رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

أطباء مصر.. أمن قومي

خلال أسبوع واحد توفي أربعة من شباب الأطباء بمحافظة الشرقية.. وكالعادة سارعت وزارة الصحة مشكورة بإصدار بيان أكدت فيه أن وفاة الأطباء الأربعة كانت طبيعية، ولا وجود لأي شبهه جنائية! إلي هنا انتهي دور الوزارة رسميا.. خلاص في غمضة عين راح أربعة من زهرة شباب أطباء مصر وخيرة أبناءها، وتحولو إلى مجرد أرقام في دفاتر الوفيات، وأسماء في سجلات المعاشات، ستفنا الأوراق.. وجهزنا الجنازات.. وحصل أهلهم على تصاريح الدفن.. لأن إكرام الميت دفنه.

فعلا.. صدقت وزارة الصحة في بيانها.. الوفاة طبيعية.. لا توجد شبهه جنائية. لكن هناك قتل من نوع آخر.. قتل بالإجهاد المتعمد.. بالعمل الشاق المتواصل بلا رحمة.. قتل بالاستعباد والسخرة.. والمعاملة غير الآدمية.. حتى يتهاوى جسده ويتوقف قلبه عن العمل. أو حتى يختل توازنه فجأة فيسقط ليتلقاه الموت.

 

 يا تري حد سأل مين مسئول عن إجبار أي طبيب شاب على العمل ٣٦ ساعة متواصلة بلا نوم ولا راحة، حتى يسقط منهارا من السهر  والتعب والإرهاق، أو حتى يتوقف قلبه عن العمل فجأة بعد أن عجز عن ضخ المزيد من الدماء في جسد صاحبه الطبيب الشاب الذي استعبده الواجب المقدس، ولم يرحمه أي مسؤول، وطالبوه بالعمل بلا كلل او ملل أياما متواصلة مقابل ملاليم زهيدة لا تكفي ثمن شراء حذاء!! 

هجرة الأطباء

من هو المسؤول عن قتل هؤلاء الأطباء الشبان الأربعة، وغيرهم من أبناء مهنة الطب.. مع سبق الإصرار والترصد، بتجاهلهم وإهانتهم وتعمد التنكيل بهم، وتعذيبهم بالعمل المتواصل تنفيذا للتعليمات والأوامر، وكأنما يدخلون اختبار البقاء للأقوى في مهنة الإنسانية! أو كأنما يؤدون عقوبة جريمة امتنهانهم مهنة الطب في مصر، أو أنهم يدفعون مقدما ضريبة الحصول علي لقب طبيب في بلد لا يقدر قيمة أطباؤه، مما دفع أكثر من ٣٠٠٠ طبيب للهجرة للعمل في مستشفيات انجلترا وحدها خلال العام الماضي، حتى أصبحت مستشفيات الحكومة تعاني عجزا رهيبا في الأطباء، هربا من المعاملة غير الآدمية التي يعاني منها أطباء مصر.

وفي النهاية يخرج علينا جهبذ من الجهابذة، مطالبا بمحاكمة الأطباء أو منعهم من السفر للخارج، ويقترح آخر استقدام أطباء من الهند، بدلا من البحث عن أسباب استقالات الأطباء من العمل، وتوفير احتياجاتهم.. وكأن المطلوب هو القضاء على مهنة الطب في مصر، التي كانت يوما ما  قلعة الطب في العالم العربي.. في زمن كنا ندرك فيه أن أطباء مصر أمن قومي.

Advertisements
الجريدة الرسمية