رئيس التحرير
عصام كامل

النخيل.. حكايات من شاطئ الموت.. ابتلع أرواح الكثير من المصطافين.. والمحافظة تحمل الزوار المسئولية.. والفراغات والكهوف السبب

شاطئ النخيل
شاطئ النخيل

شاطئ النخيل أو شاطئ الموت كما أطلق عليه بعض زائري مدينة الإسكندرية، نظرًا لكثرة حالات الغرق فيه، وكان آخرها غرق 11 شخصًا وسيدة خلال الأيام الماضية، نزلوا فجر أحد ليالي الجمعة هربًا من الحظر على الشواطئ لتبتلعهم مياه البحر.

 

وما بين رواية محافظة الإسكندرية التي أرجعت حالات الغرق تلك الليلة إلى عدم امتثال المواطنين للقرارات بغلق الشاطئ بسبب جائحة كورونا أو غلق الشاطئ بسبب خطورته، ونزولهم لإنقاذ أحد الأطفال، وبين روايات عدد من شهود العيان الذين أكدوا أن حالات الغرق جاءت في أماكن متفرقة الأولى بالقرب من الحاجز الخامس، وغرق فيها 4 من أسرة واحدة بينهم شقيقان والثانية بالقرب من الحاجز السابع وغرقت فيها سيدتان تم إنقاذ أحدهما في حين لم تنج الأخرى.

 

ورغم ذلك تظل حواجز الأمواج السبعة الموجودة على مسافة أكثر من 500 متر، هي المتهم الرئيسي في تلك المأساة التي تكررت هذا العام، وسط عدم وضوح الرؤية أو رأي متخصص يؤكد أن الحواجز هي السبب الرئيسي في حالات الغرق، والحديث عن وجود كهوف وفراغات بين صخور الحاجز الواحد تعلق فيه جثة الغريق، ولا يستطيع أحد إخراجها إلى أن تطفو بمفردها أو تظل عالقة فيه إلى الأبد.


"فيتو" زارت شاطئ النخيل لتتحقق على أرض الواقع، وتعرف سر حوادث الغرق المتكررة، والروايات حول حواجز الأمواج أو حواجز الموت كما يطلق عليها، كما حصلت على مستندات تنشر للمرة الأولى عن الحواجز. 

 

الفراغات والكهوف 


إيهاب الماحي، أحد الغطاسين الذين شاركوا في البحث عن جثث عدد من ضحايا شاطئ النخيل، استطاع التصوير تحت المياه ومعه متخصصون في هذا النوع من التصوير، وأظهرت الصور الفراغات والكهوف بين الحاجز الواحد وهي السبب الرئيسي في حالات الغرق والدوامات التي تحدث وتتسبب في غرق زائري الشاطئ خاصة الذين لا يعرفون طبيعة المنطقة.

 

وأضاف الماحي، أن خلف الحواجز هناك هوة كبيرة، تختلف عن أمامها فأمام الحواجز ترسبات رملية تستطيع السير فيها حتى تصل للحواجز وهي ما تغري الزائرين للوصول لتلك الحواجز، كما أن الفراغات بين الحواجز وبعضها بها دوامات كبيرة من يدخل فيها يتعرض للغرق ولا يستطيع النجاة أبدا منها، لافتا إلى أنه أخرج جثثا من قبل علقت بين تلك الحواجز وأخري غرقت بفعل الدوامات.


من جانبه قال المهندس محمد المنصوري، الخبير البحري، عضو مجلس إدارة اتحاد الغوص والإنقاذ: إن الصور التي يتم تداولها على أنها لكهوف وفراغات في شاطئ النخيل مشكوك فيها لعدة أسباب، أن المياه في تلك المنطقة ضحلة للغاية بسبب ترسبات الصرف الصحي وترسبات الرمال بتلك المنطقة.

 

كما أن المنطقة خلف الحواجز لا يستطيع أحد أن يغطس فيها بسبب شدة التيار ووجود هوة كبيرة خلف الحواجز.

 

الحواجز والمصدات 

 

وأضاف المنصوري، أنه يعتقد أن تلك الصور التقطت في شرم الشيخ أو الغردقة نظرًا لصفاء المياه في تلك الصور ووضوح الصور، مشيرًا إلى أن منطقة شاطئ النخيل هي منطقة بحر مفتوح.

 

وقبل وضع الحواجز كان الغرقى بالعشرات، وقلت بعد وضع الحواجز ووجود إنقاذ على الشاطئ، وعادت نغمة الغرقى مع فتح المدينة وإزالة البوابات وفتح الشاطئ على مصراعيه وعدم وجود أي خدمات على الشاطئ هذا العام باعتبار أنه مغلق، لافتًا إلى أن العام الماضي عندما كان الشاطئ به إنقاذ وخدمات كان عدد الغرقى 4 فقط بينهم حالة انتحار وثلاث في أوقات الصباح الباكر مثلما حدث في الـ12 غريقًا خلال الأسبوع الماضي، فسلوكيات من يرتادون هذا الشاطئ هي سلوكيات غريبة ولا تلتزم بأي شيء.


