رئيس التحرير
عصام كامل

"ذاكرة التطرف".. سلاح دار الإفتاء الجديد لمواجهة معسكرات الفكر الإرهابي

دار الإفتاء المصرية
دار الإفتاء المصرية

التكفير والتشدد فى الرأى والتطرف والإرهاب باسم الدين، واحدة من أخطر الظواهر التى تعانى منها مصر والأمة الإسلامية والعالم أجمع، والتى ساهمت إلى حد بعيد فى إضعاف الأمة وتمزيق المجتمعات الإسلامية، وهو ما يفرض على المؤسسات الدينية أن تسعى بكل ما أوتيت من قوة للتصدى لهذه الظاهرة عبر نزع فتيل التطرف ومعالجة أسبابه.

ذاكرة التطرف

دار الإفتاء المصرية وفى سياق تحقيق هذه الغاية أتاحت ذاكرة رصدية كبيرة، ومكتبة إلكترونية شاملة للباحثين والعاملين فى مجال مكافحة التطرف وقاية وعلاجًا، والتى تعد بمنزلة ذاكرة التطرف، والأداة الرصدية والبحثية والأرشيفية، والركيزة الأساسية التى تخدم أجهزة وأذرع المؤسسات البحثية المعنية بمكافحة التطرف والإرهاب كمرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة، ومرصد الإسلاموفوبيا، ومركز سلام لدراسات التطرف، التابعين للدار، وغيرها من المؤسسات حيث توفر للباحثين، فى مجال مكافحة التطرف والإرهاب، آلاف الكتب والمراجع والموسوعات، والدراسات والملفات الصوتية والمرئية، التى ترتكز عليها الجماعات والتنظيمات التكفيرية فى نشر فكرها المتطرف.

مصادر داخل الدار كشفت لـ"فيتو" تفاصيل هذه الذاكرة التى تستهدف مكافحة التطرف، موضحة أنها عبارة عن أرشيف تكنولوجى عملاق يجمع إصدارات التنظيمات التكفيرية والإرهابية والنتاج الفكرى المتطرف لأعلام الفكر التكفيرى القديم والحديث، وكذلك تشتمل على كل الدراسات والكتب والأبحاث والإصدارات التى كتبت فى مجال مكافحة التطرف وقاية وعلاجًا؛ ليكون الأكبر والأحدث من نوعه، كما يمثل قيمة مضافة كبيرة لدعم إستراتيجية الدولة فى مجال مكافحة التطرف وتعزيز الأمن الفكرى، حيث يعرض محتوى الذاكرة على الباحثين داخل مركز سلام لدراسات التشدد، داخل دار الإفتاء المصرية؛ إلا بإذن أو تصريح كتابى من المسئولين عن المركز، مع اتخاذ جميع الإجراءات لعرض محتوى الذاكرة بأحدث مواصفات التأمين العالمية.

منهجية البحث والتتبع

ومن جانبه، أوضح الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتى الجمهورية، أن ذاكرة التطرف تعتمد على منهجية دقيقة فى الرصد والبحث والتتبع، حيث إن لها حضورًا قويًا على منصات الجماعات التكفيرية المتطرفة، واستطاع فريق الباحثين عمل حسابات على منصاتهم لاستقطاب فكرهم المتطرف والحصول على جميع إصداراتهم وجميع خطاباتهم المرئية والمقروءة والسمعية، لكى يتم قراءة الظاهرة أو القضية التى يتم طرحها من قبل الجماعات المتطرفة فى إصداراتهم، ويتم البحث فى جذور تلك الرؤية عند تلك الجماعات، ومدى الثبات والتغير فيها، وانعكاساتها على سلوك المتطرفين ونشاطهم العنيف.

وأكد "نجم" أنه إيمانا من مركز سلام لدراسات التطرف بصدق رؤية الدولة المصرية وقيادتها فى مكافحة الإرهاب والتطرف، وإعمالا للدور الريادى المصرى وتجربته فى مواجهة التطرف والإرهاب، ونشر قيم الوسطية والاعتدال، أخذ المركز على عاتقه تحقيق هدف سام، أن تكون الذاكرة الرصدية والمكتبة الإلكترونية لدراسات التطرف الأضخم من نوعها على مستوى العالم فى مجال التطرف والإرهاب ومكافحته.

وأوضح مستشار مفتى الجهورية أن ذاكرة التطرف تسعى لتحقيق عدة أهداف منها، تعزيز الدور الريادى المصرى وقيادتها فى مجال مكافحة التطرف والإرهاب، وعرض تجاربها فى هذا الشأن لإفادة المجتمعات، واستقطاب الباحثين والمفكرين وأصحاب الرأى والمراكز البحثية الإقليمية والدولية، بجانب تعزيز مجال تبادل الخبرات بين مركز سلام لدراسات التطرف والمراكز البحثية الأخرى فى مجال التطرف والإرهاب ومكافحته، من خلال إقامة جسور وبروتوكولات تعاون بين مركز سلام والمراكز البحثية والإقليمية والدولية.

