رئيس التحرير
عصام كامل

الإخوان.. وحروبهم النفسية


ظهر للمُحللين والقُراء، كم الضعف الذى يُعانيه الإخوان، عندما يعملون فى النور، ويكتسبون قوتهم فقط، من ألعاب التآمر والعبث فى الظلام، كالفئران، إلا أن الجماعة وبسبب ضعفها، تنتهج أساليب، تصور للبعض أنها قوية، رغم استمرار ضعفها، وهو سلاح "الحرب النفسية" والتأثير على نفسيات المواطنين.


ومن المعروف أن قبول الناس للشائعات المروجة، يكون أكبر، وقت الأزمات والإحباطات العامة، فى أى بلد، وبالذات مع وجود أحزاب مدنية ضعيفة، وأغلبية من النُخبة التى تضل طريقها بشكل مُستمر.

والإخوان، يعوضون نقص عددهم الطاغى، بصوتهم العالى وتهديداتهم الفجة، بحيث يصورون للإنسان الذى يُتابعهم، أنهم يستندون بالفعل إلى قوة حقيقية، تُتيح لهم ما يفعلون، وهى الصورة الذهنية، التى يُراد لها أن تنتشر فى صفوف المواطنين من قبلهم.

 وهكذا، يُبالغون فى التهديد والصوت العالى أو حتى التحدث بثقة، وكأنهم منتصرون، ومع المتابعة، أُدرك كلما علا صوتهم، أنهم يتخبطون بينما هم أساساً، فى أحلك فترات الظلام ويُعانون ضعفاً شديداً من داخلهم!!.

إنهم يقومون فى أوقات كثيرة أيضاً، بالتمسح فى المؤسسات المفصلية فى الدولة، ليصوروا للناس أنهم قد تغلغلوا فيها وأثروا فى بُنيتها، مثلما هو الحال فى تصريح صبحى صالح، حول أن "الجيش يحتضن الدستور الجديد"، وهو يعلم تماماً، أن الجيش ليس له أى دخل فى السياسة، وأن هذا الكلام الهدف منه فقط، هو تصوير الجيش وكأنه موافق على الشكل الفج الذى مرروا به دستورهم، فيتصور العامة أن الجيش يوافق على سياستهم، بينما اتضح أن الجيش يؤيد الشرعية، التى هى بيد الشعب فوق أى فصيل أو تيار فى الدولة!!.

وكان تغيير سيادة الوزير؛ اللواء أحمد جمال الدين، تعبيراً فجاً عن رغبتهم فى التدليل، بأنهم يسيطرون على الأحداث، بينما قادة الشرطة لا تحترم أى شخص فى مكتب الإرشاد، وتنظر إليهم على أنهم خونة، إلا أن تلك الشرطة، تحترم الشرعية الممثلة فى الشعب، وطالما أن الشعب ارتضى ما يحياه، ولم يثُر عليه، فإن الحال يبقى على ما هو عليه، فى احترام سيادة القانون وأحكام قضائه.

 كان تغيير أحمد جمال الدين، نابعا عن كونه شوكة فى ظهر مرسى وجماعته، رغم كفاءته فى عمله، وفى الوقت نفسه كان التغيير، لجعل الناس يظنون أن مرسى أو الجماعة بيدهم القرار، ولكن كما قال سيادة اللواء جمال الدين، فإن وزير الداخلية يروح ويأتى غيره، ولكن الداخلية وقادتها باقون، وهم أحد الأعمدة المهمة فى الدولة المدنية!!.

وتُحرك الجماعة مجموعات من الأفراد العاملين فى مليشياتهم الإلكترونية، لنشر الشائعات المغرضة على النت فى صورة أخبار، بينما يظهر أنها مُزيفة، نتيجة أنها لا تُنشر إلا على مواقع مشكوك فى صحة ما تنقله، كما تقوم تلك المليشيات بالتعليق على الأخبار والمقالات المختلفة، للتأثير على الرأى العام، فإن كان الخبر أو المقال مقروءا ومؤثرا دخلوا وعلقوا عليه تعليقات كثيرة، بالسخرية والهجوم أو بالتقليل من شأن ما هو مكتوب فيه، فيظن من يهتمون بالتعليقات، وكأن الأغلبية من الناس تعتقد بموقف من يعلقون.

وتنتشر المليشيات الإلكترونية على الفيس بوك أيضاً، حيث يقوم أصحابها بتمثيل دور شخصيات مدنية وهمية، ويعلقون طيلة الوقت تعليقات مدنية، حتى إذا ما مرت مصر بأزمة ما وخلاف بين الإخوان والمدنيين، فإن هؤلاء يعلقون بتعليقات مُحبطة للمدنيين كى يظهروا أن الإخوان سينتصرون لا محالة، للتأثير النفسى على من يقرأوا لهم.

إلا أنهم يدركون جيداً ضعف موقفهم، واهتزاز قادتهم، الذين يصرخون بداخل الغرف المغلقة، وتصيبهم نوبات صرع قوية، نتيجة لفشلهم الذريع فى إدارة الدولة، لأنهم ليس لديهم أدنى حلول للخروج من الأزمات المستعصية التى تعانيها مصر، حتى إن خيرت الشاطر يعتمد على شركات العلاقات العامة الأجنبية لتساعده على تحسين صورة الحكومة، بينما كان من الأفضل له أن يسأل الخبراء المصريين، ولكنى بالفعل على يقين بأن أغلب الشُرفاء ليسوا على استعداد أبدا لأن يتعاونوا مع الخونة!!.

إن الإخوان يحاولون التأثير النفسى على الناس، من خلال كل الطرق الممكنة، ولكنهم دوما يفشلون، لأن هدفهم، ومن منطلق أدبياتهم عبر العصور، لم يكن أبداً، خدمة مصر ولا المواطن، بل وليس تطبيق الشريعة أيضاً، ولكن "التكويش" على السلطة لمصلحتهم فقط ، وتشويه الخطاب الدينى للإسلام، كما هو ظاهر فى القنوات الدينية التى تُكرس للسب والتلفظ بالفُحش من الكلام.

ولكن لأن الكثير من الناس فى مصر لا يقرأون، وعلى وجه الأخص هؤلاء، ممن يدعون أنهم نُشطاء فى السياسة أو من يدعون العلم من الثوار، فإنهم اختاروا مرسى، (وكان هذا معناه أنهم انتخبوا الإخوان لرئاسة مصر)، بينما يجهلون تاريخهم وتاريخ مصر فى أغلبه، فحق عليهم أن يتعذبوا بنار الإخوان، وبخدعهم النفسية، بينما هؤلاء الإخوان خاوون من داخلهم!! فمهما فعل الإخوان، يظل مصيرهم السقوط، لأن من يواجههم، يفهمهم جيدا ويُلاعبهم بأقوى مما يتصورون، ولكن تظل غفلتهم وغرورهم، أكبر من أى شىء!.

ويمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين، وتبقى مصر أولاً دولة مدنية.
الجريدة الرسمية