وأوضح المهندس حازم فاروق، رئيس مجلس إدارة الجمعية، أن الحواجز أنشئت أساسًا بناء على طلب هيئة حماية الشواطئ بعد بناء مدينة 6 أكتوبر، بسبب وجود حالات غرق كثيرة ،لأن البحر في تلك المنطقة مفتوح وبه دوامات كثيرة.

 

ففي عام 1994 تم الاتفاق مع شركة المقاولون العرب لعمل 7 حواجز بتلك المنطقة، بعد دراسات هيئة حماية الشواطئ وإسناد الأمر لاستشاري كبير بكلية الهندسة جامعة الإسكندرية، وبعد موافقة وتصديق هيئة عمليات القوات المسلحة وبإشراف حماية الشواطئ تم الاتفاق على عمل 7 حواجز بطول 90 مترًا وعرض 8 أمتار وبفاصل 70 مترًا.

 

وأضاف فاروق: في عام 2005 تم الانتهاء من الحواجز وتسلمتها الجمعية، وكانت حالات الغرق قليلة للغاية خاصة مع تواجد خدمات الإنقاذ بالشاطئ، والتزام رواد القرية بالتعليمات المحددة بالشاطئ، وهم من مالكي الوحدات السكنية بالمدينة، ومنذ عام 2011 ثم إزالة البوابات التي كانت تحكم الدخول والخروج وتوافدت رحلات اليوم الواحد من الأقاليم ومن المناطق الشعبية وساءت الأمور لعدم التزامهم بأي تعليمات أو التحكم في عملية الدخول للشاطئ لعدم وجود بوابات أو أسوار.

 

 

غلق الشاطئ

 

وأكد رئيس الجمعية، أن الشاطئ مغلق من قبل جائحة كورونا وهو في حوزة محافظة الإسكندرية هي التي تشرف عليه بعد سحبه من الجمعية في 10 مارس من هذا العام، ورغم أن المكتب التنفيذي للمحافظة قرر إعادة تخصيص الشاطئ مرة أخرى، إلى أنه لم يتم تسليم الشاطئ للجمعية بسبب غلقه طبقا لقرار رئيس الوزراء بسبب كورونا.

 

ويرى رئيس الجمعية، أن الحلول الأخرى للشاطئ هي تكريك حول حواجز الأمواج طبقًا لتقرير هيئة حماية الشواطئ، مع القضاء على منابع التلوث القادمة من ترعة النوبارية القريبة من الشاطئ، وهي ترعة يلقي فيها مياه الصرف الصحي وتسببت في ترسبات شديدة وضحالة المياه، وذلك طبقًا لدراسة الأثر البيئي للدكتور حسام مغازي وزير الري السابق، مع إعادة المناطق الآمنة التي كانت موجودة على الشاطئ والرقابة الشديدة لسلوكيات المواطنين رغم صعوبتها.

 

الحلول

 

وأوضح أن الحلول يجب أن تأتي بالتزامن مع عودة بوابات المدينة للقضاء على مظاهر الفوضى والبلطجة ومنع دخول رحلات اليوم الواحد، وإنشاء سور بطول البحر لمنع تسلل أي فرد في غير أوقات العمل الرسمية، ونحن نتعاون مع محافظة الإسكندرية في أي شيء حفاظا على أرواح المواطنين خاصة قاطني القرية الذين تضرروا مما يحدث، لأن المدينة أنشأت من أموالهم وكل بنيتها التحتية والخدمات والطرق والمرافق والحواجز والشاطئ من أموالهم.


وأكد محافظ الإسكندرية اللواء محمد الشريف أنه أمر بإنشاء سور حول شاطئ النخيل لمنع دخول أي فرد خاصة مع غلق الشاطئ تطبيقًا لقرار رئيس الوزراء، وأن جمعية 6 أكتوبر التي ستتولي إدارة الشاطئ بعد إعادة تخصيصه لها رحبت بأن تنشئ هذا السور على حسابها.

 

كما أنها ستتولى عملية تكريك الشاطئ طبقًا لتقرير هيئة حماية الشواطئ، مع التأكيد على وجود شركة إنقاذ لسرعة التدخل في حال وجود غرقى لإنقاذهم، وأضاف المحافظ: إن سلوكيات المواطن هي السبب الرئيسي في حالات الغرق فما الداعي للنزول لشاطئ مغلق ومعروف أنه خطر، خاصة في الساعات الأولى من الفجر وهو ما حدث في الغرقي الـ11 الذين غرقوا مؤخرًا ونلاحظ أن كافة حالات الغرق من خارج المدينة.

 

وعلى المواطنين الالتزام بالتعليمات التي تصدر من المحافظة أو من الحكومة بشكل عام لحرصهم على حياة المواطن، لافتًا إلى أن أمر الغرقى تحقق فيه النيابة مع كل الأطراف لإيضاح الحقيقة بكل شفافية وإعلانها للرأي العام.

الجريدة الرسمية