

..وفي النهاية..

ستظل معركة الوعي الجمعي للأمة المصرية هي الأهم في المرحلة الراهنة لإحباط مساعي التضليل وبث الإحباط، وأنا هنا أتوجه لرئيس الوزراء بنداء علني بضرورة الاستفادة من مؤسسة قائمة بالفعل تمتلك تاريخًا مجيدًا في إثراء الوعي منذ نشأتها بحقبة الستينات من القرن الماضي، وهي مؤسسة عريقة تمتلك الكوادر التثقيفية الراقية والموارد البشرية الماهرة بجوار امتلاكها لمقرات عديدة موزعة بكافة أرجاء القطر المصري.

 أتقدم بتلك الرسالة المخلصة لوجه الوطن من واقع تجربتي في إدارة "المؤسسة الثقافية العمالية" لمدة عام؛ حيث أيقنت منذ ذاك أن تفعيل دورها التثقيفي وسط جموع العمال والشباب لا ينقصه سوى إرادة سياسية تعيد لها دورها كمنبر توعوي لمجابهة الفكر الضال الذي يستهدف وطننا الغالي.

الجريدة الرسمية