رئيس التحرير
عصام كامل

المدير الإقليمي لـ "الصحة العالمية": العالم مهدد بموجات "كورونا" جديدة وما زلنا بعيدين عن "نهايته" | حوار

الدكتور أحمد المنظري
الدكتور أحمد المنظري المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية

>> مدة المناعة التي تمنحها اللقاحات تختلف حسب الحالة المناعية لكل شخص


>> نستهدف تطعيم 70 % من سكان العالم بحلول منتصف 2022


>> متحور (مو) محل بحث ودراسة ولم يظهر حتى الآن في دول الإقليم


>> لا تزال تغطية التطعيم منخفضة في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل


>> ضخ ملايين الجرعات من لقاحات كورونا للدول من «كوفاكس»


>> تحورات كورونا المستقبلية تهدد أي نجاح في مواجهة الفيروس


>> لقاح فايزر مناسب للأطفال من عمر ١٢ عاما ولا بد من تطعيم الأطفال أصحاب الأمراض المزمنة


>> تجارب سريرية على ٣ أدوية تحمي من مخاطر مضاعفات كورونا


>> نسبة تغطية التطعيمات 79٪ في الإمارات  و1٪ في اليمن وهناك 9 دول أقل من 5٪


>> اللقاحات أثبتت كفاءة في الحد من عدد الوفيات وعدد الإصابات بالحالات الشديدة من المرض

 
>> من المؤسف رفض البعض للتطعيم رغم الجهود العالمية الخارقة لتطويره في زمن قياسي


>> لا بد من مراعاة الفئة العمرية دون الثانية عشرة من العمر عند تقديم اللقاح للأطفال
 

>> الأدوية لم تحقق أثرًا ملحوظًا في معالجة مرضى الفيروس أو تقليص عدد أيام الاحتجاز بالمستشفيات 


منذ ما يقرب من عامين كان العالم على موعد مع ظهور فيروس كورونا المستجد (كوفيد – 19) الذي ضرب كل الدول دون استثناء، حاصدًا أرواح ملايين البشر، حيث سجلت أعداد الوفيات حتى أيام قليلة مضت ٤.٥ مليون مواطن، وإصابة ٢١٩ مليون شخص في كل دول العالم، وجاء إنتاج تطعيمات متعددة لمواجهة الفيروس امل في الحماية والوقاية من الوباء إلا أن تغطية التطعيمات في بعض الدول لا تزال منخفضة، وبحسب منظمة الصحة العالمية لن يأمن العالم من خطر الوباء إلا بأمان جميع البشر وكل الدول.
في إطار البحث عن إجابات واقعية للعديد من التساؤلات التي فرضت نفسها بقوة على أحاديث المختصين ورجل الشارع العادي، على حد سواء، سواء تلك المتعلقة بكيفية توفير منظمة الصحة العالمية احتياجات الدول من اللقاحات المختلفة، وطبيعة الأبحاث العلمية بشأن تطوير علاجات جديدة لمواجهة الفيروس، وكذا موقف تحورات فيروس كورونا وموعد انتهاء الموجة الرابعة واحتمالية ظهور موجات جديدة من الفيروس وأحدث ما توصلت اليه المنظمة بشأن تطعيم الأطفال لحماية الاجيال الجديدة من الوباء.. التقت «فيتو» الدكتور أحمد المنظري، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لدول شرق المتوسط، الذي أجاب عن التساؤلات السابقة وغيرها في الحوار التالي: 


