رئيس التحرير
عصام كامل

دراما الجن والعفاريت.. الموضة الجديدة في زمن المنصات..المخرجون: السوق عايز كده.. والمنتجون: تجذب الجمهور

أرشيفية
أرشيفية
عودة لافتة لمسلسلات الرعب والإثارة في الفترة الأخيرة تزامنت مع انتشار المنصات الرقمية الحديثة مثل شاهد نت، وفيو، ونتفيلكس.

تتعدد التفسيرات حول هذه الظاهرة.. فهناك من يرى أن هذه النوعية من الدراما تتماشى مع متطلبات السوق الحالي، ورأي آخر قد يقول إن الأمر ربما له علاقة بالذوق العام للجمهور في هذه المرحلة التي يكسوها الخوف أصلا ويحيط بها الرعب من كل جانب في حياتنا الطبيعية بفعل جائحة كورونا التي حبست كوكبا كاملا في المنازل.


جزء من ثقافتنا العربية

يرى المخرج اللبنانى أسد فولاد كار أنه مع انتشار المنصات الحديثة على رأسها نت فيلكس باتت هذه النوعية من الدراما هي الأكثر جذبا للجمهور عبر هذه المنصات ومن ثم عاودت في الانتشار، مضيفًا: هى جزء من ثقافتنا العربية والإسلامية فكثير منا يؤمن بالجن والعفاريت، وغيرها من المعتقدات وبالتالي ينجذب الجمهور لهذه النوعية التي ليست غريبة على ثقافته وهويته.

وعن التكلفة يؤكد "فولادكار" أن تكلفة هذه المسلسلات تكون أعلى بكل تأكيد من الدراما العادية، لأنها تحتاج جهدا إخراجيا أكثر، مع شغل آخر إضافي يتعلق بالتصوير والإضاءة وبالتالي تحتاج لوقت أطول وتكلفة إنتاجية أعلى.

موضة جديدة

المخرج إسلام بلال يرى أن هذه النوعية من الدراما هي الموضة الجديدة، حيث أصبح لها سوق مفتوح عبر المنصات مثل منصة شاهد نت، ونت فيلكس، وغيرها، مضيفا لـ"فيتو": الجمهور ربما يكون حدث له نوع من التشبع من الدراما التقليدية، ومن ثم فهو يجرب نوعا جديدا، ولا زال يتذوقه لأننا لا نستطيع أن نحكم ما إن كان الأمر سينجح أولا فهي لا زالت في مرحلة التجريب.

وعن سر انتشارها يقول المخرج: الأمر ربما له علاقة أكثر بالاستثمار، فكما أسلفت بأن هناك سوقا مفتوحة تطلب هذا النوع من الدراما من خلال المنصات الجديدة.

وعن تكلفتها الإنتاجية قال بلال: لا نستطيع أن نحكم إذا ما كانت تكلفتها الإنتاجية أعلى أو أقل من الدراما التقليدية، لأن الأمر يتوقف على العمل نفسه وطبيعة الخدع البصرية وغيرها من الأمور، مختتما: لم تثبت هذه الدراما نجاحا أو فشلا حتى الآن، حيث لا تزال في مرحلة التجريب وأتوقع ألا تستمر طويلا.

تحقق الجذب الجماهيري

على صعيد الإنتاج يرى المنتج الفني عوض ماهر أن نوعية الأعمال الفنية التي تعتمد على القصص والحكايات الوهمية أو المرعبة والمرتبطة بفكرة الجن والعفاريت، هي تيمة فنية محفوظة لدى الكثير من صناع الدراما والسينما، وتحقق الجذب الجماهيري، لكن يتوقف ذلك على دقة صناعتها وعلى جودة السيناريو والقصة التي يتم عرض تفاصيلها داخل العمل الفني.

مضيفا لـ"فيتو": هناك العديد من الأعمال الفنية التي اعتمدت على فكرة الجن والعفاريت والرعب، سواء في السينما أو الدراما، مثل فيلم" الإنس والجن" للفنان عادل أمام، وفيلم " التعويذة" وفيلم " كامب" ومسلسل " أبواب الخوف"، ومنها ما حقق النجاح الكبير ومنها مالم يحقق أي نتيجة إيجابية، فكما ذكرنا في البداية الأمر يتوقف على جودة العمل الفني نفسه.

أما المنتج محمود شميس فأكد أنه لا يفضل إنتاج أعمال فنية تنتمي لنوعية أعمال الرعب والجن والعفاريت، لأنها دائما لا تحمل رسائل اجتماعية هامة، كما أنها تعتمد على الخيال ولا تستهوي البعض، لذلك فصناعة الدراما داخل المجتمع المصري تعتمد في المقام الأول على المشكلات الاجتماعية، ومناقشة بعض القضايا المهمة داخل الأسرة أو في العمل.

ويضيف شميس لـ"فيتو": تكلفة الأعمال الدرامية التي تعتمد على الرعب ليست بالضرورة تكلفة باهظة، لأن الأمر يتوقف على أماكن التصوير التي تدور بداخلها الأحداث، وعدد المشاهد التي تتطلب المؤثرات البصرية والجرافيك وبالطبع ستكون باهظة التكلفة، كما أنها تحتاج إلى حرفية شديدة في التنفيذ.

