رئيس التحرير
عصام كامل

هل انقلب أردوغان على السراج؟

أزاح حراك طرابلس، أو انتفاضة طرابلس غربي ليبيا، الستار الثقيل الأسود عن الصورة الحقيقية الكاملة للصراع المحتدم على السلطة داخل حكومة الوفاق التي يقودها فايز السراج، ومن المفارقات أن يندلع الغضب الشعبي في طرابلس العاصمة صبيحة اليوم الذى كانت فيه حكومة السراج أعلنت عن بدء مفاوضات سلام وتحديد موعد في شهر مارس لإجراء انتخابات رئاسية ونيابية جديدة..

وتم ذلك بمبادرتين من السراج ومن عقيلة، تحت رعاية الولايات المتحدة الامريكية، وباركتها مصر وباريس وموسكو وبرلين وروما وابوظبي. المعلن المقبول من مبادرة السراج يختلف عن المعلن غير المقبول من عقيلة صالح رئيس البرلمان الشرعي المنتخب. صالح تحدث عن تفكيك الميلشيات، واخراج القوات التركية. السراج تحدث عن نزع سلاح سرت والجفرة.
ثلاثة أيام على الطريقة الليبية
الألغام لم تقتل فقط المبادرة المعلنة، بل عرت موقف السراج من الميلشيات والدواعش والاخوان. لكي نفهم المشهد سنقول إن طرابلس باتت مسرحا لثلاث قوى: قوات السراج، وقوات الميلشيات، والحشود الشعبية الغاضبة لتدهور الأحوال المعيشية، والمطالبة بأجور تضاهي ما يتقاضاه الاتراك والمأجورون الأجانب بمئات الدولارات.

قبل أيام، كانت التحليلات تشير إلى تقارب صامت بين الجيش الليبي ووزير داخلية السراج باشاغا الموقوف رهن التحقيق حاليا بتهمة التدبير لانقلاب اخواني. ورغم إن مجموعات طرابلس من غير الاخوان، أحبطت الانقلاب، ورغم إن هناك مراجعة مسحية كاملة للعناصر الاخوانية المسيطرة في حكومة الوفاق، الإ إن الفاعل الأصلى والمحرك الحقيقي شخص يدعى خالد المشرى. المستشار الاعلى للمجلس الرئاسي بقيادة فايز السراج. هو في مكانة رئيس مصلحة تشخيص النظام الايراني. هو صاحب الكلمة العليا فيما يصدر عن السراج والمجلس الرئاسي من قرارات. هو مؤسس اتفاقيات الاحتلال التركي لليبيا وترسيم الحدود البحرية. هو من حرك الاخوان ضد السراج!

هو إذن رجل تركيا.. فهل تحرك المشرى لمساندة باشاغا.. بضوء اخضر من تركيا؟ بعبارة أخرى: هل انقلبت تركيا علي السراج ولاتريده؟ وهل ما لم يعلنه السراج وعلمت به تركيا من موافقته، كما اسلفنا عاليا، على وقف التدخل الاجنبي وسحب القوات التركية، وتفكيك الميلشيات.. من الأسباب المؤثرة في الانقلاب الاخواني التركي على السراج؟
وقف النار في ليبيا : مبادرة أم مناورة ؟
من ظهر السراج الآن؟ من يسانده، ويحميه؟ هل تتدخل الإدارة الأمريكية لمساندة الرجل الذي يمثل الطرف المعترف به دوليا في مبادرة إحلال السلام بليبيا؟ ثم تتوالى عشرات الأسئلة، لكن يبقى أبرزها: هل يصب هذا كله في صالح الجيش الوطنى الليبي؟ وهل قرأ الجيش الوطنى الليبي مناوأة باشاغا للسراج قراءة وطنية صحيحة، وإستغلها رغم علم الجيش بالطبع أن وزير الداخلي المعتقل هو كادر اخواني؟


مصراتة الاخوانية أعلنت التحرك.. وكل الدمى الليبية موصولة بأصابع أردوغان.. فهل يصمد السراج؟ أم يفاجئ الجميع.. بالتفاوض الفورى مع الشرق الليبي، ويعترف بالجيش الوطنى الليبي؟
الكادر مفتوح ... والالغام تحت السطح .

الجريدة الرسمية