رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

كورونا الأعمي

الحقيقة أن ردود أفعال المصريين علي صفحات التواصل الاجتماعي تجاه انتشار فيروس كورونا  في أكثر من دولة بالعالم كانت وما زالت ساخرة، وهو أسلوب ليس بجديد علينا  كشعب مرح  بطبيعته، اعتاد علي السخرية من أزماته ومشاكله، فالضحكة تخفف الواقع المرير كثيرا، لكنه زاد عن حده نوعًا ما هذه المرة..

 

لأنه اتخذ صورة  التشاحن والتراشق والتحدي لإثبات وجهات النظر، وتناسي الجميع أن هذه المرة ليست ثورة وليست آراء سياسية.. بل تخطت حدود هذا بكثير إلي وباء بلا عيون لا يري من يصيب، وإذا استمر في الانتشار علي هذا النحو لن يكون بالعالم مكان آمن نحتمي  فيه..

 

هذا الصباح قلت لسيدة بفرنسا ها هي تمطر.. أخيرا سيموت الفيروس، فقالت: لكنها لا تمطر في البلاد الأخري وستأتينا العدوي منها... فرنسا علي خطى إيطاليا في معدل انتشار الفيروس، فالعالم حلقات متصلة لا يمكن فصلها..

 

اقرأ أيضا: الانتخابات الفرنسية بعيون «فرنسية مصرية»

 

نشرت بعض المواقع الفرنسية خبرًا عابرًا مفاده أن حالتين قادمتين من مصر مصابتين بالكورونا، ووصلوا في آخر تحديث إلي 11 حالة كتقرير للواقع وليس للإساءة الي مصر، بل إن فرنسا مشغولة كلية باتخاذ قرارات تساعدها علي الحد من انتشار الفيروس كإغلاق المدارس في مدينة لواز، باعتبارها المدينة الأكثر إصابة بالفيروس، وإلغاء فاعليات وكرنفالات وأي  تجمعات تزيد على 5000 شخص..

 

وعلي ما يبدو أن الفيروس لم يلاحظ هذه القرارات فتضاعف عدد المصابين به في 24 ساعة من 73 حالة إلي 130حالة وصولا إلي 173 حالة في آخر تحديث بمعدل 50 حالة يوميا.. وهو المصير الذي ينتظر أي دولة ستصاب به مستقبلا..

 

وكالعادة انقسمنا قسمين..

 

القسم الأول، لا يثق في  تأكيد المسئولين بمصر أنها خالية حاليا من الكورونا.. ولعل هذا عائد إلي غياب الشفافية بشكل عام  منذ عقود، وربما ليس له علاقة بالحكومة الحالية بقدر ما له علاقة بتاريخ طويل من الكذب لحكومات سابقة..  مثل أهل المدينة التي كان فيها رجل يصرخ كل ليلة أنقذوني الذئب يأكلني، فيهرعون إليه فيجدونه يكذب، حتي كانت الليلة التي هاجمه الذئب ليأكله فلم ينقذه أحد.. فاستعادة الثقة بين الشعب والحكومة تحتاج إلي وقت وجهد وقبل كل هذا مصارحة..

 

اقرأ أيضا: مصر والعلاقات الاستراتيجية لفرنسا في الشرق الأوسط

 

وليس من المنطقي أن يتمني البعض أن تفشل الحكومة في السيطرة علي الفيروس -إن ظهر- لمجرد إثبات انها فاشلة،  فنجاحها لا يعني أنها أعظم حكومات العالم ولكنه يعني أننا سنكون بخير وهذا هو الأهم علي الإطلاق.. ولا داعي لانتظار ظهور الفيروس بفارغ الصبر فلن تكون هناك جائزة للدولة الأكثر إصابة به.

 

القسم الثاني، هو الرافض تماما لفكرة احتمال الإصابة بالفيروس، وكأن العالم كله سيصاب أما نحن فنعيش في بقعة غير مرئية وأن الإصابة به إهانة.. إن كانت هناك إهانة فهي أن نكون بهذا المستوي من الوعي المتدني.  

 

اقرأ أيضا: سأقود موتوسيكلا (3)

 

مصر هي نحن.. الشعب.. وما كانت أعظم حكومات العالم لتحقق شيئًا بدون شعوبها.. ولهذا وجب علينا أن نتساند في مواجهة وباء بالعمل جديا علي الوقاية منه، حتي لا تنتشر العدوي، حتي وإن كانت نسبة الشفاء منه كبيرة لكنه يمثل خطورة علي شعب به نسبة كبيرة من الأمراض المزمنة كالضغط والسكر.. والخيارات أمامنا إما أن يحارب كل منا لأجل “الإيجو” الخاص وهو الذات المزيفة وننهزم، وإما أن ندعو إلي الخير والوقاية ونحارب معا للبقاء وهذا هو الأهم..  

 

Advertisements
الجريدة الرسمية