رئيس التحرير
عصام كامل

رسالة إلى الإبراشي.. الإسلام والمسيحية لا يعرفان الإرهاب!

وائل الإبراشي مع حفظ الألقاب أخ وزميل عزيز ومحترم.. كاتب هذه السطور يكنّ له منذ عرفه كل محبة وتقدير واحترام.. ووطنيته كخلقه ليسا محل تقييم بل نشهد له على معارك كثيرة خاضها عبر أكثر من عصر ضد الإرهاب وضد الفساد على السواء..

 

 

وعندما أسندت إليه مهمة قيادة برنامج التلفزيون المصري تمنينا له التوفيق.. لكن لا يمنع ذلك وربما لا يعترض هو أن نتحفظ على بعض مما يقدم في برنامجه خصوصا فقرته الأسبوعية عما يسمي "رحيق الكتب"، حيث وبكل صراحة لا رحيق ولا كتب.. حتى إن ما ارتكب في الحلقة الأخيرة وحدها يكفي أن يتسبب في عدة كوارث مجتمعة..

 

اقرأ ايضا: انفعال الرئيس وتفاهة "الجماعة"!

 

حتى إننا قلنا أن نرد على قصة انتشار الأخوان في العالم بعد أن طردهم عبد الناصر من مصر!! إلا أن هذا الكلام العبيط الذي تنسفه معلومة واحدة وهي أن أشهر كتاب في العالم عن الإخوان "مسجد في ميونخ" يتحدث عن تشكيلات للإخوان في ألمانيا في الثلاثينيات! أي قبل صدام الجماعة مع ثورة يوليو بربع قرن!!!

 

 

ورغم ذلك يبدو الأمر هينا أمام غيره مما قيل.. حتى قررنا الرد على الزعم أن الإسلام لا يعرف الأزهر ودار الإفتاء!! وهذا صحيح نظريا.. لكن الإسلام الذي يدعو لحفظ الأنفس وصيانة حقوق البلاد والعباد لا يتحقق له ذلك في العصر الحديث إلا بقيام المؤسسات المختلفة كل في مجاله..

 

اقرأ ايضا: الإعلام الوطني.. ممنوع الاختراق!

 

فتستبدل إدارة أمور البلاد من المسجد لتذهب إلى رئاسة الجمهورية ومقر الحكومة، ويستبدل أهل الحل والعقد بمجالس النواب، ويستبدل بيت المال بوزارة المالية وهكذا، وحتى يكون للناس مؤسسة تنظر لهم أمور دينهم وتقدم لهم الرأي الموحد في البلد الواحد.. ومع هذا الكلام الساذج المقدم بشكل غير ساذج في أمر خطير وجدناه أهون مما قيل عما أسماه الضيف فتاوى الأوبئة!!

 

 

وهو يقصد فقها كاملا اسمه "فقه النوازل" وهو الفقه الذي يبحث في أي "نازلة" "تنزل"على المسلمين أو تحدث لهم وليس فيها رأي شرعي موجود، ومع ذلك الكلام غير الدقيق في موضوعات مهمة وجدنا ذلك أهون من تلميحات بعنف في الديانة المسيحية واتهام بالإرهاب للديانة الإسلامية..

 

اقرأ ايضا: حكاية "المسئولية السياسية"!

 

المسيحية التي أشهر وصاياها "الله محبة" وأشهر حواراتها "أعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله" وأشهر صورها في التسامح "من صفعك علي خدك الأيمن فاعط له الأيسر" لا تعرف ما تم التلميح له..

 

 

أما الإسلام الذي قال عنه الضيف إن إحدى آياته تقول "وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ" ولذلك يقترح ضيف الزميل العزيز ألّا نصف الإرهابيين بالإرهاب لأن هذا اللفظ موجود في القرآن!!! والأفضل من وجهة نظره وصفهم بـ"المجرمين"!!

 

 

لأن وصفهم بالإرهاب يؤكد لهؤلاء أنهم يقومون بشيء موجود في القرآن وهذا مدح لهم! وهذا بالطبع تفكيك واقتطاع واجتزاء لفكرة فهم الموضوع الواحد في القرآن بشكل متكامل.. والشكل المتكامل يستلزم قراءة كل آيات القتال في القرآن مجتمعه..

 

اقرأ ايضا: جرائم يوسف زيدان المباشرة! ( 2 )

وفيها "وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ" وفيها "وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا" وفيها لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ"، وفيها "إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُم"، وفيها في أخلاقيات الحرب “وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْلَمُونَ" أي أثناء الحرب لو أحد الأعداء طلب منك أن تحميه فاحمِه!! حتى في النهاية وهو في أمانك أن تقوم بإخراجه من مكان المعركة أخرجه! لماذا؟ لأنه لم يعرف حقيقة دينك وجاء لقتالك لما عرفه عنك بالخطأ!!

 

والسؤال: هل هذا دين يدعو للإرهاب؟ أم أن إعداد القوة هنا لما نسميه اليوم بـ"الردع"؟ والردع هو امتلاك قوة تمنع غيرك من استخدام قوة مماثلة أخري يمتلكها.. لماذا؟ لخوفه من استخدامها لامتلاكك مثلها وسيكون الدمار على الجميع!!

 

الخوف هو الرهبة هو ترهبون عدو الله أولا وعدوكم ثانيا، والله لا يقبل الحروب الظالمة ولا الظلم عموما!! وكان الأفضل ـزميلنا العزيزـ توضيح الصورة على أصلها وإبراز وإثبات مدي بعد هؤلاء المجرمين من الإسلام.. وليس فقط تغيير اللفظ من "إرهابيين" إلى "مجرمين" إذ بقي هكذا الاتهام كما هو!

كل ما قلناه أعلاه يا أستاذ وائل تعرفه وتعلمه.. لماذا إذن لم ترد على ضيفك؟ كيف يترك الأمر هكذا؟ ماذا نقول في وعن معركة الوعي؟! لا نعرف!

 

الجريدة الرسمية