رئيس التحرير
عصام كامل

«الطاووس» ملحمة شعبية يعزف أبطالها على أوتار الواقع المرير

مسلسل الطاووس
مسلسل الطاووس
قضايا الاغتصاب والتحرش دائما ما تدق ناقوس الخطر في مجتمع شرقي، ذو عادات وتقاليد تجعل الفتاة الكاشفة عن المتحرش، والتي تشير نحو المغتصب صاحبة الوجه المكشوف، وينفرها الجميع.



فدائمًا الأعمال التي تسلط الضوء على قضايا التحرش والاغتصاب تقترب بحظر، كي لا تمس أحدًا من الشخصيات على أرض الواقع، لكن هنا في ملحمة "الطاووس" قرر المؤلف كريم الدليل والمخرج رؤوف عبدالعزيز أن يجعل الجميع يقف صامتًا أمام قضية الاغتصاب.


فلا مبرر هذه المرة للاغتصابـ فليست الفتاة شقراء، أو صاحبة ملابس مثيرة، فكان اختيار رؤوف عبد العزيز لسهر الصايغ موقف لأبعد حد، لأنها بتقديم شخصية "أمنية" استطاعت أن تقترب وتعبر عن معظم الفتيات اللاتي انقطع صوتهن بسبب الخوف تارة، وتارة أخرى كي لا يلحق العار بأسرهن.


فالفتاة كانت من منطقة شعبية مثل غيرها كثيرًا، روادها حلمًا بأن تحصل على وظيفة مناسبة لتسد احتياجاتها، لكن كان سوء الحظ حليفًا لها عندما قابلت شبابًا لا يعرفون عن الكفاح إلا اسمه فقط، هتكوا عرضها تحت تأثير المخدر بالتناوب، وكثيرًا من الفتيات تعرضن لمثل هذه الواقعة.


أبرز العمل كيف يتعامل أولاد الطبقة العليا كما يطلقون على أنفسهم مع من هم أقل منهم، وخاصة إن كان هناك نجل مستشار أو رجل أعمال ذو نفوذ كبرى، فالكل يغني على ليلاله.



مسلسل "الطاووس" عمل إنساني اجتماعي


ويعد مسلسل "الطاووس" وسط كل الأعمال الدرامية التي تعرض خلال شهر رمضان، يغرد منفردا خارج السرب، لكونه يقدم عمل إنساني اجتماعي في المقام الأول الهدف منه الدفاع عن المرآة وقضاياها وحقوقها ويرفع شعار المرآة خط أحمر، خاصة في ظل ندرة هذه الأعمال التي تتحدث هذه النوعية من الموضوعات.


واستطاع المخرج رؤوف عبد العزيز ببساطة وسلاسة، أن يقدم لنا جميع المعاني والمشاعر التي تشعر بها ضحية الاغتصاب، دون أي لفظ أو مشهد جارح للمشاهدين، خاصة في مشهد الاغتصاب، والذي قدمه بشكل إنساني استطاع من خلاله أن يوصل للجمهور كل مشاعر الحزن والضعف والانكسار التي تشعر بها الضحية، ومدي الاستهتار الذين يتمتع به مركبي الجريمة الاغتصاب، خاصة إذا كانوا من ذوي الطبقة التي تتمتع بالسيطرة والنفوذ.


مسلسل "الطاووس"، تناول العديد من الموضوعات، بجانب قضايا المرآة، حيث تعد مشاهد العظيمة "سميحة أيوب" في دور "ماتيلدا" بها تسامح ومحبة كبيرة ووحدة وطنية مختلفة بدون زعيق ايضاً أو افتعال أو مبالغة.. فقط بها إنسانية وهذا هو أهم ما في الحكاية.. الإنسانية.. فكلانا مسيحي أو مسلم نعاني نفس الهموم ونفس الظروف ونفس المشاكل والضرائب والغلاء.. مشاكلنا واحدة وحياتنا واحدة تماس معها المسلسل وعبر عن الوحدة الوطنية دون صوت.


مسلسل الطاووس مسلسل يعزف في منطقة خاصة في هدوء ويناقش قضية تكررت كثيرا في مصر والوطن العربي والتي أتمنى أن يكون تأثره ذو نتيجة إيجابية.
الجريدة الرسمية