الشباب يفضلها

يؤكد المنتج الفني وائل التوني أنه بعد انتشار المنصات الإلكترونية التي تحتاج إلى أعمال فنية بمواصفات بعينها، اتجهت الأنظار إلى أعمال الرعب والعفاريت، حيث إن الأغلبية العظمي من جمهور المنصات الإلكترونية من جمهور الشباب التي لا تتجاوز أعمارهم الثلاثين عاما، والذين ينجذبون إلى أعمال الرعب والعفاريت والجن.

مضيفا لـ"فيتو": إذا فكر المنتج في إنتاج مسلسل درامي تكون عدد حلقاته ثلاثين حلقة وتعتمد أحداثه على الرعب والعفاريت فسيكون الأمر مكلفا للغاية، لأن تلك الأعمال تتطلب مواصفات بعينها في التصوير والإضاءة والديكور والملابس وغيرها، كما أن المؤثرات البصرية والجرافيك يكون مكلفا للغاية، كما أن المنصات الإلكترونية تنتج أعمال الرعب لكن دائما تكون عدد حلقاتها عشرة حلقات أو خمسة عشرة حلقة على الأكثر، حتى لا تكون تكلفتها ضخمة.

وتابع التوني: ما زال الأمر في مصر ضعيفًا بالنسبة لإنتاج أعمال درامية تعتمد على الرعب بشكل جيد، حيث إن الأمر يحتاج إلى خبرة كبيرة لذلك فإن هناك أفلام رعب فشلت فشلا ذريعا، وهناك أعمال أخرى لم يفهمها الجمهور، لكن أفضل أن اأدم عملا سينمائيا أو دراميا تكون به حدوتة اجتماعية ويتخللها بعض مشاهد الرعب أو العفاريت والجن، مثلما حدث مثلا في فيلم " مفيش فايدة" لمصطفى قمر وبسمة.

ويقول الناقد طارق الشناوي: الوجدان الشعبي المصري يحظى باهتمام وانتباه لقضايا السحر والجن وغيرها حتى إذا أعلن الكثيرون غير ذلك لكن الواقع الذي نعيشه ونلاحظه يؤكد شغف المصريين بمثل هذه الأمور، مضيفا لـ"فيتو": هذا ليس له علاقة بالقناعات المطلقة في هذه القضايا، لأنه سواء كانت هناك قناعة أو لا، لكن يوجد اهتمام برؤية إثارة ذلك النوع من الدراما.

وأوضح الشناوى أن الدراما تلعب في الأساس على اهتمامات الجمهور أكثر من القناعات والعقل، مشيرا إلى أن الفن يخاطب الوجدان، وفي حالة كتابة الأعمال التي تناقش وتبرز أمور السحر والجن بشكل جيد ومشوق وتميز أسلوب تقديمها بنوع من الإثارة فمن المؤكد أنه سيجد في الضمير المصري اهتماما وإقبالا كبيرا، مستطردا: هناك الكثير من الأعمال في تاريخ الفن المصري تحدثت عن تلك الأمور مثل فيلم "التعويذة"، و"الإنس والجن"، ومؤخرا أيضا من خلال مسلسل "كفر دلهاب"، و"الوصايا السبع"، وغيرها.

وعن الحكم على الأعمال الجديدة في تلك القضايا تابع: "مفيش حاجة في الدنيا نقدر نحكم عليها من الفكرة أو الحالة فقط، لابد من مشاهدة العمل كاملا، وتحليل ما قدمه ومعالجته الدرامية، ورسالته".

ويرى الشناوي أن الكاتب يجب أن يتوجه لتقديم الموضوعات الطارئة والمجتمعية بنفسه كمناقشة "عمالة الأطفال" و"تجارة المخدرات" وغيرها، مضيفا: "الكاتب الراحل وحيد حامد عندما قرر في منتصف التسعينيات فضح جماعة الإخوان وحبهم للسلطة وسعيهم لها بغض النظر أي شيء آخر في المجتمع كان ذلك قبل ربع قرن من شعور وتجربة المجتمع نفسه لذلك وتأكده من ما جسده الراحل لذا لابد أن نثق ونصدق ضمير وإحساس المبدعين والكتاب".

وفي السياق ذاته أوضحت الناقدة ماجدة موريس إن ذلك النوع من الدراما ازداد انتشاره في السنوات الأخيرة مع دخول شركات الإنتاج الخاصة سوق الفن المصري بقوة، مؤكدة لـ"فيتو" أن قطاعا كبيرا من المصريين يؤمن بالخرافات والسحر والشعوذة فمن الطبيعي أن تنال تلك الدراما إعجابهم.

تؤكد "موريس" أن نجاح دراما الجن والسحر سيجعل المنتجين يقدمون على إنتاجها حيث إن تكلفتها ليست عالية كغيرها من أنواع الدراما الأخرى، محذرة: "للأسف سنبلى بهذا النوع من الأعمال غير الهادف، فنحن بحاجة إلى أعمال تنير العقول والوجدان وتجسد رموزا مصرية وتاريخية وتفتح آفاقا جديدة لتعريف الأجيال الجديدة أن في ناس كانت مهمة ومؤثرة في تاريخ وحضارة البلد دي".

نقلًا عن العدد الورقي...،
الجريدة الرسمية