رئيس التحرير
عصام كامل

الغضب المزيف.. إسرائيل تؤكد حدوث توتر مع أمريكا بسبب الحرب على إيران.. ومصادر عبرية تكشف التفاصيل

أمريكا وإسرائيل وإيران
أمريكا وإسرائيل وإيران

هل هناك توتر حقيقي بين أمريكا وإسرائيل بسبب الحرب على إيران ومحاولات تل أبيب طوال الوقت عرقلة البرنامج النووى الإيرانى وإقناع واشنطن بشن عملية عسكرية لتحقيق هذا الهدف؟ وهل أمريكا غاضبة بشدة بالفعل من تصرفات إسرائيل فى هذا الصدد؟.. وماذا يمكن أن يحدث في قادم الأيام؟.. التفاصيل الكاملة في سياق السطور التالية:

المصادر العبرية كشفت كواليس ما وصفته بـ“التوتر غير المسبوق” بين الطرفين الإسرائيلية، مؤكدة أن رئيس وكالة المخابرات المركزية CIA ليام بيرنز، أجرى مكالمة غاضبة مع رئيس الموساد الإسرئيلى ديفيد برنياع، وذلك على خلفية الاستهداف الأخير لمنشأة (نطنز) الإيرانية التى تعد أهم المنشآت النووية والتى يتم فيها تخصيب اليورانيوم بنسبة 60%، وهذه ليست المرة الأولى التى يتم فيها استهداف هذه المنشأة؛ فعلى مدار نحو عام كامل تمكن الموساد الإسرائيلى من تحقيق اختراقات رهيبة فى قلب طهران وتحديدًا فى منشأة (نطنز) فضلًا عن أنه تمكن من تجنيد نحو 10 علماء إيرانيين لتحقيق تلك الأهداف.

وزعمت وسائل إعلام إسرائيلية وجود فشل ذريع تعانى منه أجهزة إسرائيل بكافة مستوياتها الأمنية والسياسية فى التعامل مع واشنطن فيما يخص الملف النووى الإيرانى، بل هناك مخاوف إسرائيلية كبيرة من أن الغصب الأمريكى من سلوك إسرائيل سيدفع واشنطن نحو التوصل إلى اتفاق مع طهران فضلا عن المخاوف من أن واشنطن عازمة وبقوة على منع عمليات إسرائيل السرية داخل إيران، كما تخشى إسرائيل من أن يتم التوصل إلى اتفاق معيب مع طهران.

وأكدت التقارير العبرية أن إسرائيل سبق وأبلغت أمريكا بشكل مسبق حول هجومين سريين نفذتهما فى قلب طهران بهدف تعطيل برنامجها النووى لكن تخشى إسرائيل الآن من أن صفقة محتملة مع إيران ستدفع الأمريكيين لمحاولة منعها من تنفيذ المزيد من العمليات السرية ضد البرنامج النووى الإيرانى.

 

توتر أمريكي إسرائيلي 

ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية عن مسئولين أمريكيين كبار أن إسرائيل تشاورت مع الأمريكيين قبل هجومين سريين: الأول فى يونيو، ضد مصنع للطرد المركزى لتخصيب اليورانيوم فى مدينة كرج، والذى ورد أنه تم تنفيذه باستخدام طائرة بدون طيار، والثانى كان فى سبتمبر ضد قاعدة صواريخ فى إيران والتى تستخدم حسب الولايات المتحدة لبحوث وتطوير الصواريخ الباليستية.

وركز تقرير الصحيفة العبرية، الذى يستند إلى العديد من المحادثات مع المسئولين الأمريكيين والإسرائيليين، على التوترات غير المسبوقة التى اندلعت فى الأسابيع الأخيرة بين إدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن وحكومة نفتالى بينيت، فى أعقاب الخلافات بين الطرفين حول المحادثات النووية مع إيران، ورغبة الولايات المتحدة بالعودة إلى اتفاقية عام 2015 التى انسحبت منها الولايات المتحدة فى عهد الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب.

وخلف الكواليس - وفقًا لما زعمته المصادر العبرية - فإن من بين أسباب الخلاف بين الطرفين هو فعالية هذه الهجمات السرية، حيث تعتقد إسرائيل أن عملياتها السرية فى طهران نجحت فى عرقلة مسار التقدم الإيرانى نحو القنبلة، بينما يعتقد الأمريكيون أنهم شجعوا طهران فقط على إعادة بناء منشآت تخصيب اليورانيوم بوسائل أكثر كفاءة وابتكارًا.

والجدل حول الملف الإيرانى هو مجرد واحدة من سلسلة من القضايا التى تؤجج العلاقات بين واشنطن إسرائيل حاليًا، والتى تشمل قضية البناء الاستيطانى، مرورًا بالرغبة الأمريكية فى إعادة فتح قنصلية فى القدس لخدمة الفلسطينيين وصولا إلى القرار الأمريكى بشأن إدراج شركة NSO الإسرائيلية فى القائمة السوداء، بعد الحديث عن استخدام برامج التجسس الخاصة بها لمراقبة نشطاء حقوق الإنسان والصحفيين، لكن الخلاف حول إيران يظل حقل الألغام الرئيسى.

