رئيس التحرير
عصام كامل

ضابط عملية القبض على «قاتل السادات» : عبود الزمر كان يمتلك ترسانة أسلحة في شقته .. وقفزنا من «الدور العاشر» للقبض عليه ( حوار )

لحظة القبض على قاتل
لحظة القبض على قاتل السادات

«مقتل السادات.. هروب بعض المتورطين في عملية اغتيال الرئيس.. أوامر صارمة بإنهاء الأمر وإلقاء القبض على القتلة».. تفاصيل لا تزال تحملها ذاكرة اللواء فيليب عبد الملاك، الذي كان واحدًا من القوة الشرطية التي خرجت لإلقاء القبض على عبود الزمر، ونجحت في إنهاء المهمة الصعبة هذه بـ«أقل الخسائر».


رغم أهمية قضية «قتلة السادات» إلا أنها واحدة من حكايات كثيرة يضمها ملف خدمة اللواء «فيليب»، الذي بدأ واجبه نحو الوطن في محافظة الإسماعيلية إبان حرب الاستنزاف، لينتقل بعد هذا إلى محافظة الجيزة، ثم إلى الصعيد، وتحديدًا في محافظة أسيوط.. وعن تفاصيل وذكريات هذه الأيام.. وأبرز القضايا التي واجهها اللواء فيليب عبد الملاك، كان الحوار التالى لـ "فيتو":
 
*بداية.. حدثنا عن ذكرياتك حول لحظات البداية؟


تخرجت في كلية الشرطة في عام 1968 عاما والتحقت بقسم شرطة الإسماعيلية تزامنًا مع مجريات حرب الاستنزاف، ورغم أن البلاد فى هذا الوقت كانت في حالة سيئة بسبب ظروف الحرب إلا أن الابطال كانوا يقفون في الشوارع لحراسة الممتلكات آنذاك ومساعدة الدولة في حصر خسائر الحرب في مدن القناة وقتها.

*كيف كانت البداية في ظل ظروف حرب الاستنزاف؟


اختار القدر لى أن أبدأ مشوارى في أصعب المناطق حربا وشراسة في الإسماعيلية «في الوقت ده كانت الحياة صعبة جدا» وبعدها بعامين انتقلت إلى محافظة الجيزة وتحديدًا قسم العجوزة، وكنت برتبة «ملازم أول» ويشاء القدر أن أعود بعد سنوات إلى القسم ذاته لكن في وظيفة «المأمور».

*ما أغرب قضية عملت عليها في ذلك الوقت؟


كانت قضية سميرة مليان مغربية الجنسية وكان ضمن المتهمين ملحن مشهور في ذلك الوقت، وهناك أيضا قضية محمد عزيز الذي قتل والديه أثناء الصلاة والشروع في قتل شقيقته، والشروع في قتل وزير الداخلية في ذلك الوقت، بعد ذلك انتقلت للعمل في قسم شرطة إمبابة الذي كان يضم وقتها 98 بلدة وحاليا تم تقسيمه إلى 8 مراكز، وفي ذلك الوقت كانت القضايا صعبة وكبيرة جدا ومتعددة ومنها «مخدرات وسلاح ودعارة وخصومات ثأرية».

*كيف قضيت فترة الإرهاب والسلاح والمخدرات في أسيوط ؟


مكثت في أسيوط نحو 3 سنوات من 1975 حتى 1978، وخلال هذه السنوات كانت تجارة السلاح والمخدرات بكثافة في الصعيد، وأذكر أننا كنا نضبط أفدنة من المخدرات، وبعدما نجحنا في ضبط قضية شهيرة تصل إلى 50 فدانا، صدرت لنا أوامر من وزير الداخلية بعمل حملات مكثفة على أسيوط.

 

وبالفعل تم ضم عدد من قوات الأمن من المحافظات المجاورة، وقمنا بعدة حملات مكثفة وتم ضبط نحو 14 ألف قطعة سلاح، وتم تحميلها وقتها في قطار إلى القاهرة، وكان من بين الأسلحة رشاشات وبنادق آلية وغيرها من الأسلحة المتعددة، كما كانت هناك واقعة شهيرة لمقتل ضابط في درنكة.

