رئيس التحرير
عصام كامل

رغم وفاته منذ 748 عامًا..كيف أصبح جلال الدين الرومي من نجوم السوشيال ميديا؟

جلال الدين الرومي
جلال الدين الرومي

لا تزال كلمات وأفكار جلال الدين الرومي، الاديب والفقيه الحنفي والصوفى، الذي ولد في 30 سبتمبر عام1207 والمتوفي عام 1273،  تسيطر على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، فقد دشن نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي ما يناهز المائة صفحة لجلال الدين الرومي أو المعروف بمولانا جلال الدين الرومي.


بنظرة متفحصة على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" نجد عشرات الصفحات التي تحمل اسم المتصوف صاحب الطريقة المولوية، وتنوعت الصفحات بعضهم يحمل اسم "جلال الدين الرومي"، فيما حمل آخرين مسميات عدة منها "جلال الدين الرومي.. قواعد العشق الأربعون" و"مولانا جلال الدين الرومي" و"جلال الدين الرومي مولانا العاشق" و"جلال الدين الرومي السفر إلى الله وطريق العشق الإلهي"، و"جلال الدين الرومي وشمس التبريزي" و"اقتباسات جلال الدين الرومي"، و"جلال الدين الرومي بين الشك واليقين"

جلال الدين الرومي حي

لم يؤثر جلال الدين الرومي بمريدية وأصحابه فقط، لكنه لا يزال يؤثر  تأثيرًا كبيرًا على شباب الوطن العربي، الذين جمعوا أقواله على صفحاتهم، كما جمعوا كثيرًا من أحاديثه، التي لم يكتبها بنفسه في كتُبٍ خاصَّة، وقد كان لأقوال جلال الدين الرومي تأثير كبير على الشباب ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، كتأثيرها على أتباعه ومريديه؛ فقد بقيت أقواله متداولة حتَّى اليوم.


وسطر نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي عددًا من أقوال جلال الدين الرومي، وخاصة أقواله في حياته "مَنْ لا يركض إلى فتنة العشق يمشي طريقًا لا شيء فيه حي.. إنّك قد رأيت الصَّورة ولكنك غفلتَ عن المعنى.. هكذا أود أن أموتَ في العشق الذي أكنه لك، كقطع سحب تذوب في ضوء الشمس.. ارتِق بمستوى حديثك لا بمستوى صوتك، فالمطر الذي ينميّ الأزهار وليس الرعد..."


كما اقتبس نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي قوله عن اللغة "أقول للغة: اتركيني وحدي، لكنَّها تطاردني مجادلةً، لا أرغب في الحديث عن العشاق بعد الآن.. هيجانٌ غريب في رأسي لطيور محلّقة، كل جزء يدور على حالهِ، هل من أُحب في كل مكان؟.. من ضوء الشمعة يبني العثُّ بيتًا، هكذا يحيا القلب والروح معًا، أحدُهما صيّاد أُسُود، الآخرُ سكّير، أحدُهما صاحٍ وصافٍ، الآخرُ مجنونٌ ووحيدٌ.. تحركْ خارج شباك هواجسِ الخوفِ، عش في صمت، طر إلى تحت وتحت، في حلقات الكينونة."

قواعد العشق الأربعون

كانت كلمات جلال الدين الرومي طريقًا يرشد سالكيه من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي إلي قواعد العشق الأربعون" ليسجلوا مقتطفات من تأثير كلامه عليهم "السكينة كأس فارغة تقبّل إخفاء سرك.. لا ضوء كضوئك، لا نسيم قادر على حمل عطرك، عندما يغادر الفكر قلعته.. لا تدع حلقك يضيق بالخوف كلَّ نهار وكلَّ ليلةٍ، خذْ رشفات أنفاس قبل أن يغلقَ الموت فمك.. ويبقى الحب ما بقيَ العتابُ.. لكن كلَّ من افترق عمن يتحدثون لغته ظلَّ بلا لسان وإن كان لديه ألف صوت.. فالشيء الذي لا يمكن التعبير عنه بالكلمات لا يمكن إدراكَهُ إلا بالصَّمت.. تذكَّر ما قلتُ لك، لقد قلتُ لا تذهبْ، لأنَّني أصاحبك في سراب هذا العالم."


"أنتَ تبحث عن الله؛ وهنا تكمنُ المشكلة كيف تبحث عنه وهو فيك!؟" أنها كلمات دشنها النشطاء لـ"مولانا جلال الدين الرومي" على صدر صفحاتهم، متخذين منها فواصل للحكمة والعظة "إنْ كان نورك ينبع من القلب، فإنك لن تضل الطريق أبدًا.. إنَّ هذا العالم أقصر من شهقة وزفيرها فلا تغرس فيه إلا بزور الحب.. لعل الأشياء البسيطة هي أكثر الأشياء تميزًا ولكن ليست كلُّ عين ترى.. أيها البشر الأتقياء التائهون في هذا العالم، كلُّ هذا التيه من أجل معشوق واحد تبحثون عنه في هذا العالم، ابحثوا في أنفسكم فما أنتم سوى ذلك المعشوق.. لا تنزعج إذا انقلبت حياتك رأسًا على عقب، فكيف تعرف أنَّ الجانب الذي اعتدت عليه، أفضل من ذلك الجانب الذي سوف يأتي"