بالإضافة إلى تقديم وعرض الإنتاج الفكرى المتطرف للباحثين والمهتمين بهذا الشأن، والاستفادة من خبراتهم، لاستحداث أدوات جديدة لمكافحة التطرف، وتعزيز الأمن الفكرى للمجتمع من الغلو والتطرف والانحرافات السلوكية، بجانب إحداث نقلة كبيرة فى مجابهة الفكر الشاذ والمتطرف، وخلق آليات جديدة لتحصين المجتمعات من خطر الفكر المتطرف والإرهاب.

وأشار "نجم" إلى أن آلية العمل فى الذاكرة الرصدية للتطرف تعتمد على قاعدة بيانات إلكترونية داخلية على مستوى عال من التأمين والحماية، حيث يتم رصد كل ما يصدر عن الجماعات والتنظيمات التكفيرية على مدار الساعة، وتعقب قنواتهم ومنصاتهم الدعوية، كما يتم رصد كل ما يخص التطرف ومكافحته من خلال الرصد الآلي واليدوى للصحف والمجلات، من خلال متابعة كل ما ينشر من خطابات ورسائل للجهاديين والتكفيريين وأصحاب الفكر المتطرف على منصات التواصل الاجتماعى، كما يتم رصد الإنتاج الفكرى من كتب ودراسات وتقارير لمراكز الأبحاث المعتمدة المهتمة بقضايا التطرف والإرهاب، حيث يتم إتاحة الآلاف من الكتب والدراسات والتقارير والإصدارات المتنوعة على شكل PDF.

أرشيف إلكتروني كامل

وعن محتوى ذاكرة التطرف أكد مستشار مفتى الجمهورية أن ذاكرة التطرف على الكتب المؤسسة للتطرف تعتمد على الأدبيات والمراجع والموسوعات الرئيسية المهمة التى يرتكز عليها أغلب الجماعات التكفيرية والجهادية والتنظيمات الإرهابية فى بناء أفكارها، حيث تحتوى ذاكرة التطرف على مكتبة التكفيريين الشرعية إذ تعتبر الأرشيف التكفيرى الضخم الجامع لأكثر من 50000 كتاب ومقال تكفيرى وشرعى ومنهجى، فى دراسات التطرف.

كما تحتوى على أعلام الفكر التكفيرى والجهادى وإصداراتهم، وجميع إصدارات التنظيمات التكفيرية، خاصة تنظيم داعش الإرهابى "المرئية والسمعية والمقروءة " بكل اللغات المصدرة، كما تشمل على الكثير من الفتاوى المتطرفة والشاذة لأصحاب الفكر المتطرف، بجانب احتوائها على ثروة علمية تتمثل فى أكثر من 3000 كتاب باللغة الإنجليزية عن التطرف ومكافحته، كما تشمل الآلاف من الكتب والدراسات والأبحاث والتقارير لمراكز الأبحاث المهتمة بالتطرف ومكافحته.

كما تحتوى ذاكرة التطرف على مجموعة كبيرة من الأبحاث والتقارير لتعزيز مقاومة التطرف والإرهاب، بجانب أنها تضم على أكبر أرشيف صحفى لقضايا التطرف والإرهاب فى الصحافة المصرية الورقية، بداية من سنة 2011م إلى الآن.

وكشف "نجم" عن أن ذاكرة التطرف نجحت فى إصدار مجلد لعرض وقراءة أهم الكتب المؤسسة للتطرف التى يرتكز عليها الجماعات والتنظيمات التكفيرية، باللغتين العربية والإنجليزية، وإصدار عدد من المجلدات لعرض وقراءة كل ما كتب فى التطرف والإرهاب، تحت عنوان "مصادر التطرف"، بجانب إصدار موسوعة للفتاوى الشاذة والمتطرفة لأبرز التنظيمات التكفيرية، لدحض شبهات تلك الفتاوى وأسانيدها من خلال عرض الرؤية الوسطية الصحيحة للفتوى، إصدار دليلًا إرشاديًا عالميًا باللغة الإنجليزية، للصحفيين والمراسلين الأجانب، المهتمين بتغطية الأخبار الخاصة بالعالم الإسلامى وقضاياه، بالإضافة إلى إصدار موسوعة لأعلام الفكر التكفيرى الحديث.

نقلًا عن العدد الورقي…

الجريدة الرسمية