 

ووقتها كانت منتشرة السرقة بالإكراه وهي «ادفع أو تموت» وأتذكر أنه وقتها تم القبض على شابين هما اللذين كانا يقومان بتلك الأعمال الإجرامية، وعندما تمت مقاومتهما وجدت دفعة كاملة في وجهي ما أدي إلى وقوع الحائط الذي كنت خلفه وبعد حرب ضارية معهم تم القبض عليهم واستقبلنا الأهالي بالزغاريد، بعد ذلك انتقلت إلى مديرية الجيزة كمفتش مباحث في المديرية ووقتها وجدت قضية كانت شهيرة ومعقدة مكثنا فيها نحو 3 أشهر للوصول إلى الجناة، والتي كانت تدور حول مقتل مهندسة زراعية على يد 3 شباب، إضافة لقضية شاب اعتدي وسرق أكثر من 30 سيدة في عام 1980 تقريبا.

*«القبض على عبود الزمر».. قضية العمر حدثنا عنها؟


في 1981 ميلادية كانت رصاصات الغدر قد سكنت في قلب الرئيس الراحل أنور السادات ووقتها كان عدد من المتهمين قد هرب وآخرون تم القبض عليهم في الحادث الشهير والمعروف إعلاميا بـ«حادث المنصة»، في ذلك الوقت عشنا أوقاتا صعبة جدا وأعلنت حالة الطوارئ وطلب منا المكوث في المكاتب وعدم عودة أي شخص إلى منزله، وأتذكر وقتها أننا كنا نسهر وعندما يغلبنا النعاس نفرد الأسرة بالمكتب وننام ونواصل الليل بالنهار في العمل حتى نصل للجناة.

*هل تذكر تفاصيل ليلة القبض على «الزمر»؟


كانت من أصعب الليالي التي مرت علينا، أتذكر وقتها أننا كنا في نحو الساعة الثالثة صباحا وتم إبلاغ الإشارة إلينا بوجود اشتباكات مع مسلحين في عمارة سكنية بشارع الهرم، وألقيت قنبلة على الأفراد وقوات الأمن، وبالفعل تحركنا ناحية موقع الاشتباكات، حتى أنني وقتها كنت أرتدي «شبشب والطبنجة الميري في الجنب والرشاش معي» وعند وصولنا وجدنا اشتباكات بكل الأسلحة من الهاربين وأفراد الأمن وحاولنا محاصرتهم من جميع الجهات حتى لا يهربوا.

 

لدرجة أن القيادة طلبت مني وقتها ومعي أحد الزملاء الصعود إلى الدور العاشر، وصعدنا إلى العمارة المجاورة وعبرنا عن طريق سقالات خشبية ونزلنا في منور العمارة لتضييق الخناق عليهم وكانوا في ذلك الوقت يمتلكون كمية من السلاح والمفرقعات والذخيرة كبيرة جدا، واستمرت الحرب بيننا وبينهم نحو 3 ساعات تقريبا.


أثناء المواجهة ألقى أحد الإرهابيين قنبلة على عميد شرطة كان ضمن الحملة، أصابته وتسببت في مقتل أحد أفراد الأمن واحتراق سيارة شرطة، أثناء ذلك قفزنا إلى العمارة وعند النزول وجدناهم استسلموا، وخرج عبود الزمر وطارق الزمر ومعه 3 متهمين آخرين وكانت فرحة كبيرة بالنصر والقبض عليهم وتسليمهم إلى العدالة، وكمية السلاح والمفرقعات والذخيرة التي وجدت داخل الشقة إذا استخدمت كانت سوف تكون الخسائر كبيرة والضحايا أكبر، ولكن عناية الله أنقذت البلاد والجميع من تلك الكوارث التي كانت من الممكن أن تؤدي إلى مصائب كبيرة وقتها.

 

وأريد أن أشير هنا إلى أننى حصلت على تكريم من الرئيس الراحل محمد حسني مبارك، ومنحت نوط الامتياز بسبب ما قمت به من أعمال في محاربة الجريمة، واختتمت حياتي العملية بالطبع بعد بلوغي سن المعاش.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"

الجريدة الرسمية