رئيس التحرير
عصام كامل

د. شوقى السيد: القوانين لا تسائل الطبيب عن الخطأ المهنى غير الجسيم ومطلوب تغيير التشريعات ( حوار )

الفقيه القانوني الدكتور
الفقيه القانوني الدكتور شوقى السيد

الدقة فى إصدار ترخيص ممارسة المهنة غائبة ويترتب عليه إهمال جسيم يؤدى إلى الوفاة
 

قانون المسئولية الطبية الذى يجرى إعداده حاليا يستهدف حماية المريض وإعطاءه حقه 

 

الطبيب لا يخضع للمساءلة إذا حدث للمريض مضاعفات وشركات التأمين هى التى تدفع تأمينا للمريض


رغم التطور الكبير الذى شهدته المستشفيات وأساليب العلاج إلا أن الأخطاء الطبية الكارثية ما زالت مستمرة، وهناك حالات عديدة من الإهمال أصبحت منتشرة فى المحاكم، وتعتبر جريمة الإهمال الطبى من الجرائم الخطيرة التى تواجه مجتمعنا بسبب وجود أخطاء طبية أثناء عمل الطبيب، وهو ما قد يتسبب فى إصابة المريض بعاهة مستديمة أو تودى بحياته.
الفقيه القانوني الدكتور شوقى السيد يجزم فى حوار مع "فيتو" بأن القوانين الحالية لا تسأل الطبيب إلا عن الخطأ الطبى القاتل، منوهًا إلى أن غياب الدقة فى إصدار ترخيص ممارسة المهنة أحد أسباب وقوع الأخطاء الطبية؛ لأن الطبيب لا يهتم بتطوير نفسه بعد التخرج للوقوف على أحدث الأبحاث وطرق العلاج.. تفاصيل أكثر في نص هذا الحوار:



*فى البداية ما السبب فى تفشى ظاهرة الأخطاء الطبية القاتلة والتى انتقلت من مستشفيات الفقراء إلى مستشفيات الأثرياء أيضًا؟


** أولا يجب أن نعلم أن الأخطاء الطبية هى أخطاء يتم ارتكابها فى المجال الطبى؛ نتيجة انعدام الخبرة أو الكفاءة من قبل الطبيب الممارس أو الفئات المساعدة، وهى نتيجة ممارسة عملية أو طريقة تجريبية فى العلاج أو نتيجة حالة طارئة تتطلب السرعة على حساب الدقة، فينتج الخطأ الطبى، أضف إلى ذلك أن القوانين المعمول بها حاليا لا تسأل الطبيب إلا عن الخطأ المهنى الجسيم أي الجهل المطلق بالعلوم الطبية، وهنا يسأل الطبيب مدنيا وجنائيا، ويكتب الخطأ جنحة أو قتل خطأ، وبالتالى المشكلة تكمن فى تطبيق القانون وحسن فهمه، فليس أي شيء يقال يوصف بأنه خطأ مهنى جسيم، والقاضى له حق التقدير.

*الظاهرة لا تقتصر على المستشفيات الحكومية، بل تمتد إلى المستشفيات الفندقية.. ولا يقتصر ضحاياها على الفقراء، بل تمتد إلى المشاهير مثلما حدث مؤخرا مع ياسمين عبد العزيز وإيمان الحصرى؟


**هذا الكلام صحيح، لأن الدقة فى إصدار ترخيص ممارسة المهنة غائبة، والطبيب بمجرد تخرجه يمارس المهنة وفقا لضوابط محددة دون قياس قدرته على الممارسة المهنية، وهذا دور يقع على عاتق نقابة الأطباء ووزارة الصحة فى تدريب وتأهيل خريجى كليات الطب الجدد بعد التخرج لتطوير معلوماتهم وقدراتهم ومواكبة أحدث الأبحاث العلمية فى مجال الطب، مع عقد دورات تدريبية لهم، أضف إلى ذلك أن إصدار التراخيص للعيادات والمستشفيات الخاصة لا علاقة لها بالطب، وهو ما يترتب عليه الإهمال الذى يطلق عليه «جسيم يؤدى إلى الوفاة».

*وهل القوانين الحالية لا تكفى لمواجهة هذه الظاهرة التى تسيء لأصحاب البالطو الأبيض؟


**القوانين الحالية تعتبر الخطأ الطبى جُنحة، فى حين أن جريمة الإهمال الطبى من الجرائم الخطيرة التى تواجه مجتمعنا بسبب وجود أخطاء طبية أثناء عمل الطبيب، الأمر الذى من الممكن أن يتسبب فى إصابة المريض بعاهة مستديمة أو يتسبب هذا الخطأ فى إنهاء بحياة المريض، وقانون العقوبات تصدى لجريمة الإهمال الطبى فى مواده، حيث نصت المادة 244 من قانون العقوبات، على أنه: "من تسبب خطأ فى جرح شخص أو إيذائه بأن كان ذلك ناشئًا عن إهماله أو رعونته أو عدم احترازه أو عدم مراعاته للقوانين والقرارات واللوائح والأنظمة يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تجاوز مائتى جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين". 

 

وتكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنتين وغرامة لا تجاوز ثلاثمائة جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين إذا نشأ عن الإصابة عاهة مستديمة أو إذا وقعت الجريمة نتيجة إخلال الجانى إخلالا جسيمًا بما تفرضه عليه أصول وظيفته أو مهنته أو حرفته أو كان متعاطيًا مسكرًا أو مخدرًا عند ارتكابه الخطأ الذى نجم عنه الحادث أو امتنع وقت الحادث عن مساعدة من وقعت عليه الجريمة أو عن طلب المساعدة له مع تمكنه من ذلك. وتكون العقوبة الحبس إذا نشأ عن الجريمة إصابة أكثر من ثلاثة أشخاص، فإذا توافر ظرف آخر من الظروف الواردة فى الفقرة السابقة تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنين.

 

* وهل ترى أن هذه العقوبات كافية لمواجهة المشكلة؟


**بالطبع لا، وبالتالى مطلوب إعادة النظر فى التشريعات الخاصة بالخطأ الطبى فى ضوء ما يستمد من الواقع من صور إهمال جسيم، على أن تكون المناقشات فى صورة حوار مجتمعي يضم كل المعنيين بالأمر بمشاركة وزارة الصحة ونقابة الأطباء والنواب ورجال القانون.

*كيف ترى قانون المسئولية الطبية الذى يجرى إعداده حاليا؟ وهل يكفى لمواجهة ظاهرة فوضى الأخطاء الطبية؟


**نعم، وهذا القانون من القوانين ذات الأهمية الكبرى، فهو يستهدف حماية المريض وإعطائه حقه، وحماية الطبيب أيضا، وهناك أخطاء كثيرة ليست مهنية ولا طبية اسمها مضاعفات، ليست خطأ طبيب ولا خطأ فنى، وفى هذه الحالات تكون هناك شركات تأمين تدفع تأمينا للمريض بدون مساءلة الطبيب نهائيا؛ لأنه ليست عليه مسئولية فى تلك الحالة، أما إذا أجريت عملية أو حدث خطأ فى مكان غير مرخص أو من خلال طبيب غير مؤهل أو حدث خطأ فنى جسيم، فهذه جناية، ومعظم الحالات مسئولية طبية وليست جنائية، وذلك موجود فى العالم كله، بالإضافة إلى أن لجنة المسئولية الطبية هى التى تكون مسئولة عن تحديد نوع الخطأ والمسئولية عنه، وأى خطأ جنائى يحال فورا للمحكمة ويحاكم المخطئ.

 

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"
 

الجريدة الرسمية