رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

في عيد الشرطة.. والدة الشهيدين محمد وأحمد حسن تروي لـ"فيتو" قصة استشهادهما

أم الشهيدين نجوى
أم الشهيدين نجوى محمود وولداها الشهيدان
ربما لو تحدثنا عنها مائة عام في عشرات الصحف ومئات  السطور لن أوفيها حقها هي وكل أمهات الشهداء، يضرب بها المثل في الصبر والمثابرة، دموعها لا تجف على وليدها الشهيد، ليس حزنا على استشهاده، ولكنها لوعة الفراق.. اختارها الله لتكون أم الشهيد الرائد محمد حسن حسانين والذي استشهد أثناء تأدية عمله هو ومجموعة من المجندين على يد الإرهابي هشام العشماوي.


التقت "فيتو" تلك السيدة العظيمة، لم يمهلها الإرهاب الأسود، حتى فقدت أبنها الثاني الملازم أحمد حسن حسانين بعد استشهاد ابنها الأول بست سنوات، وهي فارق العمر بينهما والفارق الزمني في الاستشهاد.

في البداية، تقول نجوى محمود، والدة الشهيد محمد حسن حسانين: أنا أم لثلاثة أولاد؛ ابنى الكبير هو النقيب محمد حسن الذي استشهد يوم 18 / 8 / 2013، ثم لحق به أخوه الملازم أول أحمد حسن يوم 4/ 5 / 2019، أما أخوهم الأصغر فهو في الفرقة الخامسة بكلية الهندسة.  

تصف قصة استشهاد النقيب محمد حسن بأنها كانت فاجعة، قائلة: أنا لم أنس ابنى لكي اتذكره.. لم يكن محمد ابنا فقط بل كان أخا وصديقا، وذلك نظرا لأن أبيه دائما كان بعيدا عن المنزل لظروف عمله بالقوات المسلحة، لذلك كان محمد سندا وعونا لي، كان صغيرا في السن ولكن عقله كبير يسبق سنه.. رجل يعتمد عليه وتسند إليه العديد من المهام منذ صغر سنه، التحق ابني بأكاديمية الشرطة، ثم تخرج منها ليصبح ضابطا بجهاز الشرطة المصرية، كان يحب عمله حبا جما، وعُرف بين الجميع باستقامته وطيب اخلاقه، وحرصه على الصلاة والعمل.. وفي اليوم الذي استشهد فيه كان متغيبا عن المنزل نظرا لظروف عمله، واتفقت معه خلال مكالمة هاتفية أن يأتي للإفطار معي حيث كنا صائمين "الأيام البيض" من شهر شوال، وقمت بتجهيز الإفطار وانتظاره، خاصة أنه أخبرني بقدومه، واتفق مع أصحابه على الالتقاء معهم لمتابعة إحدى مباريات كرة القدم في الدوري الإنجليزي.

كنت دائما ما أتابع التلفاز، وأتابع الأخبار لأطمئن على ابني وزوجي من خلالها، ولكن في هذا اليوم ولكثرة انشغالي بالأعمال المنزلية وانهماكي في تجهيز طعام الإفطار لم أتابع التلفاز. 

كنت أنتظره ولكنه تأخر فإذا بالهاتف يرن.. كان المتصل أحد زملائه حيث أخبرني أن محمد أصيب بجرح بسيط في يده ونقل على إثره للمستشفى، حيث كانت خدمته في منطقة السماكين بالمنايف.

أسرعت وأخذت ابني أحمد الصغير وقمت بتجهيز نفسي سريعا ونزلنا مهرولين إلى المستشفى.. كان هناك شيء غريب يحدث في الشارع، فمنذ أن نزلت إلى الشارع للذهاب إلى المستشفى رأيت الناس والجيران يقفون على جانبي الطريق حيث أنهم كانوا يعرفون بالخبر ولم يخبرنى أحد. 

وتكمل وهي تبكي: وصلت إلى مقر مستشفى الجامعة كان المستشفى مزدحما، سألت: أين ابني ؟؟ قالوا إنه في غرفة العمليات يجري عملية رغم أنه كان قد وصل إلى مقر المشرحة، كنت في حالة انهيار تام رغم أنني وحتى تلك اللحظة لم أكن أعرف أنه استشهد.

ظللت منتظرة أي طبيب يخبرني ماذا حدث لابني، وضاقت على الدنيا.. كان الجميع ينظرون لي نظرات غريبة لم أستطع ترجمتها إلا بعد أن علمت أنه استشهد وهو صائم.. نعم استشهد هو ومن معه من المجندين على يد الإرهابي الخائن هشام عشماوي.. قام بقتلهم جميعا خلال أداء عملهم !!.  

وتكمل والدموع تتساقط من عينيها: خرج تقرير المستشفى بأن ابني استشهد في الحال نتيجة ضربه بطلقة نارية في الرأس أدت إلى وفاته في الحال، وعرض مسلسل "الاختيار" واقعة استشهاد ابني لأنه كان أول شهيد شرطة من الإسماعيلية.  

ظل الجميع يخفي عني خبر وفاته حتى يصل والده من القاهرة حيث أنه كان يؤدي مهام عمله، وتم استهدافه هو الآخر وهو قادم إلى الإسماعيلية لاستلام جثة ابنه من المستشفى.   

وصل زوجي إلى المستشفى ثم أخرجوني من جانب غرفة العمليات إلى المشرحة، حيث كان جثمان ابني هناك، دخلت المشرحة رأيت جثمانه الطاهر مصابا بطلقة اخترقت جانب جبهته والجانب الآخر تسيل منه الدماء.. كان مبتسما، وكأنه نائم.. ورغم أنني رأيته إلا أنني في هذا الوقت لم أكن أتقبل فكرة استشهاده لأنه كان معي منذ لحظات "صعب أن ترى الأم ابنها فلذات كبدها في هذا المشهد".  

كان مشهد الجنازة مشهدا مهيبا حضرها العديد من زملاء ابني وجيرانه وأقاربه ومن يعرفه ويتعامل معي ولم يكن يعلم أنه ضابط، مرت سنوات على حادثة استشهاده إلا أنه لم يفارق بالي لحظة واحدة، فهو معي كل يوم وكل لحظة.. مازالت أغراضه ومتعلقاته الشخصية كما هي.. كل شيء يذكرني به.. أنا أعرف أن الله اختاره شهيدا ولكنه سيبقى في قلبي هو وأخوه.  

بعد استشهاد ابني الأكبر قرر أحمد أخوه الالتحاق بكلية الشرطة ليأخذ ثأره.. وبالفعل التحق بكلية الشرطة وطوال مدة دراسته بالكلية كنت أعيد مشهد ترتيب حقيبة أخيه أسبوعيا.. كنت أبكي بالدموع لأنني كنت أعيد المشهد للمرة الثانية، تخرج من الكلية وكان من المتفوقين في الدراسة وفي العمل.  

 إلا أنه تعرض لحادث في منطقة الشروق.. تم ضربه بسيارة وسرقة كل ممتلكاته، تم نقله إلى المركز الطبي العالمي.. وتوفي فور وصوله للمستشفى وحتى الآن لا نعرف من قام بارتكاب الحادث.  

فقدت ولديَّ الإثنين وأحتسبهما عند الله من الشهداء. 
 
واختتمت حديثها موجهة رسالة إلى أسر الشهداء قائلا: افتخروا بأبنائكم فهم في انتظارنا عند أبواب الجنة.. أموات في الدنيا.. أحياء عند ربهم يرزقون.. 
 




Advertisements
الجريدة الرسمية