*بداية.. حدثنا عن أبزر المساعدات التي يقدمها مرفق «كوفاكس» فيما يتعلق بتوفر لقاحات «كورونا» لمختلف دول العالم؟ 
حتى نهاية سبتمبر 2021، قدمنا 276 مليون جرعة في إقليم دول شرق المتوسط، ويغطي إجمالي الجرعات المقدمة في الإقليم 37 جرعة لكل 100 نسمة فقط، من بينها 61.3 مليون جرعة لدول الإقليم عبر مرفق كوفاكس من أصل 116 مليون جرعة هي حصة الإقليم من اللقاحات التي يوفرها كوفاكس، وهو التحالف العالمي لضمان الوصول العادل للقاحات لكل الدول، ومن المقرر زيادة كمية اللقاحات المقدمة من خلال مرفق كوفاكس والمصادر الأخرى بشكل كبير في الأشهر القادمة خلال عام ٢٠٢١ ويجب أن تكون البلدان مستعدة تمامًا لهذه الزيادة في الجرعات المتاحة، على سبيل المثال التخطيط الدقيق، والتوسع في معدات سلسلة التبريد، وتوفير الخدمات اللوجستية، والتمويل، وزيادة عدد الموظفين المدربين، كما أنه يوجد لدى شركاء كوفاكس نظام لتتبع واستباق أي لقاحات قد يوشك تاريخ صلاحيتها على الانتهاء، ويدعم جميع الشركاء البلدان لتقديم المشورة حول كيفية تجنب الجرعات منتهية الصلاحية من خلال التخطيط الوطني للتطعيم والتوزيع والتخطيط الدقيق وتوفير سلسلة التبريد والدعم اللوجستي والتوجيه بشأن طريقة التسليم.

 

*وفقًا للأرقام المعلنة حاليًا.. هل ستستطيع الدول الوفاء بوعودها بتطعيم ٤٠% من السكان بنهاية ٢٠٢١ ؟
لا تزال تغطية التطعيم في الإقليم منخفضة المستوى، خاصة في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان ذات الدخل المتوسط الأدنى، وتتراوح تغطية التطعيمات فالنسبة تصل إلى 79٪ في الإمارات، وفي المقابل هناك نسبة منخفضة تصل إلى أقل من 1٪ في اليمن ومن 23 سبتمبر، طعمت 7 بلدان في إقليم شرق المتوسط أكثر من 40٪ من السكان بينما طعمت 6 بلدان أخرى أكثر من 20٪ من السكان بجرعة واحدة على الأقل من اللقاح. وهناك تسعة بلدان لا تزال تقل نسب التغطية باللقاح عن 5٪.

 

*مع دخول جميع دول الإقليم الموجة الرابعة لـ«كوفيد – 19».. ما أبرز توقعات المنظمة بالنسبة لهذه الموجة سواء من ناحية حدتها أو مدتها الزمنية؟ وهل لحملات التطعيم تأثير على معدلات الإصابة والوفاة خلالها؟
حدة الموجة الرابعة تتأثر بعدة عوامل من بينها تأثير التحورات الجديدة على سرعة انتشار الفيروس، ودرجة الالتزام بالتدابير الوقائية واستمرار إجراءات الصحة العامة، وكذلك التوسع في تقديم اللقاحات بما يتفق مع الأهداف التي حددتها منظمة الصحة العالمية وهي الانتهاء من تطعيم 10% من السكان بنهاية سبتمبر، و40% بنهاية هذا العام وصولًا إلى تطعيم 70% من السكان بحلول منتصف 2022.

 

*هل هناك توقعات بحدوث موجات جديدة من الفيروس أم سيشهد العام المقبل 2022 نهاية الوباء بتطعيم جميع السكان سنويًا؟
في الوقت الحالي مازلنا بعيدين عن إنهاء الجائحة، لكن النجاح في تطعيم غالبية السكان من شأنه أن يعزز المناعة الجماعية ويقلص انتشار الفيروس ومن ثم يقربنا من انتهاء الجائحة، خاصة حين يتواكب التطعيم مع الحرص على تطبيق إجراءات الصحة العامة والتدابير الوقائية، وإلى أن يحدث ذلك علينا أن نظل حذرين وأن نتوقع أي من السيناريوهات ونتأهب له ومن ذلك احتمال ظهور موجات أخرى من انتشار الفيروس، ولا تستطيع اللقاحات الآمنة والفعالة وحدها أن تحل الجائحة بل نحتاج أيضًا إلى نظم رصد قوية مدعومة بالتشخيص السريع والرعاية السريرية المبكرة والعلاجات المنقذة للحياة، التي يقدمها الفرق الطبية المدربة تدريبًا جيدًا وقادرون على العمل في ظروف آمنة، كذلك الصحة العامة والتدابير الاجتماعية حيوية أيضا للقضاء على الجائحة وتسريع الانتعاش العالمي.

