رئيس التحرير
عصام كامل

ما فضل العشر الأوائل من ذي الحجة؟

الصلاة فى المسجد
الصلاة فى المسجد الحرام

ما هى الليالى العشر التى أقسم الله بها فى قوله تعالى {وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ} التى جاءت في أول سورة الفجر، ولماذا أقسم الله بها؟ 

وردت إجابة هذا السؤال في الجزء الرابع -العبادات- من موسوعة "أحسن الكلام في الفتاوى والأحكام" لفضيلة الشيخ عطية صقر الرئيس الأسبق للجنة الفتوى بالأزهر الشريف، فيقول:

الليالى العشر التى أقسم الله بها فى أول سورة الفجر، قيل إنها العشر الأولى من شهر الله المحرم ونسب هذا إلى ابن عباس، وقيل: إنها عشر ذى الحجة، ونسب هذا إلى مجاهد والسدى والكلبى، بل نسب إلى الرسول من رواية أبى الزبير عن جابر، وإن لم تثبت هذه الرواية، وهذا القول رجحه الكثيرون، وبخاصة أن الليالى العشر ذكرت مع الفجر، وكثيرون من المفسرين قالوا: إنه فجر يوم النحر. وهى كما قالوا: ليالى أيام عشر .

ويؤكد هذا القول أحاديث وردت فى فضلها، فقد روى البخارى وغيره عن ابن عباس رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام" يعنى أيام العشر، قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد فى سبيل الله؟ قال "ولا الجهاد فى سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك شئ" .

هذا أصح ما ورد فى فضل هذه الأيام . ولكن ما هو العمل الصالح ، هل هو نوع معين من العمل، أو هو كل قربة يتقرب بها إلى الله ؟


جاء فى بعض الأحاديث النص على بعض القرب، ففى رواية الطبرانى بإسناد جيد "ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إلى العمل فيهن من أيام العشر، فأكثروا فيهن من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير".. فالعمل هو الذكر لكن جاء فى حديث غريب -أى رواه راو واحد فقط - للترمذى قوله: "يعدل صيام كل يوم بصيام سنة، وقيام كل ليلة منها بقيام ليلة القدر"، فالعمل هو الصيام والقيام، وجاء فى فضل هذه الأيام أيضا بوجه عام كلام رواه البيهقى بإسناد لا بأس به عن أنس ابن مالك قال: "كان يقال فى أيام العشر: بكل يوم ألف يوم، ويوم عرفة بعشرة آلاف يوم" .

إن النص على عمل فى هذه الأيام لا يلغى عملا آخر، لهذا أرى أن أى عمل صالح له ثوابه المضاعف، وبخاصة ما نص عليه فى بعض الروايات، من الذكر والصيام والقيام، وكان سعيد بن جبير يجتهد فيها اجتهادا شديدا حتى ما كان يقدر عليه.

ولعل الفضل سببه أن هذه الأيام هى التى يكثف فيها الذهاب إلى المسجد الحرام لأداء فريضة الحج والعمرة، ويعيش الناس فيها فى ظلال الروحانية والشوق إلى الأماكن المقدسة، سواء منهم من سافر ليحج ومن لم يسافر، والعمل الصالح إذا وقع فى ظل هذه الروحانية كان أرجى للقبول ومضاعفة الثواب..

وبخاصة أن هذه الأيام فيها يوم عرفة الذى جاء فيه حديث رواه ابن خزيمة وابن حبان: "ما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة" وفيها العيد والحج الأكبر، وهى أيام يتوفر فيها الأمن فى البلاد الإسلامية لتهيئة الجو للمسافرين للحج ولمن خلفوهم وراءهم وذلك بالانشغال بالعبادة والذكر .


ويقول ابن جحر فى فتح البارى ج 2 ص 234: والذى يظهر أن السبب فى امتياز عشر ذى الحجة، لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه وهى الصلاة والصيام والصدقة والحج ولا يتأتى ذلك فى غيره، وعلى هذا هل يختص الفضل بالحاج أو يعم المقيم؟ فيه احتمال. انتهى.


الجريدة الرسمية