رئيس التحرير
عصام كامل

رفقا!

من المشاهد المحزنة جدا والتي نطالعها الآن، فائض التعليقات علي كل الأحداث من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وبخاصة فيسبوك، حيث كل إنسان أعطي نفسه الحق في تقييم أي حدث وإنتاج خلاصة مستوحاة من وحي خياله أو نفسه، ونشرها سواء في مشاركة أو تعليق علي أي من المشاهد المتعددة التي تحدث كل يوم الأن، وبعيدا عن العبث الزائد عن الحد في حلاقة شعر شيرين عبد الوهاب ورومانسية أحمد العوضي وياسمين عبد العزيز، توقفت كثيرا عند حادث التصادم الذي تسبب فيه شاب إبن أحد رجال الأعمال، والذى راح ضحيته أربعة من الشباب في المرحلة الثانوية، ونسأل الله العلي العظيم لأهلهم وذويهم الصبر والسلوان يارب العالمين!

تعليقات عبثية

 

التعليقات العبثية التي ارتبطت بهذا الحادث لم تخرج كثيرا عن طبيعة التفكير الأسود الذي يتمتع به السواد الأعظم من أصحاب الفضفضة الجاهلة وغير البريئة في بعض الأحيان علي فيسبوك في كل المشاهد، نعم الشاب ارتكب جريمة كبيرة جدا والنيابة العامة أعلنت إنه كان تحت تأثير مخدر وكحول، وأري توقيع أقصى درجات العقاب عليه حتى يكون عبرة لغيره، ولكن السؤال المهم، هل من قال باتهام والده بأنه حرامي لأنه رجل أعمال وما حدث لابنه هو انتقام رب العالمين، يعلم حقا إنه حرامي، وهل هو علي دراية بسلوكياته وسمعته، ويدري حقا أن الله انتقم منه في ابنه؟

 

هل كل إنسان رزقه الله بسطة في الرزق والمال يتم تصنيفه لدى مناضلي فيسبوك، أنه حرامي ونصاب وسيئ السمعة دون أدني بينة؟

 

الشاهد أن هذه التعليقات والمشاركات تأتي في كثير من الأحيان من أشخاص لديهم حالة من عدم الرضا بما قسمه الله لهم والتنظير علي خلق الله، وللأسف هم كثرة، وحاولت كثيرا محاولة قبول هذه التعليقات علي أنها تعاطف مع الشباب الأبرياء الضحايا، ولكن عقلي لم ولن يقبل هذا الطرح، لأني وجدت تعليقات هؤلاء غير بريئة وإنما هي سلوك القطيع في التعليقات علي الأحداث والتي تعكس القبول والنشوة التي تتحقق لهم في مثل هذه المواقف، وهناك سؤال هام يطرح نفسه ويؤكد عدم التعاطف بقدر الشماتة والتشفي، لماذا يتم اتهام الأب والأم بالتقصير في تربية إبنهم، ألم يعلم هؤلاء أن صلاح الأبناء رزق من الله سبحانه وتعالى، وليس لصلاح الآباء واهتمامهم بتربية أولادهم ضمانة لإنتاج أبناء صالحين رغم أهميته، ألم يقرأ هؤلاء المزايدين يوما عن قصة كنعان بن سيدنا نوح نبي الله، وهو الابن الرابع للنبي نوح وزوجته، وكان ابن عاصيا لأبيه وعاش كافرا ومات غرقا في الطوفان لأنه رفض ركوب السفينة مع أبيه وعصاه، وهو ابن نبي!!

 

ليس كل الأبناء مثل سيدنا إسماعيل عليه السلام أيها السادة، مهما كان الآباء، فرفقا بالأم والأب عندما يقع أحد أبنائهم في مصيبة، فيكفي لهم هذا الاختبار العظيم، والعجب كل العجب أن يفتخر المتربصين بأن رغم فقرهم فقد احسنوا تربية أولادهم، والحقيقة مرة ثانية من يفعل ذلك يزايد علي الله وفضله، وأقول لهم إتقوا الله، البر لا يبلى والذنب لا ينسى والديان لا يموت إفعل ما شئت كما تدين تدان!

 

 

وحتي لا يزايد أحد من هؤلاء علي ما كتبته، أنا لا أدافع عن أسرة هذا الشاب ولا تجمعني بهم أى معرفة قريبة أو بعيدة، وأيضا غير متعاطف مع ابنهم، وأشهد الله العظيم أنه لو كان إبني في مكانه لسلمته بيدي إلي أولي الأمر وتركته يأخذ عقابه الذي يستحقه دون أي تعاطف، ولكني أرفض الحقد والسواد والغل!

اللهم عافنا واعفو عنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به!

الجريدة الرسمية