رئيس التحرير
عصام كامل

البطل محمد أبو اليزيد في ذكرى نصر أكتوبر: هذا سر إطلاق لقب "أكلة الدبابات" على كتيبتنا | حوار

البطل محمد أبو اليزيد
البطل محمد أبو اليزيد أحد أبطال الكتبية ٣٥ فهد

مهمتنا الأولى كانت منع دبابات العدو من الاقتراب لشاطئ القناة أو التعرض للقوات التي تعبر


المفاجأة التي حققتها القوات الجوية والمدفعية الثقيلة جعلت العدو يهرب أو يختبئ في الملاجئ والحصون


البطل محمد عبد العاطي استطاع وحده تدمير عدد كبير من دبابات العدو وكان معى في الكتيبة


كنا نطلق الصاروخ فهد مولتيكا على دبابات العدو فيشطرها نصفين أو يفجرها تمامًا 


كانت الأهداف مباشرة وصحيحة ولم يخطئ رامي أبدا ولم يسقط صاروخ هباء 


المشير طنطاوي كان بطلا كبيرا ورمزا لكل أفراد وضباط سلاح المشاة


التحقت بالقوات المسلحة وهدفي الأساسي الثأر من العدو الذي اغتصب أرضنا

 

كانت حرب أكتوبر علامة فارقة في تاريخ مصر الحديث، بما حملته من بطولات وتضحيات قدمها أبناء هذا الوطن الغالي بدون مقابل، وحتى بعد مرور ٤٨ عاما على هذه الحرب المباركة يقولون كنا نؤدي واجبنا ولا نحتاج تكريما لأننا حصلنا على أعظم تكريم في الدنيا وهو تحرير الأرض ونشعر دائما اننا فخورون لأننا شاركنا في هزيمة العدو الذي اغتصب أرضنا ونحن كنا سببا فى رجوعها.


بمناسبة الذكرى ٤٨ على انتصارات أكتوبر المجيدة التقت "فيتو" البطل محمد أبو اليزيد أحد أبطال الكتبية ٣٥ فهد الذي أطلق عليها كتيبة أكله الدبابات وأيضا عفاريت عبد الجابر، هذه الكتيبة التي كبدت العدو الإسرائيلي خسائر أكثر من ١٥٠ دبابة بالإضافة إلى العربات والمجنزرات وخسائرهم البشرية. 


محمد أبو اليزيد شاب أتى من صعيد مصر ليلتحق بالجيش المصري العظيم ويشارك في تحرير الأرض، في بلده سوهاج لا يعرف أن يعيش مطأطئ رأسه في الأرض وقطعة من وطنه محتلة وهذا الاحتلال تسبب في استشهاد الكثير من أبناء جيله فكان شغل ابو اليزيد الشاغل كيف يثار من هذا العدو، وإلى تفاصيل الحوار:

*حدثنا عن دورك في حرب أكتوبر؟ 
فى البداية التحقت بالقوات المسلحة في أوائل عام ١٩٧٣، ومنذ اليوم الأول بدأنا التدريبات الشاقة، لم يكن لدينا وقت للكلام أو الهزار، وأنا بطبعي الصعيدي كنت أشعر أن لدى ثأر مع إسرائيل ولابد أن أخذ حق كل شهيد منها، أنهينا فترة التدريب سريعا وقالوا لنا اننا سنذهب إلى الصفوف الأولى للقتال لأن عندنا مشروع كبير تشترك فيه كل أفرع القوات المسلحة، كنت فرحا جدا ولكن ليس بحجم الفرحة التي كانت عندما يزف الينا نبأ الهجوم على إسرائيل وتحرير سيناء، وبالفعل انتقلت كتيبتنا بقيادة اللواء عبد الجابر إلى الأمام وهي كتيبة مشاة صواريخ مضادة للدبابات، وكان معى في الكتيبة البطل محمد عبد العاطي الذي استطاع وحدة أن يدمر عددا كبيرا من دبابات العدو والبطل إبراهيم عبد العال وأيضا بيومي عبد العال وشوقي المحمدي والسادات فراج وغيرهم من الأبطال الذين كانوا يشاركون في هدم قوة إسرائيل بإرادتهم الكبيرة في تحرير الأرض.

*صف لنا لحظات العبور؟ 
فى البداية لم نكن نعرف أن يوم ٦ هو يوم الحرب ولكننا كنا تتدرب على العبور كل واحد فينا يعرف مكانه ودوره عندما نعبر القناة، وهذا الأمر كنا نتدرب عليه يوميا وفي الساعة الثانية و١٠ دقائق وجدنا الطائرات المصرية تحلق فوق رؤوسنا في ارتفاعات منخفضة وتخترق الضفة الشرقية والقناة وبعد ثواني معدودة سمعنا أصوات انفجارات في مواقع العدو جعلنا نهتف في صوت واحد الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، المسلم والمسيحي الضابط والجندي نفس الهتاف وبنفس القوة حتى شعرنا أن الأرض تزلزل تحت أرجلنا من هول الموقف وعرفنا ان الحرب بدأت بالفعل وجاء دورنا في الأخذ بالثأر وتحرير الأرض.


