رئيس التحرير
عصام كامل

"ثورة الفتاوى" خلف أسوار الأزهر.. "المشيخة" تعد نظام ربط إلكتروني جديد لتوحيد عملية الفتوى.. و"الاسترشادية" تجهز كتابًا للقواعد

شيخ الأزهر أحمد الطيب
شيخ الأزهر أحمد الطيب
«معركة شاملة» أعلنتها مشيخة الأزهر الشريف، وقطاعاتها المختلفة خلال الفترة الماضية، فيما يتعلق بملف الفتوى والتصدى لها، فعلى مستوى قطاع التعليم وافق مجلس جامعة الأزهر مؤخرًا على تدريس مقرر ثابت للفتوى لطلاب الفرقتين الثالثة والرابعة في الكليات الشرعية التابعة للجامعة.


لجنة فتاوى

كما أصدر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف قرارًا بتشكيل لجنة للإشراف على الفتوى في مؤسسات وقطاع الأزهر المختلفة، مهمتها تنسيق جهود الفتوى والإشراف عليها وتحرير الفتاوى المختلفة التي ترد إلى لجان الأزهر المختلفة، وذلك برئاسة الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف، وعضوية مجموعة مختارة من قيادات وأساتذة الفقه الإسلامي والعلوم المختلفة بجامعة الأزهر.

«المعركة الشاملة» التي بدأ «الأزهر» أولى جولاتها خلال الفترة الماضية، لم تأت من فراغ بل سبقتها جولات عدة قادتها المشيخة، ضد قانون تنظيم دار الإفتاء، والذي كان مطروحًا من قبل اللجنة الدينية بالبرلمان، وكان ينص على خروج دار الإفتاء من عباءة الأزهر الشريف، لتكون هيئة مستقلة يشرف عليها مجلس الوزراء، بجانب تغيير آلية اختيار مفتي الجمهورية والتي تقوم عليه في الوقت الحالى هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف.

قانون الإفتاء

وانتهى الأمر إلى رفض القانون لاحتوائه على مخالفات دستورية بحسب رأي مجلس الدولة الذي استشهد به «الأزهر» في خطاب اعتراضه للبرلمان على إصدار القانون، وقبلها اعترض الأزهر الشريف على قانون تنظيم الفتوى، الذي كان يعطى لأئمة الأوقاف الحق في التصدي لعلمية الفتوى قبل أن يتم تجميد مشروع القانون حتى الآن.

وبحسب مراقبين فإن «دوافع الأزهر للحراك في هذا الملف مختلفة، فيما بين رغبة الأزهر في مواصلة جهوده في تنظيم عملية الفتوى باعتباره الجهة المسئولة عن الدعوة والقيام بالشئون الدينية، أو أنه يريد فرض مزيد من النظام فيما يتعلق بإصدار الفتاوى التي شهدت في الفترة الأخيرة حالة من عدم التنظيم وظهور بعض الأصوات التي تصدر فتاوى غريبة على المجتمع المصري».

نظام جديد

بداية كشف مصدر مسئول بالأزهر الشريف، أن «المشيخة تسعى حاليا لتطبيق نظام جديد متعلق برصد وإصدار الفتاوى التي ترد إليها، وذلك من خلال لجنة الفتوى الرئيسية التي أعلن عنها شيخ الأزهر مؤخرًا برئاسة الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف، والتي من مهامها التنسيق بين قطاعات الأزهر المختلفة فيما يخص توحيد الفتاوى الصادرة عن المؤسسة».

مشيرًا إلى أن «اللجنة تعمل في الوقت الحالى على إنشاء سيستم موحد خاص باللجنة والفتاوى الصادرة عنها، بحيث سيتم تعيين لجنة محددة ممن تختارهم اللجنة تكون مهمتها استلام الفتاوى الصادرة للجنة وتحريرها ونشرها على الموقع المخصص لهيئة كبار العلماء على بوابة الأزهر الإلكترونية في مدة زمنية لا تزيد على 20 دقيقة فقط.

على أن تظهر تلك الفتوى بعدها بالصيغة التي حررت بها لكافة قطاعات ولجان الفتوى التابعة للأزهر والمنتشرة في كافة محافظات الجمهورية»، وأوضح أن «هذا النظام يعمل على إنشاء ما يمكن تسميته بـ(معتمد الفتوى) بحيث توحد الفتوى الصادرة عن نفس المسألة من كافة لجان الأزهر.

فعلى سبيل المثال إذا تلقت لجنة الفتوى بالقاهرة هنا سؤالا أو فتوى عن حكم طلاق المجنون أو غيرها من المسائل الشرعية، تحرر هذه الفتوى وتوضع على البوابة الخاصة بالهيئة وتظهر لكافة لجان الفتوى التابعة للأزهر، ويتم الرجوع إليها في حال تلقى لجنة الفتوى في أي محافظة أخرى نفس السؤال، فبذلك يوحد الرد الخاص باللجنة على نفس المسألة حتى لا يختلف الرد أو الإجابة الصادرة عن المؤسسة في نفس المسألة، وهو ما يعمل على ضبط عملية الفتوى وعدم تشعب الأسئلة، وغلق باب التناقض الذي يحدث في بعض الأحيان».

