رئيس التحرير
عصام كامل

دكتورة أماني عبد المنعم تكتب من نيويورك: عندما يتحدث العلم على الجميع الإنصات

دكتورة أمانى عبدالمنعم
دكتورة أمانى عبدالمنعم

82  يوماً منذ تسجيل أول إصابة بفيروس كورونا فى الولايات المتحدة الأمريكية ،  ٤١ يوما مضت على نيويورك منذ وصول الجائحة لها  و٢٠ يوما منذ إغلاق البلاد عاشتها الولايات المتحدة أياما ثقالا كالدهر في مواجهة أزمة أشد حدة وتوتراً واكثر ضحايا من أحداث سبتمبر الإرهابية .

وأصبح العالم كله يتابع أعداد الإصابات غير المسبوقة، والتي احتلت فيها الولايات المتحدة رقما قياسيا وخاصة المسجلة بنيويورك، مقارنة بأعداد الإصابات فى أي بلد حول العالم  ولكن لم تلتفت الأنظار إلى خلية النحل في أمريكا عامة وولاية نيويورك خاصة، والعمل المضني الذي تقوم به الدولة العظمى للمحافظة على توازنها والتصدي لفيروس شرس ومستجد والذي حصد الآلاف من الأرواح في العالم .

وتصدر المشهد التأكيد على الالتزام بلائحة الإرشادات الوقائية، وحصر العدوى والعمل على خفض منحنى متابعة الفيروس المعبر عن عدد الإصابات والذي شهد مؤخرا خلال الـ  ٤-٥ أيام الماضية، ثباتا في الأعداد وهذه المرحلة هي السابقة لمرحلة أخرى متوقعة قد تستغرق ٣-٤ أسابيع، سيحدث فيها انخفاض ملحوظ في تسجيل الإصابات حتى الوصول الى قاع المنحنى وهو خبر مبشر،  ويرجع إلى نجاح إتباع الإجراءات التى اتخذتها الدولة والتزم بها المواطنون التزاماً مشهوداً.

استمرار التواصل اليومى بشكل مباشر بين الدولة الرسمية والمواطنين متمثلا في الرئيس دونالد ترامب ونائبه ووزير الدفاع ووزير العدل ونخبة من المتخصصين من رؤساء كبرى المؤسسات الطبية في الأمراض المعدية، وهم الدكتور أنتوني فاوتشي، والدكتور ديبورا بيركس، فريق الأزمة الذي تابعهم الشعب الأمريكي يومياً، باحثا عن كل جديد ويخضع تماماً لتوجيهاتهم في موقف يؤكد على أنه عندما يتحدث العلم والأرقام فعلى الجميع الإنصات والتنفيذ.

وأيضاً على المستوى المحلي لولاية نيويورك يتحدث حاكم الولاية السيد. اندرو كومو، بصورة يومية للتواصل مع مواطني الولاية لإطلاعهم على جميع الحقائق والمعطيات وتقديم المساعدة على جميع الأصعدة. 

تحدث كومو عن التنبؤ الإلكتروني المقدم من جامعة كولومبيا، ومركز جاتس، ومركز ماكينزي والذي قدم تصورا للأعداد من بداية اندلاع الأزمة، وصرح كومو أنهم يسيرون طبقاً للنموذج البياني المتوسط المقدم من مركز ماكينزي، وهو النموذج الأقرب لنيويورك والذي بناء عليه طالب الحاكم مساعدات من الحكومة الفدرالية، واستطاعت نيويورك من الحصول عليها ووصلت الآن إلى ١.٣ بليون دولار، وكان المطلوب ٦ بلايين دولار، وطالب كومو الإسراع بالحصول على باقي المساعدات والتي ستتجه معظمها للقطاع الطبي الذي يعد خط الدفاع الأول في هذه الأزمة.

وأكد كومو، أن التوعية ونشر درجة الاستعداد هو المنقذ الوحيد الآن والمنقذ إذا ما واجهنا هذا الخطر مجدداً، إذ حذر دكتور فاوتشي من موجة أخرى متوقعة إذا ما رُفِعَت إجراءات الوقاية بمجرد انخفاض الأعداد، و هذا خطر كبير يواجه الآن دول شرق آسيا التي أظهرت بالفعل موجة أخرى من الفيروس نتيجة تخليها سريعاً عن إجراءات الوقاية، وكذلك حذر فواتشي من عدم الاستعداد لمواجهة الفيروس إذا ما ظهر مجدداً بصورة موسمية فكانت التوصيات باستكمال الإجراءات بحزم حتى الوصول إلى اللقاح المرتقب خلال عام.

واتخذ دكتور فاوتشي مثالاً للانفلونزا الإسبانية، والتي حصدت أرواح  لايين البشر وإصابة الناس في ثلاث موجات.

 وقامت إدارة ولاية نيويورك بالتعاون مع المؤسسات الخيرية والتنسيق بينها لإيصال أي مساعدات إضافية ووصولها لمستحقيها ضماناً للعدالة، كما أضاف أنهم يأخذون بكل الوسائل للحفاظ على الصحة النفسية ومواجهة الاكتئاب ومواجهة العنف المنزلي وهو الجزء النفسي والاجتماعي المصاحب لأزمة كورونا.

وطالب حاكم نيويورك بتوجيه البحث العلمي والنظر في أسباب زيادة الإصابة بين المواطنين من أصول أفريقية وأصول لاتينية، وتخصيص اختبارات أكثر عدداً لهذه الفئات وكذلك تبنت عدة جامعات مع وزارة الصحة الأمريكية بحث هذه الظاهرة والتحقيق في طبيعة أشغالهم وأسلوب حياتهم وظروفهم الاجتماعية، وإذا كانوا يعانون من أمراض صحية سابقة.

وفي محاولات مضنية لاستعادة الحياة العملية في الولايات المتحدة وبهدف الحفاظ على الاقتصاد الذي تضرر كثيرا الفترة السابقة، تم الإعلان عن إصدار اختبار جديد يكشف عن الأجسام المضادة والتي توضح إذا كان الشخص تعرض إلى الإصابة بفيروس كوفيد 19 من عدمه، و كذلك وجهت الدعوات العامة للتبرع بالدم من الأشخاص المصابين وذلك للحصول على بلازما الدم الخاصة بهم والتي سيحتاجها العلماء والباحثون في استخراج الأمصال المتوقعة.

دكتورة أماني عبد المنعم تكتب رسالة تحذير للمصريين من قلب عاصفة كورونا في أمريكا  

ومجددا يتضح لنا إلى الآن أن الالتزام بجميع الإجراءات الوقائية هو الأهم على الإطلاق ويأتي في مقدمتها التباعد الاجتماعي، وهو السبيل الآمن لمواجهة هذا الفيروس القاتل وحصره وإنهاء دورة حياته والقضاء على انتشار العدوى وذلك حفاظاً على الأرواح وتخفيف العبء على القطاعات الطبية.

حفظ الله الجميع ورفع عنا البلاء والوباء. د. أماني عبد المنعم استشاري العلاج الطبيعي والتأهيل بولاية نيويورك  

الجريدة الرسمية