 

*ماذا عن رد المنظمة حول أن اللقاحات لا تعمل مع متحور (مو) الجديد لفيروس كورونا وهل كل متحور نحتاج له تطوير تطعيم جديد له ؟
حتى الآن ظهرت 4 تحورات تثير القلق هي (ألفا، بيتا، جاما، ودلتا)، أما متحور (مو) فهو من التحورات المثيرة للاهتمام، بمعنى أنه محل بحث ودراسة خشية أن يتسبب في ضرر ويتحول إلى تحور مثير للقلق. وبينما ظهرت التحورات الأربع الأولى في كثير من بلدان الإقليم، لم يكتشف بعد تحور (مو) في إقليم شرق المتوسط، ومع ذلك فلا تزال اللقاحات تحتفظ بفعاليتها في تحقيق الحماية من الفيروس بنسب كبيرة، لكننا نضع هذه التحورات وغيرها قيد البحث والدراسة لمتابعة أي تطور قد يؤثر على فعالية اللقاحات أو يرجح الحاجة إلى تطوير لقاحات تستجيب للتحورات الجديدة، وتهدد تحورات الفيروس المستقبلية فعالية اللقاحات المنقذة للحياة، ويعد التطوير السريع للقاح (كوفيد-19) الفعال أحد قصص النجاح القليلة والحقيقية في تصدينا للجائحة، ولكن ما لم تتوفر اللقاحات لأولئك المعرضين لأعلى درجات الخطورة ويستمر تنفيذ تدابير الصحة العامة، فقد تهدد التحورات المستقبلية التقدم الذي أحرزناه حتى الآن وتطيل أمد الجائحة.

*ما الرد الذي تتبناه منظمة الصحة العالمية على ما يثار حول التخوفات من الآثار الجانبية طويلة المدي من التطعيمات بعد مرور سنوات على الصحة العامة ورفض التطعيم؟ 
التطعيم باللقاحات هو أكثر التدخلات الوقائية فعالية وأعلاها مردودًا، وحتى الآن أثبتت لقاحات (كوفيد-19) كفاءة في الحد من عدد الوفيات وعدد الإصابات بالحالات الشديدة من المرض، ومن المؤسف أن يكون هناك رفض للتطعيم أو التردد بشأنه بعد الجهود العالمية الخارقة لتطوير اللقاحات في زمن قياسي وباتباع كل المعايير العلمية والتجارب اللازمة للتأكد من سلامتها، وبعد أن تأكد لنا بالدلائل العلمية وبدراسة ملف كل لقاح بدقة مأمونية اللقاحات المعتمدة وفعاليتها، ولا شك أن هذا التردد أو الرفض يعود لانتشار الشائعات والمعلومات المغلوطة وانخفاض التوعية بأهمية اللقاحات ومأمونيتها، ولكن نحمد الله أن ظاهرة التردد حيال اللقاحات آخذة في التناقص ويوجد إقبال على طلب التطعيم. 

*ما آخر ما توصلت اليه الأبحاث العلمية بشأن حصول الأطفال على تطعيم فيروس كورونا، وهل بدأ تطعيم هذه الفئة في بعض الدول؟ 
وجود الأطفال في تجمعات كبيرة مثل المدرسة يتطلب الالتزام التام بكافة الإجراءات والتدابير اللازمة لتوفير بيئة صحية تحميهم من خطر الإصابة بالعدوى. وهناك الآن العديد من الدول المجهزة جيدًا تعمل على تلقيح الأطفال قبل عودة المدارس، ولكن لا بد من مراعاة الفئة العمرية دون الثانية عشرة من العمر عند تقديم اللقاح للأطفال، فقد أبلغ عن عدد قليل جدًا من حالات التهاب عضلة القلب والتهاب التامور أي الغشاء المحيط بعضلة القلب المرتبطة بلقاحات mRNA، بما في ذلك لقاح فايزر، بين متلقي اللقاح دون سن 12 عامًا، كما خلصت مجموعة الخبراء الاستشارية الإستراتيجية لمنظمة الصحة العالمية (SAGE) إلى أن لقاح (فايزر بيونتك) مناسب للاستخدام من قبل الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 12 عامًا والذين هم معرضون لمخاطر عالية، وقد يقدم هذا اللقاح للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و15 عامًا المعرضين لخطر كبير إلى جانب الفئات الأخرى ذات الأولوية للتطعيم، ولم يجري إبلاغ منظمة الصحة العالمية بأحداث سلبية أخرى بين الأطفال بعد التطعيم، وستواصل منظمة الصحة العالمية مراجعة بيانات السلامة من جميع لقاحات كوفيد-19وتحديث أي نصيحة حسب الضرورة، ولا بد أيضًا من إعطاء اهتمام خاص للأطفال الذين يعانون من أمراض، حيث تشير الدلائل الحالية إلى أن هؤلاء الأطفال معرضون بشكل متزايد لخطر الإصابة بأمراض خطيرة من عدوى كوفيد-19، على الرغم من أن الأطفال بشكل عام أقل عرضة للمعاناة من المرض الشديد والوفاة بعد العدوى.

