رئيس التحرير
عصام كامل

5 خلافات تمنح حركة طالبان فرصة تاريخية لإنهاء تحالفها مع القاعدة

أسامة بن لادن
أسامة بن لادن

يترقب الغرب والعالم الآن مستقبل ما سيحدث في أفغانستان، بعد عودة حركة طالبان للحكم من جديد بعد صراع دام 20 عاما مع القوى العالمية، لكن أخطر ملف يؤرق الغرب على وجه التحديد وقد يعجل بإزاحة طالبان من الحكم بأسرع وقت ممكن، التحالف مرة آخرى بين تنظيم القاعدة والحركة الأفغانية وإحياء نموذج جديد لـ«داعش». 

مخاوف طالبان 

تعرف حركة طالبان جيدًا أن علاقاتها بإرث أسامة بن لادن أشد الأخطار عليها، وتعرف أيضا أن الابتعاد عنه قد يضع لها قدمًا في النظام الدولي.. لكن أي طريق يمهد الأرض لها  ويجعلها قادرة على فك الارتباط التاريخي مع تنظيم القاعدة دون أن تتخلى في الوقت نفسه عن قاعدتها الجماهيرية من الجهاديين داخل أفغانستان وخارجها ؟ 

تملك طالبان التي حاولت أمس طمأنة القوى الدولية عددًا من الفرص للتخلص من التحالف التاريخي مع القاعدة دون أن تخسر قاعدتها الجماهرية المرتبطة عاطفيا بكل حركات الجهاد على مستوى العالم، نجملها في الآتي:  

1 ـ تأسس تنظيم القاعدة وتطور تدريجيًا تحت أسماء مختلفة أثناء غزو الجيش الأحمر لأفغانستان ـ الاتحاد السوفيتي ـ ووضع لنفسه أهدافا عالمية بإعادة الخلافة الإسلامية واستهداف المصالح الغربية.

بينما ظهرت حركة طالبان كحركة دينية ـ سياسية ـ عسكرية محلية، خلال الحرب الأهلية في الفترة ما بين الانسحاب السوفيتي من أفغانستان، والصراع القاتل بين التنظيمات الجهادية هناك، مما يجعل أهداف الطرفين مختلفة كليا. 

صدام أيديولوجي

2 ـ تختلف طالبان والقاعدة أيديولوجيًا وسياسيًا منذ البدية، في طالبان تعلّم أفراد الحركة في المدارس الدينية الديوبندية ـ نسبة إلى قرية ديوبند في الهند ـ وتأثروا بالمناهج الدراسية العصرية لهذه المدارس  الأمر الذي انعكس على أسلوبهم في الحكم مقارنة بالحركات الجهادية الآخرى. 

لكن تنظيم القاعدة يدين بالمنهج السلفي المتشدد، ويبني التنظيم تكتيكاته على رؤى سيد قطب، القيادي الإخواني التكفيري الشهير، ما يضع بينهما حواجز كبيرة لاتحتاج إلا لمجرد إثارتها كما فعلت النهضة التونسية مع إخوان مصر، عندما تفرقت السبل بكل منهما وأصبح كل طرف عبئا على الآخر.  

طبيعة النشاط 

3 ـ هناك أيضا اختلاف رئيسيًا بين طالبان والقاعدة، وهو طبيعة نشاط كل منهما، إذ تؤمن طالبان بضرورة أن تقيد عملياتها داخل حدودها، وعلى مستوى الأفغان فقط.

لكن القاعدة تفضل اللامحدودية والشمولية والعالمية، وتمد أنشطتها لتشمل الكرة الأرضية، ولا تعترف بالمحلية أصلا وتسعى لتوحيد المسلمين تحت لافتة الخلافة الإسلامية. 

4 ـ ترفض طالبان فتح أفغانستان للجهاديين، بغض النظر عن الظرف الذي استدعي سابقا استضافة أسامة بن لادن، وهو القرار الذي جر عليها غضب أمريكا، وما يؤكد ذلك أن الحركة كانت دائمة الشكوى والتذمر من عدم وجود إحصاءات لديها عن أنصار القاعدة الذين قدموا إليها من جنسيات مختلفة على شرف بن لادن.

في وجود أسامة بن لادن، دفعت طالبان بالملا عبد الصمد ـ قيادي تاريخي ـ لحصر الرعايا الأجانب وأماكن وجودهم وأنشطتهم، وتأسس على ذلك حساسية شديدة، حيث اعتبرها بن لادن محاولة لتضييق الخناق على رجاله. 

البيعة 

5 ـ أحد الأسباب التي يمكن إثارتها بين القاعدة وطالبان «البيعة».. موقف كل منهما من الآخر ومن له الولاية، ويكشف أرشيف العلاقة بينهما أنها ليست قضية سهلة بالمرة، حيث سبق لمستشاري زعيم طالبان التاريخي وأميرها الأول «الملا عمر» ممارسة ضغوط شرسة على أسامة بن لادن لمبايعة أمير طالبان على السمع والطاعة.

تهرب أسامة بن لادن من البيعة بحجة أنه لايريد توريط طالبان في صراعاته خارج أفغانستان ضد المصالح الغربية، وتغاضت الحركة الأصولية الأفغانية عن حسم القضية بسبب الضغوط التي فرض عليها أنذاك.

لكنها كانت تعرف جيدا أن بن لادن يرى نفسه الخليفة المنتظر على كل المسلمين في شتى بقاع الآرض، ولم يكن حتى في نظر أنصاره مجرد أمير بل وضعوه في مرتبة أكبر بكثير من مقاسات طالبان، وهو أمر لن تسمح به الحركة مرة آخرى بسبب لوائحها الداخلية وقناعاتها التي تفترض وجود أمير واحد له السمع والطاعة ولاينازع في الحكم.    

الجريدة الرسمية