رئيس التحرير
عصام كامل

دراما الهدم الرمضانية

في موسم واجه فيه صناع الأعمال الدرامية أزمات وصعوبات في التصوير بسبب انتشار فيروس كورونا أنتجوا ٢٣مسلسلا، حيث تتنوع الأعمال الفنية المعروضة بين الكوميدي والأكشن والدراما..

 

ازدحم محتواها بالخيانة؛ وزنا المحارم؛ وغياب أسري وأشقاء بلا رحمة وعنف مبالغ فيه، وثقل دم لا مثيل له في برامج المقالب بدرجة تثير الشفقة علي منتجيها وصناعها وإعلانات ينقصها الحرفية والذوق والمهنية، وربما تأتي بنتائج عكسية لرسالتها، وهو ما يعطي صورة سلبية عن البلد وأهله وصناعة الإعلام بشكل عام في الوقت الذي تحتاج الدولة من يسوق خططها وطموحها وذلك عكس ما يحدث في كل دول العالم..

 

هناك 80  عملاً عربياً رسمت تشتت الشارع العربي، ومنها المهرول إلى التطبيع وتزوير التاريخ وتشويه الحقائق، والتبرير ببساطة إن هذا يندرج اجتماعياً تحت حرية الفكر والرأي، وهنا المصيبة في فن غير مسؤول أضاع الهويّة!

 

ورغم الكورونا أنتج 23 عملاً مصرياً، و 15 عملاً سورياً، وأكثر من 33 عملاً خليجياً، و 9 لبنانياً، يعني أن الدراما العربية لرمضان 2020 بغالبيتها تعيش الارتباك في تنفيذ الأعمال، وزاحفة إلى افتعال العرض والأداء والتنفيذ، وبالطبع يصبح التمثيل مجرد افتعالات..

 

اقرأ أيضا: التجربة الفلبينية لرعاية المصريين بالخارج

 

وهذا سببه واقع الكورونا وسباق العرض، ويضاف إلى أن الدراما هذا العام تعاني من النصوص والحبكة وكأنهم يخترعون اختراعات فضائية! وهناك «مسلسل أم هارون» و«مخرج 7» ، من إنتاج خليجي والمضمون الموجود في هذين المسلسلين تم تناوله في أعمال سابقة، والغرض منهما ليس عرض التاريخ من أجل التاريخ إنما عرضه مغلوطا من أجل الترويج للتطبيع مع إسرائيل..

 

ورغم أن «الدراما» جزء من حياة الناس في أي مجتمع، ومرآة تعكس ثقافة المجتمع، إلا أن الدراما التركية مثلا تسير على العكس تماماً من هذا المبدأ، فهي تبني صورة نمطية مزيفة عن واقع المجتمع والحياة في تركيا، لخدمة أهداف سياسية واقتصادية..

 

ومن المعروف أن نظام أردوغان يمول ويشرف على الإنتاج الدرامي لدرجة أن أردوغان يحضر بنفسه للاستديوهات خلال التصوير لدعم سلاح تركيا الجديد لتزييف الحقائق والتاريخ وتحقير الدور العربى والمصرى ورفع شأن فكرة الخلافة التركية كما في مسلسل السلطان عبد الحميد..

 

اقرأ أيضا: السيئة تعم للعالقين قسرا

 

وفي نفس الوقت تقدم الدراما التركية صورة مبهرة ومتحضرة للدولة التركية عكس ما يحدث عندنا، وبالمثل فعلت أمريكا فبعدما أدهش الاتحاد السوفيتي العالمَ بوضع أول قمر صناعي في العالم عام 1957 باسم «سبوتنيك»، ثم تلا ذلك إرسال أول رجل إلى الفضاء: «يوري جاجارين» عام 1961، بدأت أمريكا في حشد كل ما تستطيع من قوى للحاق بالخصم المتقدم في هذا المجال..

 

وبات تخطي تلك الإنجازات يمثّل أولويّة قصوى؛ وقد وضعت الولايات المتّحدة هدفًا من أجل ذلك، تمثّل في تحدّي الوصول إلى القمر، ومن ثم بدأت حرب البروبجاندا بين الطرفين في إبراز التقدم في مجال ارتياد الفضاء.

 

وهنا بدأت هوليود في اتخاذ موقعها المعتاد في دعم الأهداف والمصالح الأمريكية، وبدأت في إنتاج العديد من أفلام الخيال العلمي، وارتياد الفضاء والكواكب، وقد تربعت على قمة تلك القائمة من الأفلام فيلم  2001space odyssey عام 1968، الذي تناول أفكار مستقبلية طموحة، من أهمها ارتياد القمر الذي كان وقتها يمثل تحدياً كبيراً، والذي لم يلبث أن تحقق بعد صدور الفيلم المبهر القريب من الواقع بعام واحد فقط بهبوط الأمريكيين على القمر عام 1969.

 

اقرأ أيضا: دواء متلازمة الكورونا

 

هذا مجرد مثال لآلاف الحكايات عن تدخل هوليوود لمؤازرة الحلم الأمريكي بآلاف الأفلام التي تمجد الحلم الأمريكي والإنسان الأخير ويمكن القول إن ما قدمه الفن المصري عبر تاريخه، حظى بهذا التأثير الواسع لعدة أسباب مختلفة، من ضمنها امتلاكه القدرة على تقديم التسلية للمشاهدين بشكل جذاب أو للمستمعين في حالة الطرب.

 

بالإضافة إلى امتلاك مصر الدائم لنخبة متنوعة من المواهب الفنية الفريدة من نوعها، والتي حققت شهرة واسعة النطاق جعلت اسم مصر مرتبطًا بشكل دائم بأسماء هذه المواهب الفذة.

 

وترتب على ذلك، أن أصبحت مصر تمتلك تأثير ثقافي ولغوي في وجدان كل العرب، فقد تعدى أمر إعجابهم واهتمامهم بالفن إلى حد أن اصطبغت حيواتهم إلى حد كبير بالطريقة المصرية بوجه عام. وأصبحت أشياء تأتي من صميم أصناف الطعام المصري والمصطلحات الشعبية المصرية والنكات وغيرها..

 

جزءً لا يتجزأ من حديث أي عربي مع المصري بمجرد وقوع أي لقاء بينهما داخل مصر أو في أي بقعة من بقاع الأرض، كما أن ذلك التأثير تسبب أيضًا في نشر اللغة العامية المصرية على نطاق واسع، وأصبح المواطن العربي من أي جنسية مُغرمًا بالعامية المصرية ويفهمها بوضوح في الوقت الذي من الصعب أن تعثر فيه على مواطن مصري يفهم سائر اللهجات العربية لو حاولنا أن نُجرب العكس.

الجريدة الرسمية