 

الضغط على إيران

وتطالب إسرائيل مرة أخرى بزيادة الضغط على إيران من خلال زيادة العقوبات عليها، وكجزء مما يبدو أنه محاولة للتقليل من مخاوفها، أوضحت إدارة بايدن أيضًا فى الأيام الأخيرة أن هذا الاحتمال مطروح على الطاولة. 

وكشف المسئولون الأمريكيون أيضًا هذا الأسبوع أنه قبل نحو شهرين طلب الرئيس بايدن من مستشاره للأمن القومى، جيك سوليفان، فحص خطط البنتاجون المحدثة بشأن هجوم عسكرى ضد المنشآت النووية الإيرانية، فى حالة فشل السبل الدبلوماسية.

وتخشى إسرائيل الآن أنه على الرغم من الخط الحازم الذى اتخذته الإدارة الأمريكية، فإنها تواصل إجراء محادثات على قنوات غير رسمية مع طهران، وأن المحادثات فى فيينا ستنتهى فى نهاية المطاف بتوقيع اتفاق. 

وأعربت مصادر إسرائيلية عن قلقها من أن تسعى الولايات المتحدة فى مثل هذه الحالة إلى منع المخابرات الإسرائيلية من القيام بعمليات سرية داخل طهران.

من جهته، أوضح اللواء عادل العمدة لـ"فيتو" أن ما تروج له إسرائيل بشأن توتر بينها وبين واشنطن فى تقديرى هو نوع من البروباجندا الصهيونية، لا بد أن نعرف أن إسرائيل هى الابنة البكر للولايات المتحدة الأمريكية وسياسة الجانبين مع بعض هى سياسة احتواء ومساندة بدون مبرر وبلا مسببات وهذه وجهة نظرى وقناعاتى عن العلاقات الأمريكية الإسرائيلية.

وأكد أن علاقات تل أبيب وواشنطن علاقات متوازنة وجيدة جدًا وعلاقات أساسا وليدة المصلحة والتى تعد الفيصل بينهما وهناك استفادة متبادلة فى علاقتهما بحكم وجود هدف وركيزة أساسية فى السياسة الأمريكية، وهى أن إسرائيل الأداة التى تحقق أهداف وأطماع أمريكا فى المنطقة كلها بحكم وجودها فى المنطقة كأمر واقع شئنا أم أبينا لها سياستها وقدراتها القتالية ولها فلسفتها ومواردها الاقتصادية فأمريكا تساندها قلبًا وقالبًا؛ لأن من مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية أن يكون لها سند وظهر فى المنطقة حتى لا تتهدد مصالحها وتحقق أهدافها بالهيمنة على العالم والقطبية الواحدة والاستحواذ على مصادر الطاقة، فبالتالى العلاقات الأمريكية الإسرائيلية لا يمكن أن تتوتر، وإن بدا ذلك فهو اعتقد أنه يهدف لتحقيق مصالح أخرى وأطماع أخرى بعيدة المدى لكن فى النهاية اللوبى الإسرائيلى متحكم فى السياسة الأمريكية والعلاقات الأمريكية الإسرائيلية على ما يرام.

وأضاف أن إيران بالنسبة لأمريكا هى الدجاجة التى تبيض ذهبا لأن وجودها فى المنطقة يخلق حالة من التوتر ويجبر دول الخليج على شراء السلاح الذى يشترونه فى النهاية من أمريكا، وهو ما ينعش الخزانة الأمريكية.

 

بروباجندا صهيونية

وتابع أن ما يبدو أنه خلاف بين أمريكا وإسرائيل ربما يكون الترويج له هدفه أن أي كارثة قد تصيب إيران سيظهر أن أمريكا ليست طرفًا فيها، بل لكى تظهر أن أمريكا متعاطفة مع إيران.

وحول إمكانية شن عملية عسكرية إسرائيلية ضد إيران قال العمدة إنه أمر غير مستبعد، وإذا جرى ذلك سيكون برعاية أمريكية رغم أن واشنطن لن تظهر ذلك، وستستغل إسرائيل ذلك للتقرب من الدول العربية من منطلق ضمان ولائهم بهدف توسيع عمليات التطبيع. 

مؤكدا أن ذلك سيكون له تداعيات وخاصة مع دخول إيران لمنظمة شنجهاى وهى الذراع العسكرى للكتلة الشرقية التى تضم روسيا والصين والهند ودول أخرى كثيرة وهذا يصعب الأمر على إسرائيل بشأن اتخاذ خطوة عسكرية ضد طهران علمًا أن أمريكا لها رغبة فى مثل هذه الحرب ولكنها ستتنصل منها لأن هناك خطورة من تلك الحرب نظرًا لوجود حرب باردة يمكن تصل إلى حرب عسكرية كبيرة جدا كحرب عالمية ثالثة.

ونوه إلى أن الخلاصة هى أن ما يجرى فى المنطقة الآن هو إعادة صياغة عدو جديد للدول العربية بديلًا لإسرائيل وهو إيران التى أصبحت العدو الرئيسى للدول العربية، وهذا يظهر فى الخطاب السياسى لكثير من الدول العربية، موضحًا أنه فى الماضى كان يسمى الصراع العربى الإسرائيلى أما اليوم أصبح الصراع العربى الإيرانى.

نقلًا عن العدد الورقي…

الجريدة الرسمية