رئيس التحرير
عصام كامل

ثانى هجوم.. لماذا تعد مزار شريف معركة فاصلة لطالبان ؟

عناصر من طالبان
عناصر من طالبان

بدأت حركة طالبان، اليوم السبت، ثاني هجوم خلال 3 أيام على مدينة مزار شريف، أكبر مدن شمال أفغانستان، في معركة فاصلة.

مزار شريف 

وأعلنت طالبان، صباح اليوم،، أنها بدأت القتال لدخول مدينة مزار شريف عاصمة ولاية بلخ، فيما أفادت مصادر للقوات الحكومية الأفغانية بمقتل 19 من عناصر طالبان، وإصابة 6 آخرين في عمليات تطهير نفذتها قوات الأمن الأفغانية في منطقة شولجارا بإقليم بلخ.

 

وتهاجم طالبان الآن مزار الشريف من ثلاث جهات، هي مدن قندوز في الشرق وساري بول وجوزجان في الغرب، حيث سيطرت على المدن الثلاثة في الأيام الماضية.

أول هجوم 

وقبل 3 أيام فقط، أعلنت وزارة الدفاع الأفغانية أنها تصدّت أول هجوم شنته حركة "طالبان" على مدينة مزار شريف. 

 

وبالتزامن مع صد الهجوم الأول، احتشد الأهالي في مزار شريف لدعم قوات الأمن الأفغانية مع اقتراب مسلحي "طالبان" من المدينة. وردّد السكان الشعارات المناهضة للحركة، ولوّحوا بالأعلام الأفغانية، في مسيرة انضم إليها الجنود الأفغان.

 

وهذا التجمع ليس غريبا على المدينة، إذ كانت مزار شريف أهم معقل للمعارضة المسلحة ضد نظام طالبان الذي سيطر على أفغانستان في تسعينيات القرن الماضي. 

 

وتوعدت قوات الأمن الأفغانية والمليشيات المتحالفة معها، طالبان بقتال شرس في مزار شريف. 

 

وتعهد عطا محمد نور وهو قائد قوات موالية للحكومة في الشمال بالقتال حتى النهاية، قائلا إنه ستكون هناك "مقاومة حتى آخر قطرة من دمي".

 

وكتب على تويتر: "أفضل الموت بكرامة على الموت يأسا".

 

تاريخ صعب

وبصفة عامة، تحمل مزار شريف تاريخا صعبا مع حركة طالبان على وجه الخصوص.

 

ففي عامي 1997 و1998، سيطرت طالبان وخسرت واستعادت السيطرة على مزار الشريف، وكانت السيطرة على هذه المدينة مهما للغاية في مسار سيطرة الحركة على حكم أفغانستان، لدرجة أنه عندما استولت المدينة عليها في 1997، اعترفت دول على الفور بالحركة كحكومة شرعية لأفغانستان، قبل حتى أن تبسط الأخيرة سيطرتها على العاصمة كابول.

 

لكن طالبان خسرت مزار الشريف في غضون أسبوع نتيجة لمقاومة المعارضة المسلحة، واضطرت إلى الانتظار حتى عام 1998 لاستعادتها بعد أن ارتكبت مذبحة بحق المدنيين. 

 

ولم تكن مزار شريف فاصلة فقط في تمرد طالبان الأول في تسعينيات القرن الماضي، إذ أن المدينة التي تعد معبرا تجاريا مهما، كانت بوابة السيطرة على أفغانستان خلال الـ40 عاما الماضية.

 

ففي حملة الاتحاد السوفيتي على أفغانستان نهاية سبعينيات القرن الماضي، لعبت السيطرة على مزار شريف الدور الأبرز في بسط الروس سيطرتهم على أفغانستان بين عامي 1978 و1979، وتكرر الأمر مع الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في 2001 أيضا.

 

وبمجرد سيطرة قوات الولايات المتحدة وجلفائها على مزار الشريف في 2001، تمكنت من تدشين سلسلة إمداد لقواتها في أفغانستان. بل أن رئاسة الأركان المشتركة الأمريكية أصدرت دليلا تعليميا يشرح سبب نجاح عملية السيطرة مزار الشريف، والتي تمت عبر فرق القوات الخاصة والاسناد الجوي.

 

المعركة التي وصفها وزير الدفاع الأمريكي آنذاك، دونالد رامسفيلد، بـ"نقطة التحول"، كانت فاصلة في سيطرة القوات الأمريكية على شمال أفغانستان، ثم كامل البلاد.

 

هل يعيد التاريخ نفسه؟

وتعتبر مزار الشريف مدينة تاريخية ومفترق طرق تجاري، فضلا عن أنها من الدعائم التي استندت إليها الحكومة الأفغانية الحالية للسيطرة على شمال البلاد.

 

وبين 1998 و2001، حددت مزار شريف، مصير تمرد طالبان، مرة بالنجاح، وأخرى بالهزيمة الساحقة، وتعود المدينة مرة أخرى في 2021، لتكون فاصلة في مستقبل أفغانستان.

 

وتشن طالبان حملة عسكرية منذ مايو الماضي في أفغانستان، ونجحت حتى الآن في السيطرة على عواصم 16 ولاية من أصل 34 في البلاد.

الجريدة الرسمية