رئيس التحرير
عصام كامل

أردوغان وآبى أحمد!

رغم أن أردوغان يماطل ويناور من أجل الاحتفاظ بقواته وميليشياته فى ليبيا، إلا إننى أعتقد أنه سيضطر فى نهاية المطاف لسحب هذه القوات والمليشيات، لأن ذلك صار مطلبا دوليا أكده المشاركون مؤخرا مجددا فى مؤتمر برلين ٢، وتلح أمريكا وأوروبا عليه وكذلك الأمم المتحدة، كما أن أردوغان يعتبر ملك التراجعات عن مواقفه المختلفة وأحيانا يقوم بذلك بشكل مفاجىء ومثير، طبقا لقراءته للأوضاع التركية والإقليمية والعالمية، مع تقديره لقدراته، أو بالأصح لعدم قدرته على التمسك بمواقفه وعدم مراجعتها أو تغييرها، فهو مناور كبير وتكتيكي شاطر، ولا يأبه بتعرضه للانتقادات، سواء الداخلية أو الخارجية عندما يتراجع عن مواقفه. ولعلنا نتذكر أنه فعل ذلك كثيرا سواء مع الإسرائيليين ومع الروس، وأيضاً مع الأوروبيين والأمريكانِ!


لكننى لست متأكدا أن آبى أحمد سيضطر قريبا للتراجع عن مواقفه المتشددة فى أزمة سد النهضة، وأيضاً أزمة تيجراى، لأنه شخصية لا تتسم بالمرونة السياسية، فضلا عن أنه وجد نفسه فى المواقف المتشددة ويعتقد أنه يربح منها، بل وأنها توفر له بعض الحماية داخل بلاده التى صنع لها عدوا داخليا هم أهل التيجراى، وعدوا خارجيا هو مصر ومعها الآن السودان.. كما أن آبى أحمد مازال يرى أنه فى حاجة لهذا التشدد لدعم نفوذه داخل بلاده وسيطرته السياسية عليها فى ظل الانقسامات التى تهددها، فضلا عن أن الرجل لا يتعرض لضغوط كافية أو مناسبة تجعله يتراجع عن تشدده، سواء على الساحة الإقليمية، خاصة الأفريقية، أو الساحة الدولية، خاصة من الدول الخمس صاحبة العضوية الدائمة فى مجلس الأمن، وفى مقدمتها أمريكا.

لذلك أظن، وليس كل الظن إثما، أن الأزمة الليبية يمكن أن تظفر بحل لها قبل أزمة السد الإثيوبى المرشحة لأن تستمر معنا وقتا أطول.. فإن قدرة آبى أحمد على المماطلة والتعنت مازالت أكبر من قدرة أردوغان فى هذا  الصدد، رغم رغبته فى الاحتفاظ بنفوذ له فى ليبيا.     
الجريدة الرسمية