 

*ماذا عن أبرز الأبحاث العلمية التي تشارك فيها المنظمة عن أدوية علاج فيروس كورونا ما هي ومتي تتوفر؟
الأبحاث والدراسات لم تتوقف منذ بدء الجائحة للوصول إلى علاج لكوفيد-19 وقد نسقت المنظمة تجارب التضامن (Solidarity trials) السريرية مع البلدان والشركاء المعنيين بشأن أدوية كوفيد-19 في مرحلتين: التجارب التضامنية الأولى وعلى أساسها تمت دراسة أربعة أدوية لأمراض مختلفة لوحظ أن الدول تستخدمها كعلاج لكوفيد-19، وخلصت التجارب التضامنية في هذا الشأن إلى أن هذه الأدوية لم تحقق أثرًا ملحوظًا في معالجة مرضى كوفيد-19 أو تقليص عدد أيام الاحتجاز بالمستشفيات، كما نسقت المنظمة مع الشركاء المعنيين المرحلة الثانية من تجارب التضامن شاركت فيها سبعة بلدان في إقليم منظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط لتقييم ثلاثة أدوية محتملة لعلاج حالات الإصابة بعدوى كوفيد-19: وهي الأرتيسونات والإيماتينيب والإنفليكسيماب، وذلك بهدف حماية الناس من الإصابة بأعراض كوفيد-19 الشديدة التي تقتضي الاحتجاز بالمستشفيات أو تؤدي إلى الوفاة كما عمل على اختيار هذه الأدوية فريق خبراء مستقل يتولى تقييم جميع البيانات المتاحة بشأن جميع العلاجات ذات الصلة، وأثبتت هذه الأدوية فعاليتها في علاج أمراض أخرى تهدد الحياة، فيستخدم الأرتيسونات في علاج الملاريا الشديدة، والإيماتينيب في علاج بعض أنواع السرطانات، والإنفليكسيماب في علاج أمراض تصيب الجهاز المناعي، مثل مرض كرون والتهاب المفاصل الروماتويدي، ونأمل أن تكلل هذه التجارب السريرية بالنجاح في الوصول لعلاج فعال لكوفيد-19.

 

*هل حددت منظمة الصحة العالمية مدة بقاء الأجسام المضادة في الجسم وفعالية التطعيمات؟
التطعيمات أثبتت فعاليتها بالفعل ولم يكن ليتم اعتمادها والموافقة عليها إلا بعد ثبوت فعاليتها ومأمونيتها. أما مدة بقاء الأجسام المضادة أي مدة المناعة التي تمنحها اللقاحات فتختلف من شخص لآخر حسب الحالة المناعية لكل شخص، وتقل بشكل ملحوظ بين الأشخاص الذين يعانون من نقص المناعة الذين لم يستجيبوا بشكل كاف لجرعاتهم الأولية أو لم يعودوا ينتجون الأجسام المضادة. وهؤلاء يمثلون نسبة ضئيلة من السكان وقد تكون هناك حاجة إلى إعطائهم جرعات معززة.

 

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"

الجريدة الرسمية