ولا يزال النشطاء يفردون لـ"قواعد العشق الأربعون" الصفحات التي دونوا فيها مقتبسات من الكتاب "العشق هو تلك الشعلة التي عندما اشتعلتْ أحرقتْ كلَّ شيءٍ ما عدا المعشوق، وأنت بسبب شوكة واحدة تفرُّ من العشق، فماذا تعرف أنت عن العشق ما خلا الاسم؟.. قد استبدل ثقل قدميه على الأرض بخفة جناحي القلب وشغفهِ، وبين أرضهِ وسمائهِ تجلَّت له الحياة وما بعدها كَمورد ظمآن على سفر.. كم يفرّ المرءُ من بلاء ليقع في آخر! كم يهربُ من ثعبانٍ فيلقى تنينًا! طالما احتال الإنسان، كانت حيلُهُ شركًا وقع فيه، وكان موته فيما حسبه حياةً له"

الروح المتصلة 

"إنَّ الروح عندما لا تكون متصلة بالأحبة تصبح إلى الأبد مع ذاتها عمياء وحزينة.. إنَّك ممزقٌ بالوسْوسَة أيّها القلب، فليتكَ تستطيع تميّيز الطرَب من البلاء.. أنت ضيفٌ يا قلب، افرح بما تجده، وليس بما تتمناه، فإن حدث غير ذلك، لا تلمْ أحدًا ولا تحزن.. الغضب والشهوة، يجعلان المرء أحوَلْ، ويحولان الروح عن طريق الاستقامة.. منْ يريدُ القمر لا يتجنَّب اللّيل، من يرغبُ في الوَرد لا يخْشى أشْواكه، ومَن يسعى إِلى الحبّ لا يهرب من ذاتِه"


"الحب لا يكتبُ على الورق؛ لأنَّ الورق قد يمحوه الزمان، ولا يحفر على الحجر؛ لأنَّ الحجر قد ينكسر، الحبُّ يوصم في القلب وهكذا يبقى إلى الأبد.. وما زالت الشمس وبعد كلِّ هذا الزمن، لم تقلْ للأرض: إنني ملكك، أنظر ما يحدث مع مثل هذا الحب، إنه يملأ السماء نورا.. حفظة أسرار الحب يتكلَّمون بصوت منخفض وهامس، الله وحده يعلم ما يقولون.. ‏إن رأيت هذا الرأس مليئًا بالسعادة ومتخمًا بالفرح كلَّ ليلة وكلَّ نها، اعلم أنَّ أصابع الحب قد لامسته.. إنَّ الحب هو الذي يحول المر حلوًا، والتراب تبرًا، والكدر صفا، والألم شفاء، والسجن روضة، وهو الذي يلين الحديد ويذيب الحجر، ويبعث الميت وينفخ فيه الحياة" إنها قواعد للعشق دونها جلال الدين الرومي واحتفظ بها نشطاء مواقع التواصل، ليعيدوا تدوينا كل الوقت 

أفكار المتصوف

‏لا يزال جلال الدين الرومي حي، جملة دونها بعض النشطاء مؤكدين أن كلمات وأفكار المتصوف جلال الدين الرومي تجعله حب باقٍ رغم مرور أكثر من 700 عامًا على وفاته "للمرأة حضور خفيٌّ لا يراه ويهتدي به إلا رجل متفتح عارف، فهناك نوع آخر من الرجال بداخلهم حيوان محبوس! ليت هؤلاء يقوّمون أنفسهم أولا‌، ليتهم يعرفون أنَّ المحبة والتفهُّم هي ما تجعلنا بشرا، أما الشهوة والحمّية فلا‌، ربما كانت المرأة نورًا من نور الله، ربما كانت خلا‌قة وليست مخلوقة، ربما هي ليست مجرد ذلك الشكل الأ‌نثوي الناعم الذي تراه!" 
أما جلال الدين الرومي فهو محمد بن محمد بن حسين بهاء الدين البلخي البكري، ولد عام 1207م في مدينة بلخ في أفغانستان، وانتقل مع والده إلى بغداد وفيها نشأ ودرس في المدرسة المستنصرية، ولم يستقر جلال الدين في بغداد، بل تنقل إلى أكثر من مدينة قبل أن يستقرَّ في مدينة قونية أيام الصوفية. للرومي ديوان شمس التبريزي، ديوان كتبه جلال الدين الرومي في ذكرى وفاة صاحبه وملهمه في التصوف، ويتألف هذا الديوان من أربعين بيت من الشعر وخمسين قصيدة نثرية.


أما "الرباعيات"، فهو كتاب يتألف من مجموعة من الرباعيات، قُدِّر عددها بألف وستمائة وتسع وخمسين رباعية. و"كتاب فيه ما فيه"، وهو كتاب يتألف من مجموعة من المحاضرات التي ألقاها جلال الدين على أصحابه، وقد جمعها مريدوه عنه، ويبلغ عدد هذه المحاضرة إحدى وسبعين محاضرة.


وكان لجلال الدين الرومي "المجالس السبعة"، مجموعة من المحاضرات التي ألقاها جلال الدين الرومي عن القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف، وفيها بعض أشعار فريد الدين العطار والسنائي.

وكانت "الرسائل" للرومي، عبارة عن مجموعة من الرسائل التي كتبها الرومي لأصحابه باللغة الفارسية واللغة العربية، وتدل هذه الرسائل على اهتمام الرومي بمعارفه ومريديه وتأثره الكبير بهم.

الجريدة الرسمية