* متى عبرت الكتبية ٣٥ فهد إلى الضفة الشرقية وسيناء؟ 
عبرت أنا وزملائى القناة في القوارب المطاطية أثناء ضرب المدفعية الثقيلة لحصون العدو من منطقة الشيخ حنيدق في نطاق الجيش الثاني الميداني، فنحن مهمتنا الأولى منع دبابات العدو الإسرائيلي من الاقتراب إلى شاطئ القناة أو التعرض للقوات التي تعبر، وصلنا إلى شاطئ القناة نحمل معنا صواريخنا وسجدنا على أرض سيناء الطاهرة وقبلناها، ثم بدأنا في التقدم، أول يوم لم نشتبك مع العدو بسبب المفاجأة التي حققتها القوات الجوية والمدفعية الثقيلة مما جعلهم إما يهربون أو يختبئون في الملاجئ والحصون من هول المفاجأة لأن دولتهم كانت قد أقنعتهم أنها أقوى من مصر والجيش المصري لا يمكن أن يهجم عليهم أبدا.


مع أول ضوء يوم ٧ أكتوبر بدأ العدو في الاشتباك معنا وبدأنا مهامنا في الدفاع والمقاومة وسقط منا العديد من الشهداء وظل الضرب علينا حتى يوم ٨ أكتوبر، يومان بالكامل والاشتباكات علينا من كل ناحية ونحن نقاتل بشراسة وقد تفرقت الفرقة ٣٥ فهد في أكثر من اتجاه حتى نسيطر على الموقف، ثم بدأ إعادة تجميعنا مرة أخرى، ويوم ١٥ أكتوبر تم الحاقنا على الكتيبة ١٦ بقيادة المقدم محمد حسين طنطاوى لمشاركتها في التصدي للواء مدرع ولواء مظلي إسرائيلي في منطقة المزرعة الصينية، وبدأ طنطاوي إعطائنا خطة الهجوم فكانت الدبابات الإسرائيلية تبعد عنا حوالي ٢ كيلو ونصف.

 

 ونحن نسمع صوت جنزيرها وهو يتحرك فقال لنا انتظروا حتى وصلت لمسافة ١ كيلو وبدأنا الضرب عليها من كل الاتجاهات، كنا نواجه الدبابات وجها لوجه مما دفع بعضهم للهروب وترك دباباتهم وهي تعمل ولكننا كنا نطاردهم وتقضي عليهم وحتى الساعة الخامسة مساء لم يتبقى صوت جنزير واحد يتحرك من دبابات العدو دمرناها كلها، وكان أعظم انتصار لنا في هذه الحرب وأطلق علينا لقب أكله الدبابات لأننا كنا نطلق الصاروخ فهد مولتيكا على الدبابة يشطرها نصفين أو يفجرها تماما.

 

وكانت الأهداف مباشرة وصحيحة ولم يخطئ رامي أبدا ولم يسقط صاروخ هباء، حققنا النصر وأخذنا بالثأر وشفينا غليلنا ونحن نرى الدبابات وجثث الإسرائيليين الذين دنسوا أرضنا واحتلوها بدون وجه حق حتى يصبحوا عبرة وعظة لأي دولة تحاول المساس بأمن الوطن ووحدة أراضيه.

*منذ أيام قليلة رحل عنا المشير طنطاوي هل لديك ذكريات معه؟
المشير طنطاوي كان بطلا كبيرا ورمزا لكل أفراد وضباط سلاح المشاة وانا شرفت أن أخدم تحت قيادته في الحرب رغم اني لم التق به وقتها ولكنه كان يوجه كتيبتنا وحققنا نصرا ساحقا على القوات الإسرائيلية وقتها ولكني أنا ومعظم أبطال الكتيبة التقينا معه يوم ٣٠ أبريل ٢٠١٩ في عزاء اللواء عبد الجابر الأب الروحي للكتيبة ٣٥ فهد مولتيكا، وكانت لفتة وفاء من المشير طنطاوي حضوره العزاء وأخذنا نتذكر ما حدث يوم ١٥ أكتوبر ٧٣ وكان يتذكر بطولات الكتيبة وكنا سعداء جدا بهذا اللقاء برغم مرور ٤٥ عاما ولكننا كنا نتحدث وكأن هذا اليوم كان أمس، والمشير محمد حسين طنطاوى قائد عسكري فاق كل قادة العالم فلا تعلمون مدى حزننا عليه لأننا فقدنا قائدا ومعلما وصديقا وزميل سلاح حاربنا تحت قيادته وانتصرنا أعظم انتصار.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"

الجريدة الرسمية