لجان الفتوى

وأضاف المصدر أن «لجنة الفتوى تشرف على 250 لجنة فتوى على مستوى الجمهورية، وتهدف من خلال نظام الربط الإلكتروني الجديد إلى تسهيل عملية إصدار الفتوى على أعضائها، وفي حال تلقى أي لجنة لسؤال جديد أو مسألة غير مدرجة يتم إرسالها إلى لجنة الفتوى الرئيسية بالقاهرة ويتم الإجابة عليها ورفعها على البوابة الخاصة بذلك لتكون متاحة بعدها لكافة لجان الفتوى على مستوى الجمهورية.

وأهداف اللجنة من هذا النظام هو ضبط عملية الفتوى وتوحيد الجهود والآراء فيما يتعلق بالمسائل الثابتة والثوابت مع فتح باب الاجتهاد لأعضاء لجان الفتوى فيما يتعلق بإدارة حال السائل والذي يختلف من شخص لآخر في نفس المسألة المراد السؤال عنها لكن أمر الربط الإلكتروني يتعلق بالمسائل الثابتة والأسئلة التي تكرر كثيرًا على لجان الفتوى».

وتابع: مقر هيئة كبار العلماء «القديم» بجوار الجامع الأزهر سيكون مكانا لانعقاد اللجنة المصغرة التي ستختارها لجنة الفتوى الرئيسية، والتي ستتولى عملية تحرير ونشر الفتوى على السيستم الخاص بها، لكن فيما يتعلق باستقبال أسئلة المواطنين العادية فذلك سيكون من خلال لجان الفتوى المنتشرة في كافة محافظات الجمهورية ، بجانب لجنة الفتوى بالجامع الأزهر.

لافتا إلى أن اللجنة تسعى حاليا لتجهيز الموقع الخاص بالهيئة الموجود على بوابة الأزهر الشريف، من خلال إعداده من الناحية التقنية وإضافة بعض الخدمات الأخرى يمكن للمواطنين الاستفادة منها بجانب.

تنظيم الفوضى

وحول رؤيته لأسباب «حراك الأزهر» فيما يتعلق بعملية الفتوى والتصدى لها، نفى المصدر أن يكون له علاقة بموقف الأزهر برفض قانون تنظيم دار الإفتاء أو الاعتراض على قانون تنظيم الفتوى قبل ذلك، مؤكدًا أن المشيخة رأت أن هناك ضرورة لتوحيد الفتاوى الصادرة عن مؤسساته المختلفة بما يتناسب مع العصر الذي نعيش فيه الآن، وفي إطار جهود الأزهر لضبط عملية الفتوى، وليس له علاقة بمعاداة أو مجباه أي مؤسسة أخرى.

ومن جانبه كشف أحد أعضاء اللجنة الاستشارية للإفتاء، أن المهمة الرئيسية لها هو وضع آلية توحيد الفتوى للجان الفتوى بمناطق وعظ الأزهر على مستوى الجمهورية والذي يبلغ عددهم 250 لجنة، مشيرا إلى أن اللجنة عقدت أول اجتماعاتها الأسبوع الماضي بمكتب وكيل الأزهر الشريف، بحضور 10 من أعضائها من أصل 12 عضوا، وتم الاتفاق على إصدار «كتيب» لوضع المعالم الرئيسية للإفتاء ليتم توزيعه على لجان الوعظ بالأزهر.

عضو اللجنة – الذي فضل عدم ذكر اسمه- شدد على أن اللجنة ستجرى عددا من الزيارات الميدانية خلال الفترة المقبلة لمقار لجان الفتوى، للوقوف على أحوال العاملين عليها ومراجعة أهم قواعد الإفتاء التي يعتمدون عليها، بجانب الوقوف على السلبيات والمعوقات التي تأتي أمامهم.

موضحًا أنه لن تكون اللجنة ذات طبيعة عامة كما يعتقد البعض، وإنما دورها تنسيق جهود الفتاوى الصادرة عن لجان الفتوى بالأزهر، كما أنه ليس من مهامها تتبع فتاوى الآخرين أو التعقيب عليها.

منع التضارب

وفيما يتعلق بمسألة إغلاق باب الاجتهاد بسبب طبيعة اللجنة وتوحيد الفتاوى، أكد أن هذا الأمر غير صحيح على الإطلاق، لا سيما وأن مسائل الفتوى تدور أغلبها حول مسائل تكاد تكون متكررة، ويريد الأزهر من هذه اللجنة دفع التضارب أو الالتباس الذي قد يحدث في بعض الأحيان، بجانب عدم التناقض الذي قد يحدث من قبل المفتين.

نافيًا أن تكون حالة الحراك التي تشهدها قطاعات الأزهر المختلفة خلال الفترة الأخيرة رد فعل أو تقليد أو سباق مع الآخرين.

نقلًا عن العدد الورقي...،
الجريدة الرسمية